الجمعة 21 حزيران , 2024 01:21

وحدة الساحات في مواجهة القصور الإسرائيلي

وحدة ساحات محور المقاومة

ما كشفته المواجهة العسكرية حتى الآن، أن حسابات الكيان المؤقت وتحليلاته وتقديراته كانت خاطئة جداً إزاء قدرات جبهات المقاومة. فهو على ما يبدو كان يراهن على فعالية منظوماته الاعتراضية، وعلى إمكانية ردع قوى هذه الجبهات. ويبدو أن خطأ العدو في فهم التحديات المتنامية لوحدة الساحات دفعه إلى التورط في نفق مسدود، فأصبح يعبّر عن خيارات رغبوية لإزالة التهديد.

ونظرًا للتحديات العميقة والصعبة الذي يواجهها على مختلف الصعد، فإن الخيارات المطروحة كلها لا تزيل التهديد الوجودي الذي يتعرض له مقابل وحدة الساحات.

القدرة على هجوم واسع النطاق

من حيث المبدأ، ووفقاً لنمط تطور استراتيجية محور المقاومة، يمكن التأكيد على إمكانية وقدرة محور المقاومة على شن هجوم شامل على إسرائيل (وليس مجرد اعتماد سياسة دفاعية)، سواء من خلال وابل من الطائرات بدون طيار والصواريخ من كافة الجبهات (إيران، العراق، اليمن، لبنان، سوريا، غزة)، والذي سيصاحبه هجوم إلكتروني، بحيث يصبح نظام "القبة الحديدية" الدفاعي غير قادر على المواجهة الكاملة لمثل هذا العدد الكبير من الصواريخ. هجوم واسع النطاق قادر على ضرب وتعطيل القواعد الجوية والبحرية، ومراكز الجيش، والبنية التحتية في جميع أنحاء "إسرائيل".

يستطيع كيان الاحتلال أن يبدأ تلك الحرب، لكن الأهم هو كيف يديرها وينهيها. ومن المؤكد أنه لن يكون قادراً على حلها، بل أكثر من ذلك، فمن المرجح أن هذه الحرب ستصل حتمًا إلى كل شارع داخل "إسرائيل" نفسها.

وبالتالي فإن خوض كيان الاحتلال مواجهة متعددة الساحات، منفردًا، هو أمر معقّد، على المستويين السياسي والعسكري، وهنا الأمر لا يتعلق بإمكانية العدوان إنما بالقدرة على النجاح. إلا أنّ ذلك لا يمنعه من أن يبذل جهده لتجنيد أي دعم لتنفيذ أي عمل عسكري ضدّ حزب الله مع الحذر الإسرائيلي بعدم تدخل الجبهات الأخرى.

الضربة الاستباقية

لن يتورط الكيان في مغامرة للدخول في معركة متعددة الجبهات في ظل غياب الاستعدادات الأمريكية الكافية، في ظل تخوّفه وشكّه في إمكانية نجاحه مع وجود ثغرات جوهرية مثل الاستعداد العسكري والاقتصادي والتخطيط والرؤية والدعم الدولي والإقليمي. ويظهر جليًا موقف الولايات المتحدة في سعيها للوصول إلى اتفاق مع طهران، بالإضافة إلى أن الإدارة الحالية تميل إلى تجنب التصعيد بسبب التوتر في قضايا استراتيجية مهمة لها، كالمنافسة مع الصين والحرب في أوكرانيا والانتخابات الأمريكية. إلا أنه في حال وقوع التصعيد، لن تترك الكيان يتلقّى الضربة لوحده، بل ستتدخّل وتدعمه وتقف إلى جانبه بدون شكّ.

في هذا الصدد، يُستبعد قيام ضربة استباقية غير محسوبة تجاه إيران والجبهة اللبنانية واليمن والعراق، فكلّ المعطيات لا تجعل المفاجأة مفيدة في ظل هذه التحديات الكبيرة، وشديدة الخطورة عليه. وإن كان هناك توجّه إسرائيلي محتمل، فيكون بتوجيه ضربة استباقية في لبنان نظرًا للخطر الأكبر الذي يشكله على الكيان.

فبسبب نقاط الضعف الإسرائيلية، قد تختار الحكومة الإسرائيلية توجيه ضربة استباقية إلى مواقع الصواريخ والقذائف التابعة لحزب الله. ومع ذلك، فمن غير المرجح إلى حد كبير أن تتمكن "إسرائيل" من تجريد حزب الله بالكامل من قدراته في شن الهجمات المضادة، لأسباب ليس أقلها أن حزب الله قد قام بتحسين دفاعاته الجوية بشكل كبير، مما أدى إلى تعقيد توغل القوات الجوية الإسرائيلية في المجال الجوي اللبناني.

الضعف الإسرائيلي

لا تزال قيادة جيش الاحتلال تعتقد أنَّ قدرتها على مواجهة حرب "متعددة الجبهات" هي دون المستوى المطلوب، وأنَّ هناك حاجة ملحّة لمعالجة الكثير من الإشكالات المتعلّقة أساساً بالذراع البرية لجيش الاحتلال الذي يشهد حالة من "الانحطاط التكتيكي والعملياتي" لم تكن موجودة من قبل، ويعاني جنوده من عدم الرغبة في القتال، وخصوصاً بعد ما تعرضوا له من انتكاسات وخسائر فادحة في جنوب لبنان وقطاع غزة.

كما أن طبيعة التحديات التي تواجه الاحتلال على مستوى بنية ومفهوم أمنها القومي قد تغيرت بشكل كبير وجوهري، ومن تلك التحديات:

- أصبح محور المقاومة يمتلك الآن قدرات مسلحة ضخمة يمكنها أن تغطي كامل أراضي "إسرائيل".

- يتمتع حزب الله بخبرة عسكرية هجومية نتيجة حرب العصابات مع الحركات الإرهابية المدعومة من الغرب و"إسرائيل".

- طوّر محور المقاومة استراتيجيته العسكرية المرتكزة على ضرب التفوق الجوي والبحري الإسرائيلي.

ختاماً، انتصارات محور المقاومة على "إسرائيل" في حروب لبنان وغزة وسوريا أصبحت تمثل نقطة تحول استراتيجية وتحديًا حقيقيا لـ"إسرائيل" من حيث قوة الردع وعمل قواتها، وأجهزة الاستخبارات. وهي تعاني حالياً من فقدان أهم عناصر الردع لديها. ولذلك فإن أي مواجهة عسكرية جديدة ستكون معقدة، كما أن الكيان أمام عطب في إنتاج مقاربة إستراتيجية فعالة مقابل تهديد وحدة الساحات.


الكاتب: ضحى حمادة




روزنامة المحور