الإثنين 09 تشرين أول , 2023 03:56

مفهوم النصر: التحدي الاستراتيجي أمام الكيان المؤقت

طوفان الأقصى

وضعت عملية "الطوفان الأقصى" أمام الكيان المؤقّت تحدّيات عدّة في تقديم استجابة تتناسب مع حجم الإنجازات البطولية من قبل المقاومة الفلسطينية. تحدّد هذه الورقة سقف مستوى "النصر" الذي يمكن أن يطمح إليه العدو بلحاظ أصل الحاجة لديه. وهي تطرح لذلك أربعة أبعاد يتمحور حولها جوهر المشكلة الإسرائيلية في تحديد طبيعة الاستجابة ونوعها في سياق رسم سقف "النصر" المنشود:

1-تحقيق الردع ومنع إمكانية التكرار

 2- ضبط القدرة على تجاوز المقاومة الخطوط الحمراء

3- ضبط القدرة على المباغتة الاستراتيجية

 4-والقضاء على التهديد

تحقيق الردع، ومنع إمكانية التكرار

الأهمية:

-يشكل الردع الضمانة الأساسية لبقاء واستمرار الكيان

-لا يمكن ترميم الثقة المفقودة مع الجمهور الإسرائيلي إلا ببناء جدار حصين تجاه التهديدات التي شكّلتها عملية "الطوفان الأقصى" (المباغتة؛ كسر الخطوط الحمراء؛ ضرب الأمن الإسرائيلي..)

-يقتضي ضرورة استعادة الأمن المفقود لطمأنة المستوطنين واستعادة الشعور بالأمن الشخصي.

-منع جبهات المقاومة من استغلال انشغال المؤسسة العسكرية على جبهة غزة، لتنفيذ ضربة قاضية.

-ترميم جزئي لصورة الجيش الذليل والمهزوم، داخلياً وعالمياً، واستعادة جزئية لمفردات القوة التي سلبتها المقاومة في هذه العملية.

-لجم التأثيرات غير المباشرة التي قد تطال مسار التطبيع الجاري، فالكيان بحاجة إلى تقديم إجابات مقنعة بصفته متعهداً بتوفير تحالفات دفاعية، وإعادة اثبات نفسه كرادع حقيقي في المنطقة، بعد الصورة التي صدرتها المقاومة بأنه عاجز عن تأمين الحماية لمستوطنيه من بضعة مقاومين.

كيفية تحقيقه:

الردع يتعلّق بإقناع الطرف الآخر بارتفاع التكلفة مقابل الأرباح وليس تدميره تجنّبًا للانزلاق بحرب أكبر، لذا قد يكون عبر الكيفيات التالية:

-محاولة استعادة صورة الجندي الإسرائيلي والقدرات التكنولوجية والأمنية والعسكرية عبر إيصال رسالة بأن التكلفة ثمنها غير قابل للتحمل، بما أن العدو يستحوذ على التفوق العسكري.

-ضرب البنى التحتية للمقاومة في غزة، بضرب مراكز الثقل، بهدف وقف إطلاق الصواريخ، والقضاء على مصدر النيران.

-ضرب كل بنك الأهداف من أماكن وشخصيات.

-مجازر دموية، تركز على المدنيين والأطفال بما يعوّض نسبيًّا ما جرى على المستوطنين من جهة، ويخفت الجانب النفسي والمعنوي لدى الفلسطينيين، من جهة أخرى.

-تدمير شامل، بالتزامن مع سقف ضاغط على المستوى المعيشي لجهة إقفال المعابر وقطع المساعدات، الحصار على العمالة الفلسطينية، بغية سلب غزة أدوات الصمود أو التعافي وجعلها بقعة غير مؤهلة للاستمرار أو العيش.

-سيتوجب عليه، قطع الطريق على محور المقاومة لإلغاء فكرة المساندة والوحدة في عقلية الفلسطيني.

-سيلجأ العدو إلى حرب نفسية وإعلامية مضادة، للتأثير على الإرادات، وتأمين الحشد الدولي كغطاء شرعي في العملية المضادة.

-سيتوجب عليه إظهار مستوى عال من القدرة على تنفيذ انتقام يكسر فيه بعض الخطوط الحمراء في مقابل ما كسر، لكن محدد بسقف الحفاظ على القدرة على الاستدارة عند الاضطرار.

العقبات والكوابح:

-هامش المناورة بالدخول بعملية طويلة لاستنفاذ بنك الأهداف أو تأخير قدرات غزة الصاروخية ليس لصالحه لأسباب:

 1) جهوزية غزة واستعدادها بطبيعة الحال قبل الدخول في العملية؛

 2) صعوبة التدخل العسكري المباشر في غزة نتيجة البنية العمرانية والجهوزية القتالية وعدد المقاتلين؛

3) صعوبة القيام بعمليات إنزال جوي أو ابرار نتيجة ضيق هامش المناورة في غزة؛

 4) الاستنزاف والإيلام سيكون للطرفين؛

 5) التوجّس الإسرائيلي من ردة فعل الضفة والوسط والداخل الفلسطيني؛

 6) الأخذ بعين الاعتبار جهوزية المحور، وترصده الدقيق للفرصة الاستراتيجية للدخول في الحرب الشاملة.

