الإثنين 30 تشرين أول , 2023 02:43

المسؤولون الاسرائيليون: اجماع على الفشل والخلاف حول مَن يتحمل المسؤولية

نتنياهو وغانتس

يبدو أن حكومة "الطوارئ" التي شكّلها كيان الاحتلال، قبل أيام للإشراف على "حرب شاملة على قطاع غزة"، منقسمة حول الاستراتيجية والأهداف. إذ أن التوتر بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والجنرالين البارزين الآخرين يوآف غالانت وبيني غانتس، يخلق حالة من التشتت تجعل من المساءلة وتحمل مسؤولية الفشل هو المحدد الرئيسي لأي قرار يُتخذ، وكأنه أصبح قدراً لا مفر منه.

جاءت الحرب في سياق لا يشبه أي سياق آخر شهدته إسرائيل في تاريخها، اتسم بانقسامات عميقة في الشارع الإسرائيلي، وخلافات متزايدة بين المستوى العسكري والحكومة، وانهيار ثقة الجمهور بالحكومة وقائدها.

وورد أن مسؤولين عسكريين وأمنيين حذروا نتنياهو في أوائل آب/ أغسطس من الآثار التي يمكن أن تحدثها الخلافات السياسية على استعداد الجيش لأي صراع محتمل، معربين عن قلقهم الشديد إزاء نقص المتطوعين لقوات الاحتياط، وقالوا إن هذا يضر بجوهر قدرات الجيش وتدريبه.

 خلال اجتماع خاص، عرض رؤساء الأركان على نتنياهو بيانات حول نقص جنود الاحتياط المتطوعين، وخاصة في سلاح الجو، وما نتج عن ذلك من مؤهلات سيئة. كما ناقشوا تدهور الردع الإسرائيلي، وخاصة في مواجهة حزب الله.

حينها، عرضت القناة 12 الإسرائيلية خلال برنامجها الإخباري الأسبوعي الرئيسي، صورة لنتنياهو، وزير دفاعه وقائد جيشه، على خلفية تظهر أسلافهم في عام 1973. ومن الواضح أن هذا كان يهدف إلى المقارنة بين الفترتين، وإلقاء اللوم بشكل استباقي على نتنياهو في أي فشل قادم.

هذا الخلاف الذي ظهر إلى العلن بشكل فاضح، مدفوع بخلافات شخصية وعسكرية وسياسية وأيديولوجية ظهرت قبل بدء الحرب بوقت طويل، وسيترك أثره بالفعل على المرحلة اللاحقة بعد الحرب.

بالنسبة لغانتس، فإن الضغينة التي يحملها ضد نتنياهو بعيد انتخابات عام 2020، لم تبرد بعد. عندما انفصل بحماقة وتهوّر -بحسب صحيفة هآرتس- عن ائتلافه الكبير من أجل الانضمام إلى حكومة ائتلافية بقيادة نتنياهو، ليتعرض للخيانة من قبل رئيس وزراء ولطعنة بالظهر.

والأمر نفسه بالنسبة لغالانت، الذي أقاله نتنياهو من منصب وزير الدفاع في آذار/ مارس 2023 لتشكيكه في سلامة أجندته التشريعية المتطرفة وآثارها على الأمن القومي. وعلى الرغم من أن نتنياهو تراجع عن قراره تحت الضغط بعد بضعة أسابيع، إلا أن الرجلين لم يدفنوا الأحقاد.

من الناحية العسكرية، لا يثق الجنرالات في نتنياهو وأتباعه في الحرب. وتشير صحيفة هآرتس في هذا الإطار، إلى أن الثقة بين الجانبين باتت شبه معدومة "إنهم لا يثقون في دوافعهم وأهدافهم التي تجعل الحرب مجرد استمرار لسياساتهم من خلال العنف. وهم يعتقدون أن نتنياهو، رئيس الوزراء الفاشل الذي تحول إلى زعيم في زمن الحرب، مشغول باستعادة إرثه أكثر من ضمان أمن البلاد. ولكن بما أنهم كانوا عالقين معه كرئيس للوزراء، كان على الجنرالات أن يكتفوا باستبعاد وزرائه الأكثر تعصباً من حكومة الحرب".

من ناحية أخرى، وفي الوقت الذي أبدى قادة المؤسسة الأمنية وعدد من الجنرالات تحمل مسؤولية ما جرى يوم 7 أكتوبر، يرفض نتنياهو ذلك. متجهاً نحو إطالة أمد الحرب للهروب من مأزق المحاسبة والاغتيال السياسي بعيد اتفاق وقف إطلاق النار، نتيجة الفشل غير المسبوق الذي ضرب مفهوم الردع الإسرائيلي.

وتنتقد صحيفة جيروزاليم بوست الخلافات المتزايدة بين المؤسستين السياسية والأمنية العسكرية وتقول في تقرير لها، أن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنه سيجيب على الأسئلة بمجرد تشكيل لجنة حكومية للتحقيق في الخطأ الذي حدث، بعد انتهاء الحرب. وقد رفض، حتى الآن، تحمل المسؤولية المباشرة، وفي ظهور مشترك مع وزير الدفاع يوآف غالانت والوزير بيني غانتس ليلة السبت، رفض تقديم إجابات مباشرة على أسئلة وسائل الإعلام حول مسؤوليته المزعومة. في الوقت نفسه، وراء الكواليس، ينخرط نتنياهو في حملة شرسة لا هوادة فيها، من خلال المدير العام لمكتبه، يوسي شيلي، وأشخاص آخرين من حاشيته، حيث يتم إلقاء اللوم على كبار قادة قوات الأمن".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور