الثلاثاء 05 آذار , 2024 01:55

النقلة الاستراتيجية لمحور المقاومة في تجربة طوفان الأقصى

محور المقاومة وطوفان الأقصى

خلال سنين الحرب على سوريا، ارتسمت ملامح تشكّل محور المقاومة، وازداد الحديث الغربي عنه تدريجياً، إلا أنه لم يكن هناك قدرة على تقييم نجاعة وقدرة هذا المحور في ذلك الوقت. لكن عملية طوفان الأقصى كانت الحالة التي من خلالها أظهر المحور قدراته وفعّاليته بشكل عملي أكثر من السابق، ودفعت هذه الحرب- المحور- للانتقال من مستوى إلى آخر مع تنامي التصعيد والتهديد.

هذا المقال يناقش النقلة الاستراتيجية لمحور المقاومة إزاء عملية طوفان الأقصى، من خلال تقييم العناصر التي شكّلت هذه النقلة. فما هي هذه العناصر؟

- المبادرة إلى الهجوم لأول مرة: طوفان الأقصى وما تلاها من عمليات إسناد من المحور، عُدَّ تحولاً استراتيجياً كبيراً نتيجة المبادرة إلى الهجوم التي خاضتها الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة في السابع من أكتوبر، والمبادرة لمختلف فصائل محور المقاومة بعد يوم العملية. هذا التحول الكبير والنوعي، أفقد بشكل مباشر العقيدة الأمنية الإسرائيلية نجاعة مرتكزاتها القائمة على الردع والإنذار المبكر وعنصر المفاجئة.

- الانتقال من الحروب التمهيدية إلى الحرب على أرض فلسطين: التحول في عنصر المبادرة وقيام المقاومة الفلسطينية ومختلف فصائل المحور بالمبادرة الهجومية الأولى، منع الكيان من نقل القتال إلى خارج الأراضي المحتلة، وهذا العامل ضعضع سياساته وخططه العسكرية، واضطر إزاء ذلك إلى اتباع تكتيكات عسكرية مغايرة، وأظهرت المعركة مدى الإرباك الذي لحق بالحكومة والجيش في إدارتهما للقتال.

- الانتقال من مواجهة الوكلاء إلى مواجهة الأمريكي: بادر المحور إلى إسناد قطاع غزة بشتى الوسائل الممكنة وبشتى الطرق، ولدقة الموقف وحساسيته، وبعد تقدير حاسم بأن الإدارة الأمريكية هي التي تدير الحرب وتعمل على استمراريتها، قام محور المقاومة بفصائله بالانتقال من استهداف وكلاء الإدارة الأمريكية في المنطقة إلى استهداف التواجد الأمريكي بشكل مباشر، نتيجة التأثير الكبير لذلك على القرار السياسي الأمريكي تجاه الحرب.

- إدارة الحرب متعددة الساحات: لم يسبق أن خاض محور المقاومة تجربة مماثلة لما يجري اليوم في المنطقة، إذ إن المحور بمختلف أضلعه يتشارك في عمليات إسناد القطاع وفي إدارة الحركة مع التغيرات التي تجري على المستويين السياسي والعسكري والتأثير على الاقتصاد العالمي بالشكل الذي يؤمن الضغط الكافي والمؤثر على القرارات الأمريكية والإسرائيلية المتعلقة بالحرب.

- فرض الحرب المنضبطة اللامتكافئة بالوتيرة المناسبة للمحور: بالمقارنة بين ما يمتلكه الكيان المؤقت من تجهيز وعتاد عسكري بالإضافة إلى الدعم غير المسبوق من الولايات المتحدة الأمريكية له، مع ما يمتلكه محور المقاومة فإن هذه الحرب يمكن تسميتها باللامتكافئة على صعيد القوة العسكرية، لكن فصائل المقاومة بإدارتها النوعية، استطاعت جعلها منضبطة بالشكل الذي يصبح عامل اللاتكافئ العسكري ضعيفاً وغير ناجع في حسم القتال.

- تجاوز العقبة التكنولوجية: لم تكتف أضلع محور المقاومة بمهاجمة الحضور الأمريكي أو الكيان المؤقت بالشكل العسكري الاعتيادي، بل إنها وبالتدرج بدأت بالكشف عن قدراتها العسكرية النوعية من خلال استخدام الصواريخ المتطورة والمسيرات والتكنولوجيا العسكرية المتقدمة، والحالتين الأبرز اللتان أثبتتا ذلك، اعتراض السفن الإسرائيلية والأمريكية من قبل اليمنيين في البحر الأحمر وحادثت إسقاط المسيرة الإسرائيلية هرمز من قبل حزب الله. إن هذه العمليات النوعية والمتطورة أثبتت أن المحور قد تجاوز العقبة التكنولوجية وأنه قادر على إلحاق ضرر كبير من خلال هذا التجاوز.

تشكل الحرب اليوم عقدة استراتيجية كبيرة بالنسبة للإدارة الأمريكية والكيان المؤقت، فالتخوف الكبير يكمن في تداعيات هذه الحرب والمستوى الي سيرتقي له محور المقاومة من بعدها، خاصةً بعد وضوح تماسكه وقدراتها العملياتية على إدارة ساحاته بالشكل المطلوب، وتكمن المشكلة في آثار هذه النقلة الاستراتيجية وتداعياتها على الكيان بشكل مباشر بعدما لمس مؤخراً التهديد الوجودي الذي يشكله المحور عليه، لذا فإن الكيان يبحث اليوم عن بديل لعقيدته الأمنية السابقة يضمن له مواجهة المحور ككل، فالنقلة الاستراتيجية نقلت الفصيل إلى مستوى محور، وهذا الخطر الأكبر الذي أدركه الكيان ويدفعه نحو تطوير عقيدته للمواجهة المستقبلية مع المحور أجمع.





روزنامة المحور