-ضغط نسبي من الشارع العربي قد ترتفع نجاعته ويأخذ مسارات جديدة في الضغط بحسب مسار الحرب والتطور في الأحداث.

ضبط القدرة على تجاوز المقاومة الخطوط الحمراء

الأهمية:

-كسر المعادلة التي استحدثتها المقاومة، بفعل غير مسبوق لا يوازيه في المستوى فحسب بل يتفوق عليه، للقضاء على عنصر الجرأة عند المقاومة في أي حدث مستقبلي.

-حصر المقاومة في دائرة المتوقع، لعدم استخدام عنصر المباغتة.

-حصر المقاومة في دائرة ردة الفعل، كي لا يُسلب الكيان من عنصر الجهوزية.

-ترميم جزئي لصورة الجيش الذليل والمهزوم، داخلياً وعالمياً.

كيفية تحقيقه:

-استهداف نقاط ثقل خارج فلسطين تمثل مزايا استراتيجية لمحور المقاومة.

-اغتيال القائد العسكري في حماس، أو تنفيذ اغتيالات على مستوى الأمناء العامين.

-ضربات استباقية، سريعة وعميقة التأثير على الجمهور الإسرائيلي وبنية المقاومة.

العقبات والكوابح:

-إذا كان الكيان يعتمد على قدراته وتفوقه العسكري في نسف الخطوط الحمر على جبهة غزة، فإنه سيصطدم بمعادلة ردع على الجبهة الشمالية سيضطر فيها إلى التعامل مع أي خطوة بحذر كبير، وإن كان حجم العملية يتطلب رداً أقوى يمكنه من الخروج بإنجاز، إلا أن هناك خطوط حمر فرضها حزب الله لن يسمح بتجاوزها، عبر استخدام ساحة لبنان لتسجيل نقاط انجاز.

-يدرك الكيان أنه لا يمكن ضمان عدم الانجرار إلى حرب شاملة لا يريدها، إذا كان هناك قرار من المحور، لذا فخطوات العدو محكومة للسير ما بين الألغام.

ضبط القدرة على المباغتة الاستراتيجية

الأهمية:

القضاء على عنصر المباغتة من شأنه استعادة الشعور بالأمن لدى المستوطنين.

-ستر ثغرات الكيان، وسلب المقاومة القدرة على استغلال أي ضعف في الجهوزية والتحرك.

-حصر المقاومة في دائرة المتوقع والممكن، مما يسهل عملية اللجم وحسم المعارك.

كيفية تحقيقه:

-أخذ العبر، والعمل على تصويب التقديرات الأمنية في قراءة نوايا المقاومة، وهو ما فشل العدو بتحقيقه، إذ عول على عدم نية حماس والمقاومة الدخول في أي تصعيد عسكري.

-سد الثغرات التي تكشفت: عامل الجهوزية- العامل الاستخباراتي- تدريب الجبهة الداخلية- سرعة التحرك ورسم الخطط.

-سلب أدوات القوة، وتقويض القدرات العسكرية لتنفيذ أي عملية مفاجئة.

-القيام بمباغتة استراتيجية مكافئة خلال المواجهة أو بعدها.

العقبات والكوابح:

-القضاء على الأرضية العسكرية، وسلب مقومات القوة، يعني استئصال حالة المقاومة في غزة وبالتالي المس بالخط الأحمر لدى محور المقاومة والذي يستدعي انضمام الجبهات، فما بين إنهاء الحالة وسلب عناصر التعافي لنزع القوة العسكرية، وبين عدم إعطاء محور المقاومة الذريعة للتدخل، يضيق هامش الوصول إلى الهدف.

-مشكلة اتخاذ قرار هجومي واسع في ظل الثغرات الاستراتيجية والبنيوية التي انكشفت.

القضاء على التهديد

الأهمية:

-تحقيق الردع المطلوب لدى العدو.

-استعادة الأمن الشخصي للمستوطنين.

-ترميم الهيبة وصورة الكيان.

كيفية تحقيقه:

-استئصال أرضية المقاومة، وتدمير قوتها العسكرية بشكل كامل. وبالتالي إلغاء مصدر التهديد.

-العمل على تنفيذ خطة استراتيجية لمنع نشوء مصادر نيران وتهديد جديدة على الجبهات المختلفة، وقطع الرابط المفعل للتدخل العسكري.

-تنفيذ اغتيالات بحق الأمناء العامين للفصائل، أو أحد قادة حماس العسكريين.

-العمل على نسف أرضية التعافي في غزة، وإغلاق كافة الممرات التي من شأنها النهوض بالحالة المقاومة.

العقبات والكوابح:

-استئصال أرضية المقاومة وتدميرها يعني المس بالخط الأحمر لدى محور المقاومة والذي يستدعي انضمام الجبهات، فما بين إنهاء الحالة وسلب عناصر التعافي لنزع القوة العسكرية، وبين عدم إعطاء محور المقاومة الذريعة للتدخل، يضيق هامش الوصول إلى الهدف.

-لا يملك الكيان ضمانة عسكرية أو سياسية لحصر رقعة الاقتتال الجغرافية أو في التحكم بالزخم العسكري أو حتى المدى الزمني، خاصة أن المؤشرات كلها تؤكد أنه غير قادر على الذهاب نحو سيناريو حرب شاملة متعددة الجبهات. 


المصدر: مركز دراسات غرب آسيا




روزنامة المحور