بعد استخدامها لحق الفيتو لـ 42 مرة لصالح كيان الاحتلال، منها 15 مرة لحمايتها من الإدانة الدولية، امتنعت الولايات المتحدة عن استخدامه ضد قرار في مجلس الأمن طالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان، لتتخذ بذلك موقفاً استثنائياً لم يسبق أن اتخذته والكيان في حالة حرب. هذا القرار الذي تطلب رداً إسرائيلياً فورياً بوقف زيارة كانت مقررة لمناقشة غزو رفح، كان بمثابة انذار لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بضرورة خفض طموحاته السياسية لتتلاءم مع الأجندة الأميركية. في حين التزمت واشنطن بالدفاع عن "مصالح إسرائيل" باستخدام الفيتو ضد قرار وقف إطلاق نار دائم.
أصدر مجلس الأمن قراراً بأغلبية 14 صوتاً، يطالب بوقف إطلاق النار في غزة. ودعا القرار إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة في رمضان تحترمه الأطراف ويؤدي إلى وقف ثابت ومستدام". كما يدعو إلى "الإفراج الفوري وغير المشروع عن جميع الرهائن، وضمان وصول المساعدات الإنسانية"، ويطالب "الطرفين بالامتثال لالتزاماتهما بموجب القانون الدولي بشأن جميع الأشخاص المحتجزين".
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد وقت قصير من تمرير القرار، ألغى زيارة وفد إسرائيلي إلى واشنطن، كانت قد طلبتها الولايات المتحدة لمناقشة المخاوف بشأن غزو إسرائيلي لرفح. وقال مكتبه إن امتناع واشنطن عن التصويت هو "تراجع واضح عن الموقف الثابت للولايات المتحدة وسيضر بجهود إسرائيل الحربية ويحاول إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس".
فيما استنكر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الموجود في واشنطن، في أول تصريح له نتيجة التصويت واعتبر إن "إسرائيل ليس لها حق أخلاقي في وقف الحرب في غزة".
كما اعتبر السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان إن "القرار فشل في المطالبة بوقف إطلاق النار دون اشتراطه بإطلاق سراح الأسرى في غزة"، قائلا إنه "يقوض الجهود المبذولة لتأمين إطلاق سراحهم". وأضاف "إنه ضار بهذه الجهود لأنه يعطي إرهابيي حماس الأمل في التوصل إلى وقف لإطلاق النار دون إطلاق سراح الرهائن. كان يجب على الجميع أن يصوت ضد هذا القرار الوقح".
من جهته برر البيت الأبيض في بيان امتناع واشنطن عن التصويت. وقال أنه "لا يمثل تحولا في سياستنا". فيما أشار المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي إلى إن المسؤولين الأميركيين "يشعرون بخيبة أمل كبيرة إزاء قرار نتنياهو عدم إرسال مستشاريه لإجراء محادثات في البيت الأبيض حول عملية رفح".
بالنسبة لإسرائيل، فإن استمرار الحرب على الرغم من القرار سيؤدي إلى نقاش في المجتمع الدولي حول انتهاك قرار مجلس الأمن. فهل يعتبر قرار مجلس الأمن ملزماً؟
صرّح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بأن القرار "يجب تنفيذه"، مضيفاً أن "عدم القيام بذلك سيكون لا يغتفر".
وينقل لموقع "واينت" عن مسؤول رفيع قوله " إن القرار يضع ضغوطاً دولية على إسرائيل وليس على الجانب الآخر... القرار يعطي حماس الأمل في أن الضغط الدولي سيجبر إسرائيل على قبول وقف إطلاق النار دون إطلاق سراح رهائننا، وبالتالي الإضرار بالمجهود الحربي والجهود المبذولة لإطلاق سراح الرهائن".
بموجب ميثاق الأمم المتحدة، فإن قرارات مجلس الأمن ملزمة قانوناً للدول الأعضاء البالغ عددها 193 دولة، على الرغم من أنه لم يُعمل به مرات عدة وتم خرقه. وبحسب الوثيقة "إذا قرر مجلس الأمن أي شيء - كفرض عقوبات على بلد ما أو فرض وقف إطلاق النار في منطقة نزاع - يجب تنفيذ الأمر. لا يمكن لأحد أن يتجاهل الإرادة الجماعية لـ P5 (الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي)، والتي تحدد بالفعل قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".
الكاتب: غرفة التحرير