الخميس 14 كانون الاول , 2023 04:18

لا جدوى من إغراق الأنفاق في غزة

عملية ضخ مياه البحر الى أنفاق غزة

بدأ الكيان المؤقت الثلاثاء الماضي، عملية ضخ مياه البحر الى الأنفاق في غزة، والتي يظنّ العديد من المسؤولين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين والأمريكيين، بأنها ستشكّل فكرةً رائعةً ستقضي على هذا المشروع الضخم خلال أسبوعين، مع العلم بأن تاريخ إنشاء هذه الأنفاق لا يعود إلى عدة سنوات فقط، بل إلى أكثر من 4 عقود.

وبحسب تقرير سابق لصحيفة وول ستريت جورنال، نقلا عن مسؤولين أمريكيين، فإن كيان الاحتلال الإسرائيلي قام بتجميع نظام كبير من المضخات (تحدّث التقرير عما لا يقل عن 5 مضخات)، التي يمكن استخدامها لغمر الأنفاق التي تستخدمها المقاومة الفلسطينية تحت قطاع غزة، في محاولة منهم لدفع المقاومين الى تركها والخروج منها. وذكر التقرير بأن المضخات وضعت على بعد حوالي ميل شمال مخيم الشاطئ للاجئين، وأنه يمكنها نقل آلاف الأمتار المكعبة من المياه في الساعة، مما يؤدي إلى إغراق الأنفاق في غضون أسابيع حسب زعمهم.

خطة لا جدوى منها

_ يعدّ الهدف الأول لهذه الخطة هو في سياق الحرب النفسية ضد المقاومة وشعبها (علّه يؤثر ذلك)، لأن الإسرائيلي يعلم بأن الأنفاق الموجودة تحت القطاع، من الصعب مواجهتها بهذه الطريقة نسبة لحجمها الكبير الذي يقارب حوالي 400 كم، مصممة بطريقة معقدة، وبطرق هندسية تمنع من تضررها بالإغراق، كما تتضمن أبواباً وحواجز معدنية واسمنتية، ولا يعلم هذه الشبكة وخباياها الا القلة القلة. لذلك سيكون لعرض فيديوهات الإغراق تأثيره في رفع معنويات المستوطنين، لكنه بالتأكيد لن يؤثر في المقاومين أو في المناصرين، لأنه تم الأخذ بعين الاعتبار احتمال لجوء إسرائيل في وقت من الأوقات الى هكذا احتمال، والذي قد سبق للدولة المصرية تجربته في إغراق حوالي 37 نفق عند حدود مصر مع القطاع.

_ إن الأنفاق المهمة للمقاومة، لا تبدأ إلا من بعد مسافة بعيدة عن شاطئ البحر حوالي 1.5 كم، لأن المنطقة القريبة من الشاطئ يصعب الحفر فيها من جهة، كما ستكون معرضة للانهيارات بسبب تسرب مياه البحر إليها. وعليه سيواجه الاحتلال صعوبة كبيرة في نقل مياه البحر الى هذه المسافة، وتشير الحسابات التقريبية لأحد المتخصصين، إلى أنه إذا تم استخدام أنبوب واحد لكل من الأنفاق الـ 11، مع ضخ كل أنبوب بمعدل متحفظ للغاية يبلغ 100 جالون في الدقيقة، فسوف يستغرق الأمر حوالي 7 أشهر ونصف لملء جميع شبكات الأنفاق الـ 11.

جريمة حرب جديدة

من ناحية أخرى تشكّل هذه الخطوة الإسرائيلية جريمة حرب موصوفة أخرى بحق الشعب الفلسطيني، تزيد خطورتها عن جريمة تعريض أسراها لاحتمال الموت غرقاً، لأنه هذه الخطوة ستؤثر بلا شك على المياه العذبة الجوفية الموجودة تحت القطاع، وبالتالي زيادة خطر إصابة المدنيين بالعطش وخطر الجفاف.

وهنا لا بد التوضيح من أنه تعتبر 95% من المياه الجوفية تحت قطاع غزة، غير صالحة للاستهلاك منذ عام 2017. والسبب هو بأنها ملوثة على نطاق واسع بالمواد الكيميائية ومياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى تسرب المياه المالحة. وعليه قد يؤدي إغراق الأنفاق الى تضرر ما نسبته 5% من المياه الجوفية الصالحة للاستخدام!!

من جهة أخرى، وبالرغم من إعراب بعض المسؤولين الأمريكيين عن دعمهم لمثل هذه الخطوة، إلّا أنها أثارت مخاوفهم من أن تؤدي الفيضانات إلى مقتل الأسرى الموجودين لدى فصائل المقاومة. وهذا ما تحدّث عنه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن مؤخراً، حينما قال بأنه لا يستطيع تأكيد ما إذا كان أي من هؤلاء الأسرى (من بينهم أميركيون)، ما يزالوا في الأنفاق: "فيما يتعلق بغمر الأنفاق، هناك تأكيدات بأنهم [إسرائيل] متأكدون تمامًا من عدم وجود رهائن في أي من هذه الأنفاق. لكنني لا أعرف ذلك على وجه اليقين".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور