09:37 بتوقيت القدس المحتلة
مع دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يومها الـ 164، تتزايد تعقيدات المشهد السياسي بين الولايات المتحدة وكيان الاحتلال. ولا يعد هذا الأمر تفصيلاً عابراً في هذا التوقيت، الذي يرى فيه الرئيس الأميركي تقارب نتائج استطلاعات الرأي بينه وبين منافسه دونالد ترامب الذي يدعم بشكل علني خيار الحرب، بينما يطيل رئيس الوزراء الإسرائيلي عمداً مسار المفاوضات لكسب الوقت ويرى بالعمل العسكري حلاً لمستقبله السياسي.
بعد الخطاب الجدلي لزعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر، خرج الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بتصريحات انتقد فيها الأخير وهاجم فيها بايدن وعبّر خلالها عن الرأي الذي لطالما لاقى انتقادات قوية من الداخل الإسرائيلي: "يجب وقف الحرب، ولو كنت رئيساً لما حدث هذا الغزو المروّع".
لم يقدم المرشح الجمهوري المحتمل للانتخابات الرئاسية القادمة، عام موقفه الخاص من استراتيجية الولايات المتحدة أو إسرائيل طوال أشهر الحرب الماضية. لكنه أخيراً، توجه بشكل صريح إلى نتنياهو داعياً لوقف الحرب: "عليك الانتهاء من الأمر والقيام بذلك بسرعة والعودة إلى عالم السلام... نحتاج إلى السلام في الشرق الأوسط". معتبراً أن انتقادات شومر لإسرائيل كانت بدافع "الحصول على المزيد من الأصوات. يقول: أريد أن أسير في هذا الاتجاه بدلاً من إسرائيل... شومر تخلى عن إسرائيل".
كان آخر ما يحتاجه بايدن في هذه اللحظات التي تقترب فيها بورصة الأرقام لتشكل فارقاً أقل، أن يتعرض لحملة تضرب على وتر الخطوط الحمراء بالنسبة لواشنطن والدولة العميقة فيها. توجه ترامب بالقول أن "الديمقراطيين سيئون للغاية بالنسبة لإسرائيل". متهماً سياسات بايدن بتمهيد الطريق لوقوع هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول. معتبراً أن "بايدن سيء للغاية بالنسبة لإسرائيل، وما كان ينبغي مهاجمتهم أبدًا. لو كان بايدن جيدًا، لما تعرضوا للهجوم"، مشيرًا إلى أن بايدن متأثر بشكل مفرط بالمشاعر المتزايدة داخل الحزب الديمقراطي المنتقدة لإسرائيل.
على الضفة المقابلة لهذه الضفة التي يجد بها بايدن نفسه بمأزق يستثمر به ترامب بحنكة، يحاول الأول تخفيف العواقب وترميم المشهد. ويمكن أن نرى ذلك بوضوح في التبدل الذي بدأت به الجوقة الغربية في تصريحاتها الأخيرة. في حين وصف البيت الأبيض الاقتراح الذي قدمته حماس بأنه معقولاً بعد أن كانت تؤيد القرار الإسرائيلي باستبعاد أي صفقة قبل مدة.
كما أن واشنطن تدفع بمجلس الامن لتمرير قرار وقف اطلاق النار. وتشير صحيفة معاريف العبرية إلى أن "الصيغة النهائية للقرار تغيّرت كثيراً عن المسودة السابقة. وبين التعديلات المركزية: تشديد كبير للنبرة في موضوع العملية العسكرية في رفح، والمطالبة بالبدء في إنفاذ اتفاق وقف النار بشكل فوري. وذلك بخلاف الصيغة السابقة التي تناولت مخاطر العملية العسكرية في رفح على السكان المحليين في الظروف الحالية". وهي المرة الأولى التي يتضمن بها الاقتراح كلمة "وقف إطلاق النار".
من جهته، قال بايدن، الذي يواجه ضغوطاً من الجناح اليساري في حزبه لدعم وقف دائم لإطلاق النار في الحرب في غزة، في خطابه الأخير عن حالة الاتحاد، إنه دعا إسرائيل إلى "القيام بدورها للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى القطاع والسماح بحدود إضافية".
أمام هذا المشهد متشعب الأزمات بين يدي بايدن، اضف إلى ذلك معضلة التجارة في البحر الأحمر والتي توسعت لتشمل المحيط الهندي، ثم الضغوطات الداخلية الاقتصادية والخارجية الدولية على بعد أشهر من الانتخابات الرئاسية، يبدو ان الحرب قد تأخذ منحى أخر قربياً. اذ ان الإدارة الأميركية، التي كانت تغدق المساعدات لإسرائيل -ولا تزال- باتت ترى بالحرب الدموية المفتوحة على جميع الاحتمالات، تضر بمصالحها في المنطقة والداخل.
