الخميس 15 شباط , 2024 03:51

هكذا تساعد الامارات إسرائيل!

توازياً مع الحصار البحري الذي فرضه اليمن على كيان الاحتلال، توّلت بعض الدول العربية مهمة تأمين شريان "تنفس اصطناعي" لإسرائيل، ومدّها بأسباب الصمود لارتكابها مزيد من المجازر الجماعية بحق المدنيين والأطفال في غزة. هذه الخطوة التي تبدو متوقعة من الامارات، تأخذ طابعاً خطراً في ظل الحرب القائمة ولجوء الفلسطينيين إلى ربط بطونهم بالحجارة هرباً من الشعور بالجوع. حيث يوصل الخط البري ميناء دبي بميناء حيفا ويمر عبر السعودية والأردن، ورغم نفي الأخيرة وحياد الرياض عن الادلاء بأي تصريح أو توضيح توثق الكاميرات العبرية والغربية دخول الشاحنات إلى الأراضي المحتلة.

تعتمد إسرائيل في صادراتها ووارداتها على التجارة البحرية. على الرغم من أن حيفا وأشدود هما أكبر موانئ الكيان، إلا أن ميناء إيلات على البحر الأحمر له دور رئيسي في التجارة ويربط الأراضي المحتلة بأسواق شرق آسيا.

ويشير البروفيسور إلياكيم بن حاكون من كلية الهندسة الصناعية والإدارة في المعهد الإسرائيلي للتكنولوجيا إلى أن حوالي 99% من البضائع تصل إلى إسرائيل عن طريق البحر، وحوالي 40% من الشحنات التي تدخل الكيان تمر عبر قناة السويس. وإذا أرادت السفن الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، ستتكبد تكاليف إضافية تتراوح بين 400 ألف دولار إلى مليون دولار لكل سفينة.

على الرغم من أن كيان الاحتلال ينتج جزءاً من مواده الغذائية، إلا أنه يعتمد بشكل أساسي على الواردات لسد معظم احتياجاته من المنتجات الاستهلاكية. في الأسابيع الأخيرة، ذكرت وسائل الإعلام العبرية أن العديد من محلات السوبر ماركت تواجه نقصاً واضحاً في السلع، حيث يلجأ العديد من المستهلكين إلى تخزين المواد الغذائية بسبب المخاوف من الحرب الطويلة. 

من ناحية أخرى، تؤكد مؤسسة راند للدراسات، على أن "التكاليف الاقتصادية التي يمكن أن تتسبب في خسارة إسرائيل حوالي 400 مليار دولار على مدى العقد المقبل، تهدد مستقبل الكيان الاقتصادي". 

أمام هذا الواقع، اختارت الامارات ان تتخذ دوراً فاعلاً في الحرب، لكن ليس إلى جانب معاناة الفلسطينيين الذين يتعرضون لمختلف أشكال الموت، بل إلى جانب كيان الاحتلال للحفاظ على الحد الأدنى من الرفاهية مع إصرارها على ادخال الآلات الكهربائية والفلفل والدبس، بحسب ما رصد شريط فيديو لمراسل إسرائيلي يتحدث مع أصحاب الشاحنات على الحدود الأردنية عند معبر الملك حسين الحدودي، مستفسراً عن محتوى الشاحنات.

وكشف موقع "واللا" الإسرائيلي إلى جانب منصات عبرية أخرى كصحيفة معاريف، أنه تم إطلاق ممر بري يبدأ من موانئ دبي ويصل إلى إسرائيل بعد 2000 كيلومتر عبر السعودية والأردن، أي ما يقارب 4 أيام.

وكانت وزيرة النقل والسلامة على الطرق الاسرائيلية ميري ريغيف قد أعلنت في كانون الثاني/ يناير أن إسرائيل تعمل على خطة لتمكين نقل البضائع من الهند عبر أبو ظبي عبر طريق نقل بري إلى إسرائيل لتجاوز البحر الأحمر "الذي يهدده الحوثيون".

وتفيد التقارير العبرية بأن الشحنات تُنقل بواسطة شاحنات، ولهذا الغرض، أنشأت إسرائيل تطبيقاً يسمى TruckNet ويهدف إلى تشجيع سائقي الشاحنات والمحتاجين إلى خدمات النقل البري على استخدام موانئ دبي كبديل للنقل البحري عبر البحر الأحمر.

ويكشف الرئيس التنفيذي لشركة مينتفيلد، عمر إزهاري لتايمز أوف إسرائيل، أن "البضائع، وهي تشق طريقها عبر المملكة والأردن، لا يتم تتبعها على أنها بضائع متجهة إلى إسرائيل أو إسرائيلية لأنها تمر عبرها حتى تصل إلى ميناء حيفا. وكثيرا ما يستخدم هذا الإجراء، المعروف باسم إعادة الشحن، عندما لا يكون هناك اتصال مباشر بين ميناءين، وبالتالي يلزم تفريغ البضائع من سفينة واحدة ونقلها إلى وسيلة أخرى لنقل البضائع عن طريق البر أو السكك الحديدية لإكمال الرحلة".

ويشير الاعلامي اليمني، محمد القاعدي، في حديث لموقع "الخنـادق" إلى أن هذه الخطوة تأتي "ترجمة للموقف الخليجي وتحديداً موقف الامارات والسعودية الداعم للكيان الصهيوني، والذي يتعاطى مع المقاومة الفلسطينية على أنها جماعات إرهابية". مضيفاً انه "نظراً للعمليات الناجحة والفاعلة التي قامت بها القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر وفرض حصار بحري على العدو الإسرائيلي أدى إلى نقص في المواد الغذائية وأزمات داخل الأسواق الإسرائيلية وقدمت هذه الدول خدماتها وفتحت موانئها لاستقبال السفن الإسرائيلية وايضاً فتحت خط بري يمر عبر السعودية والأردن وصولاً إلى الكيان، وهذه جريمة بحق الامة والمقاومة الفلسطينية".  وأكد القاعدي في حديثه، "اننا نعتبر انها مشاركة فعلية في الإبادة الجماعية التي يتعرض لها سكان قطاع غزة".

يُعد إطلاق هذا الممر فاتحة للممر الاقتصادي الأوسع بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) الذي يسّهل التجارة من الهند إلى الموانئ الإسرائيلية، ومن هناك إلى أوروبا عبر اليونان. خلال العام الماضي، طرحت الولايات المتحدة فكرة هذا الممر لخلق منافس لمبادرة الطريق والحزام الصينية في الشرق الأوسط ولتعزيز صفقة التطبيع بين السعودية وإسرائيل.

وبموجب هذه الخطة، سيتألف هذا الممر من جزأين منفصلين؛ الممر الشرقي من الهند إلى ميناء دبي في الخليج والممر الشمالي من الخليج إلى أوروبا عبر سكك حديد في السعودية والأردن وإسرائيل. وعلى الرغم من نفي الأردن كل ما ورد من تفاصيل عن هذا الممر، لم ترد الامارات والسعودية على طلب القيادي في حركة حماس، أسامة حمدان، بالتوضيح. وقال حمدان، في إطار الرد على سؤال خلال مؤتمر صحفي، "طالبنا الدول ان توضح هذا الأمر، مع الأسف. لم نسمع حتى الآن توضيحاً". داعياً "أبناء هذه الدول وشعوبها إلى التحرك ووقف هذا الخط بكل الطرق السلمية الممكنة وقطع الطرق على الشاحنات". وأضاف "أنا اعتقد ان الاردن يشكل محطة مفصلية والشعب الاردني بعشائره وابنائه جميعاً قادر وهو المتضامن مع شعبنا في معركته". 

وفي هذا الإطار، نفذ الأردنيون سلسلة بشرية بدعوة من التجمع الشبابي الأردني لدعم المقاومة عند جسر النعيمة في إربد، على طريق الذي تسكله الشاحنات في طريقها إلى المعبر. 

يكشف إصرار كيان الاحتلال على إيجاد بدائل عن البحرين الأحمر والعربي عن نجاح العمليات العسكرية اليمنية في تحقيق أهدافها بخنق إسرائيل بحرياً. كما عن قصور واشنطن في تحقيق هدفها المتمثل في وقف العمليات. بالمقابل، فإن "ادّعاء الحياد" لدى هذه الدول سقط مع أول شاحنة عبرت الحدود، ووسمت هذه الأنظمة بالمشاركة الفاعلة والمؤثرة في الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وليس فقط التواطؤ والسكوت عن جرائم أداة القتل الإسرائيلية.  


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور