الأربعاء 20 آذار , 2024 03:16

نورمان فينكلشتاين: الأكاديمي اليهودي مقارع الصهيونية

نورمان فينكلشتاين

الأكاديمي اليهودي والباحث في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي نورمان فينكلشتاين الذي يعد الباحث الأكثر إثارة للانقسام في الولايات المتحدة بين متخصصي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أمضى فينكلشتاين السنوات الـ 40 الماضية منبوذاً من قِبل وسائل الإعلام التقليدية ومن الأوساط الأكاديمية الأميركية.

فينكلشتاين هو كاتب وأستاذ جامعي أميركي وناشط سياسي يهودي متخصص بالعلوم السياسية، مناهض للصهيونية ومتضامن مع القضية الفلسطينية. كتب كثيراً عن جرائم "إسرائيل" ضد الفلسطينيين، وحصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة برنستون، وعمل في عدد من الكليات والجامعات.

ثلاثة عناصر لرد فعل إسرائيل

في سياق الإبادة الجماعية التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني رأى نورمان فينكلشتاين في حوار صحفي وجود ثلاثة عناصر لحملة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة:

- إراقة الدماء بطريقة انتقامية خالصة: "في هذه الحالة، فإن سفك الدماء مدفوع أيضاً بالحيرة المطلقة والصدمة لأن سكان غزة تمكنوا من إذلال الجيش والاستخبارات الإسرائيلية تماما. فبالنسبة للإسرائيلي كيف أن هؤلاء البشر الفرعيون (Sub Human) -وتحديدا حماس- فعلوا ذلك. وكيف كان بإمكان هؤلاء "ممن هم دون البشر" أن يتفوقوا علينا نحن الخارقين".

- استعادة (قدرتها على الردع)، أي خوف العالم العربي منها: "تعرضت إسرائيل لضربة كبيرة ومهينة في 7 أكتوبر.. كان من الممكن أن يوحي هذا للعالم العربي بأن إسرائيل ليست عدواً مرعباً كما كان يعتقد من قبل. والطريقة التي تحاول بها إسرائيل عادة استعادة قدرتها على الردع هي من خلال ارتكاب مجازر واسعة النطاق في غزة، لمحاولة نقل ما تفعله إلى بقية العالم العربي في رسالة مفادها "أنك إذا رفعت رأسك عاليا، فسنفعل بك ما فعلناه بغزة".

- محاولة إسرائيل اغتنام الفرصة لفرض حل نهائي لقضية غزة: "فقضية القطاع - منذ عام 1948- شوكة في جسد إسرائيل التي قررت عقب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول أن الكيل قد طفح، ومن هنا تستغل الحكومة الإسرائيلية هذه الفرصة لوضع حد لهذه القضية".

كتبه الحديثة

في كتابه الجديد، بعنوان "غزة... بحثٌ في استشهادها" يسرد فينكلشتاين، وقائع متداخلة لكفاح الشعب الفلسطيني عموماً، مع التركيز على غزّة وما حلّ بها من مذابح متتالية وحصار خانق. يصف كيف ظلّ الإسرائيليون يرفضون عروض السلام، ويمارسون الضغوط بالاتفاق مع الراعي الأميركي، على مختلف المستويات وفي المحافل الدولية لإسكات الشهود، والهروب من المساءلة، والإفلات من أي عقاب. وكيف عمدت حكومة الكيان إلى جعل القطاع هدفاً عسكرياً، كما لو أن تلك المساحة السكانية ليست مجالًا مدنياً وإنسانياً، بل قاعدة عسكرية عدوة وخطيرة يجب إزالتها.

يقول الكاتب إن "الحقيقة أن غزّة غدت رمزاً لمأساة الشعب الفلسطيني ونكبته وكارثته، كما تُشكل رمزاً للبطولة والفداء والصمود، على مدار سبعة عقود، مضت تلاحم أهلها خلالها مع المقاومة بمقدار تلاحم المقاومة وفصائلها، ليشكلوا معاً المعبّر الحقيقي عن الهوية الوطنية، والتي جسدتها وحدة الدم في الميدان، وضرورة وطنية وشرطاً لتحقيق الانتصار".

وأضاف "لذا، يجب التوقف عن توصيف الوضع بأنه "احتلال". وبالتالي، فإسرائيل هي أساساً وبما لا يقبل الجدل، "دولة" فصل عنصري اغتصبت أرضاً ومضت تنكّل بشعبها من أجل إبادته".

كتابه الأحدث "المنهج والسّعار: الأبعاد الخفيّة للاعتداءات الإسرائيلية على غزة" الذي تزامن صدوره في تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي مع انطلاقة طوفان الأقصى يوضّح بأنّ لجوء الكيان الإسرائيلي إلى حروب التوحّش ليس أمراً انفعاليّاً أو مرحليّاً، بل نهج سياسي عابر للحكومات بمختلف أطيافها السياسية اليمينية واليسارية، وغاية إسرائيل تصفية قضية الشعب الفلسطيني، وتخريب كل ما من شأنه أن يسمح بأي صيغة تسوية معه، ولو بشروط تضمن استمرارية بقائه مغروساً في قلب الشرق العربي.

كان فينكلشتاين يعد استثناءً بين يهود أميركا، نظراً لانتقاده المستمر والمنتظم والمدعوم بالحقائق لكيان الاحتلال. دفع ثمن ذلك فاتورة كبيرة، نتيجة معركة شنّها عليه اللوبي الصهيوني. لكنه اليوم وسط تيار عريض من جيل جديد يمتلك الحقائق عن معاناة الشعب الفلسطيني، ويسعى للتملّص من تيار المشروع الصهيوني الموسوم بإبادة سكان غزة.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور