الجمعة 24 أيار , 2024 12:58

الاعتراف بدولة فلسطين: كيف تتسع الفجوة بين الدول الاوروبية وواشنطن؟

عرفت الدول الاوروبية بموقفها المتطرف المؤيد لكيان الاحتلال في مختلف حروبه الذي خاضها منذ قيامه. غير ان الأحداث اليوم تفرض واقعاً متغيراً، بات الحديث فيه عن ابتعاد الثقل السياسي الاوروبي عن الحكومة الاسرائيلية الحالية أمراً مستساغاً، بالتزامن مع انقسام داخلي في آراء الاتحاد الاوروبي وفي ظل الفجوة التي باتت تتسع مع مواقف الولايات المتحدة بما يتعلق بالاعتراف بدولة فلسطينية على وجه التحديد.

أعلنت أيرلندا وإسبانيا والنرويج أنها ستعترف بفلسطين كدولة مستقلة في 28 أيار /مايو، وهو الأمر الذي تسبب في استياء واسع في إسرائيل من جهة وتعميق الخلاف القائم بين دول الاتحاد الأوروبي حول كيفية التعامل مع الحرب الاسرائيلية في غزة من جهة اخرى. اذ ان الامر لم يتوقف عند بعض الدول التي أعلنت أنها ستعترف بفلسطين، بل بما أثارته تلك الخطوة التي وضعت بقية الدول في خانة "المراجعة" للأداء.

ففي الوقت الذي قالت فيه فرنسا إن هذا "ليس الوقت المناسب"، تدرس كل من بلجيكا وسلوفينيا ومالطا أيضاً الاعتراف بفلسطين. رغم ذلك رفعت باريس من مستوى جهودها الدبلوماسية من أجل اعتراف موحد، لكن اسبانيا والنرويج وايرلندا، اتخذت القرار بشكل منفصل وهو ما اعتبرته باريس "دوافع محلية ولا ينبع من حكمة من الناحية الاستراتيجية".

في حين يعتبر جناح آخر من الاوروبيين -وفق ما عبر مسؤول اوروبي- ان "هذه ورقة لا يمكنك لعبها إلا مرة واحدة، ويجب استخدامها للمساعدة في إنهاء الصراع العسكري". معتبراً ان "الأمر سابقاً لأوانه في الوقت الحالي، بالنظر إلى أن السلطة الفلسطينية هي في الأساس كيان غير حكومي، والمحادثات مع دول الجوار والولايات المتحدة في مراحل مبكرة".

من جهتها، كانت ليتوانيا أكثر حذراً.  واعتبر الرئيس جيتاناس ناوسيدا "نرى أن كلا الجانبين غير مستعدين لهذا الحل بعد". وحذر من أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية حالياً "لن يفشل فقط في نزع فتيل هذا الصراع، بل قد يؤدي إلى تصعيده أكثر".

بينما رأى وزير الخارجية الأيرلندي مايكل مارتن، ان هذه "ليست نهاية عملية، إنها البداية". وفي أحاديث خاصة، تغاضى المسؤولون الأيرلنديون عن الخلافات بين دول الاتحاد الأوروبي. قال أحدهم: "ليس على كل دولة أن توافق"، بحسب ما نقلت نيويورك تايمز.

هذه الجولة من التصريحات التي تركت باب النقاش مفتوحاً ما زاد من حدة الانقسام السياسي بشكل ملحوظ، دفع كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إلى القول إنه "سيعمل بلا هوادة مع جميع الدول الأعضاء لتعزيز موقف مشترك للاتحاد الأوروبي على أساس حل الدولتين". وتعليقاً على هذه المساعي أشار الأستاذ في جامعة ماينوث في أيرلندا، جون أوبرينان، إلى انه لم ير "أي احتمال لقرار مشترك، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأوروبية الشهر المقبل".وقال "يمكن لإسرائيل أن تفعل أي شيء تقريباً حيال ذلك ولا تزال ألمانيا تقدم فقط أخف الانتقادات".

وتقول مدير مكتب بروكسل لصحيفة نيويورك تايمز، ماتينا ستيفيس غريدنيف، "لا يزال لدى إسرائيل حلفاء مخلصون داخل الاتحاد الأوروبي، وخاصة المجر وجمهورية التشيك، ولم يظهر اللاعبون الرئيسيون مثل ألمانيا، على الرغم من الانزعاج المتزايد من سلوك إسرائيل، أي ميل لتغيير موقفهم. إن التصدعات المتنامية داخل أوروبا تعني أن الاتحاد الأوروبي الذي يحركه الإجماع لن يغير مواقفه في أي وقت قريب".

لكن الدول الأوروبية تواجه ضغوطاً دولية ومحلية متزايدة لاتخاذ موقف أكثر حزماً ضد تعامل إسرائيل مع الأراضي الفلسطينية، وخاصة نتيجة تداعيات الحرب الاسرائيلي الدموية في غزة.

وتضيف "إذا حذا المزيد من جيرانهم حذوهم، فقد يصبح الاتحاد الأوروبي ثقلاً موازناً رئيسياً للموقف الأميركي بأن إقامة الدولة الفلسطينية يجب أن تنتج فقط عن تسوية تفاوضية مع إسرائيل. وهذا من شأنه أن يعمق الصدع بين أوروبا وإسرائيل".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور