الجمعة 23 شباط , 2024 12:30

صمت النسويات عن معاناة الفلسطينيات: للتضامن معايير امبريالية

تتعرض النساء في فلسطين المحتلة إلى أبشع أساليب الاضطهاد والظلم وأقذر أنواع التعذيب خلال الحرب الإسرائيلية التي تدعمها الولايات المتحدة وتبذل جهداً لعدم ايقافها مستخدمة حق النقض الفيتو في مجلس الأمن لمرتين متتاليتين. لا يتلخص التخاذل والازدواجية والنفاق السياسي بموقف واشنطن وحدها، وقد لمست شعوب العالم خلال حروبها هذا الأمر، بل يمتد ليشمل أيضاً صمت الجمعيات والمنظمات النسوية الدولية، على اختلافها، على ما تتعرض له النساء الفلسطينيات من انتهاك في الحقوق والكرامة الإنسانية.

تحكي قصص الأمهات التي تمكّن موقع "ميديا بارت" الفرنسي من جمعها في قطاع غزة، عن كابوس لا ينتهي أبداً، حيث أشار إلى أن "النساء ضحايا غير مرئيات، ولكنهن يمثلن -وفقا للأمم المتحدة– غالبية الأشخاص الذين قتلوا أو جرحوا، أو أجبروا على ترك حياتهم بأكملها وراء ظهورهم".

منذ بداية الحرب على غزة، تغلغلت رواية مقلقة في وسائل الإعلام الغربية، وصورت إسرائيل كنموذج للحضارة يتناقض بشكل صارخ مع معقل التخلف الذي هو الشرق الأوسط. وتقول صحيفة ميدل ايست آي في تقرير لها، أن "هذا التحيز ليس بالأمر الجديد، وقد تضخمت في المملكة المتحدة من قبل وسائل الإعلام مثل UnHerd، حيث تواصل الدعاية الإعلامية التقليد المقلق المتمثل في تشويه المجتمع العربي. لكن كان من المقلق بشكل غير متوقع سماع مثل هذه التشوهات التي ترددها النسويات والناشطات البريطانيات...إذا كنت تتابعين نسويات بريطانيات معروفات على أمل إيجاد صرخة موحدة وتعاطف مع العنف الذي تواجهه النساء والأطفال الفلسطينيون، أخشى أن تصاب بخيبة أمل عميقة".

على الرغم من تحذير محكمة العدل الدولية من أن الهجوم الإسرائيلي على غزة يمكن أن يتسبب بإبادة جماعية، تصر الناشطات النسويات على صب الاهتمام والتضامن لناحية النساء الاسرائيليات، دون الالتفات إلى معاناة النسوة الفلسطينيات، اللواتي يتعرضن للاعتداءات المستمرة والتي لا يبدو أنها ستتوقف قريبا، ان كان في غزة او في الداخل المحتل أو داخل المعتقلات ايضاً.

وترى الصحيفة أنها "ليست هذه هي المرة الأولى التي تقصر فيها النسويات الغربيات. هذا النوع من النسوية، بتاريخه في تسليط الضوء فقط على القضايا المستساغة للأذواق الغربية، غالبا ما يتجاهل مخاوف النساء السمراوات".

في العقيدة التي تجاهر بها النسوية وتعتبر أحد أهم المبادئ لديها، أنها "تصدق الناجيات". إلا في فلسطين فإن تصديقهن تعني إدانة الجيش الإسرائيلي وهذا لا يمكن أن يحدث في بلاد الديموقراطية وحقوق الانسان. وهذا ما وصفته الصحيفة على أنه "يكشف عن ازدواجية مروعة في المعايير وفشل أخلاقي عميق".

الواضح، أن النهج الذي تعتمده هذه المنظمات والناشطات الداعمة لها، صورة منمقة عن "النسوية الامبريالية" التي تمتلك رفاهية انتقاء "السيدة المضطهدة" التي يمكن ان تقف إلى جانبها، بعد ان تخضع لفحص شامل بالمواصفات واذا ما كانت تتوافق مع المعايير الموضوعة وأهمها ألا تكون تختلف معهن سياسياً. نتيجة لذلك، نجد ان الناشطات البريطانيات قد أصبن بالذعر لوفاة الشابة مهسا أميني والتي كشفت التقارير الطبيبة أخيراً، أنها كانت وفاة طبيعية، لكنهن أنفسهن، يشاهدن معاناة النسوة في فلسطين على الهواء مباشرة، دون أن يكون لديهن رغبة في التعليق.

خبراء الأمم المتحدة من جهتهم أكدوا حقيقة تقارير تحدثت عما تتعرض له النسوة في فلسطين ومن مختلف الأعمار. وقالوا انهم صدموا من "الاستهداف المتعمد والقتل، للنساء والأطفال الفلسطينيين، في الأماكن التي لجأوا إليها، أو أثناء فرارهم. بعضهم كان يحمل قطعاً من القماش الأبيض عندما قتلهم الجيش الإسرائيلي".

وأعرب الخبراء عن قلقهم البالغ إزاء الاعتقال التعسفي لمئات النساء والفتيات الفلسطينيات، بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والعاملين في المجال الإنساني، في غزة والضفة الغربية منذ 7 أكتوبر.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور