الخميس 11 تموز , 2024 03:09

الظلام الاقتصادي يخيّم على "إسرائيل": الهجمات السيبرانية وإقفال الشركات

الاقتصاد الإسرائيلي

أصبحت الحرب السيبرانية جزء لا يتجزأ من الحرب الميدانية، وقد عرّف "قاموس أوكسفورد الإنكليزي" الحرب السيبرانية بأنّها: "استخدام تقنيات الحاسوب لتخريب نشاطات دولة أو منظمة، وبخاصة الهجومات المحضّرة على منظومات المعلومات الخاصّة، وذلك لغايات استراتيجية أو عسكرية". ومن ضمن الأهداف الاستراتيجية لإقدام دولة أو منظمة على تنفيذ عمليات السيبرانية هو زعزعة الاستقرار الاقتصادي، وتحميل العدو أعباء مالية إضافية خصوصاً في أثناء الحرب.

 تأثير الهجمات السيبرانية على الاقتصاد الإسرائيلي

تتجه أعين الاقتصاديين الإسرائيليين إلى أمن سوق المال الإسرائيلي، ففي العام الماضي قدّرت منظمة السايبر الإسرائيلية التكلفة التي خلّفتها الهجمات السيبرانية بنحو 12 مليار شيكل سنوياً، بحسب مقال لصحيفة يديعوت أحرونوت، وتضيف الصحيفة بأن خبراء سايبر إسرائيليون اعتبروا أن هذا المبلغ غير مسبوق "ولا يعكس إلا شدة الضرر الاقتصادي المحتمل الذي يمكن أن يحدث خلال حرب مكثّفة في الشمال".

وفي سياق المقال، حذر أفيف هوكر، المؤسس المشارك لشركة فادوم، التي لديها القدرة على تخطيط سيناريوهات لاكتشاف الهجمات السيبرانية ومنعها مسبقاً، وبالتالي الاستعداد بشكل أفضل في حالة وقوع هجوم سيبراني، من أن "الأضرار التي تلحق بالاقتصاد الإسرائيلي وسوق رأس المال يمكن أن تصل إلى مئات الملايين يومياً".

ويؤكد هوكر أن "الحرب مع حماس، بالإضافة إلى التهديدات من إيران وحزب الله، سلطت الضوء على الحاجة إلى اتخاذ تدابير أمنية وطنية قوية، ولكن مع ذلك، تظل الجبهة السيبرانية واحدة من أكثر ساحات القتال ضعفاً لدينا". ويرى هوكر أن الأنظمة الإلكترونية لحزب الله وإيران تتطوّر بمرور الوقت، وبالتالي يزداد معها حجم التهديد السيبراني على إسرائيل وخصوصاً في وقت الحرب.

يعتبر كاتب المقال آنف الذكر، بأن حديث هوكر يعني "تقويض قوة واستقرار الأسواق الإسرائيلية"، ويضيف "وفقاً له (هوكر) فإن أحدث تقرير عن النظام السيبراني يركّز على العواقب الاقتصادية للعدد المتزايد من الهجمات السيبرانية على الشركات الإسرائيلية، لكنّه لا يشير إلى الهجمات ضد الأصول والكيانات الأساسية التي قد يشكل اختراقها أضرارا اقتصادية وأمنية على حد سواء".

تجدر الإشارة، بأن القطاع المالي هو الأكثر عرضة للمخاطر السيبرانية. فالشركات المالية - التي تتعامل مع كم ضخم من البيانات والمعاملات الحساسة - غالباً ما تستهدفها الهجمات السيبرانية سعياً لتعطيل الأنشطة الاقتصادية. وعلى الصعيد العالمي، تعد البنوك هي الأكثر عرضة لتلك الهجمات.

إغلاق 46 ألف شركة إسرائيلية

ليست الهجمات السيبرانية هي التهديد الخطير الأوحد على الاقتصاد الإسرائيلي، فإقفال الشركات والأزمات التي تعصف بالقطاعات الاقتصادية الإسرائيلية المختلفة، منذ بداية الحرب، تشكّل ضغوطات على الاستقرار الاقتصادي داخل الكيان.

وبحسب ما نقلته صحيفة معاريف العبرية فإن 46 ألف شركة إسرائيلية أُغلقت منذ بداية الحرب. وأوضح يوئيل أمير، الرئيس التنفيذي لشركةCoface Bdi  التي توفر معلومات تجارية لإدارة مخاطر الائتمان، "هذا رقم مرتفع للغاية يشمل العديد من القطاعات. حوالي 77% من الشركات التي تم إغلاقها منذ بداية الحرب، والتي تشكل حوالي 35 ألف شركة، هي شركات صغيرة تضم ما يصل إلى خمسة موظفين، وهي الأكثر عرضة للخطر في الاقتصاد الإسرائيلي".

وبحسب شركة Coface Bdi فإن القطاعات الأكثر تضرراً هي صناعات البناء، وقطاع التجارة، وقطاع الخدمات ومن ضمنه المقاهي، وخدمات الترفيه والتسلية، والنقل، والقطاع السياحي "التي يشهد وضعاً لا تكاد توجد فيه سياحة أجنبية، إلى جانب قطاع التجارة". وقطاع الزراعة الذي يقع معظمه في مناطق الاشتباك في الجنوب والشمال.

وفي سياق المقال يوجّه الكاتب سؤالاً عن مستوى الضرر الذي يتوقّع حدوثه في نهاية العام، فيجيب الرئيس التنفيذي للشركة "نقدّر أنه بحلول نهاية عام 2024، من المتوقع إغلاق ما يقرب من 60 ألف شركة في إسرائيل" ويضيف "نحن نواجه تحديات صعبة للغاية تتمثل في نقص العمالة، انخفاض في المبيعات، وبيئة مرتفعة الفائدة وارتفاع تكاليف التمويل، ومشاكل النقل والخدمات اللوجستية، ونقص المواد الخام، وانعدام القدرة على الوصول إلى المناطق الزراعية في مناطق القتال، وعدم توفر العملاء المشاركين في القتال، وصعوبات في التدفق النقدي، وزيادة في تكاليف المشتريات، وغير ذلك".

يعتبر المؤرّخ الإسرائيلي المناهض للصهيونية، إيلان بابيه، في مقاله الأخير بعنوان "انهيار الصهيونية" بأننا "نشهد عملية تاريخية - أو بعبارة أدق نشهد بداياتها - من المرجح أن تتوّج بزوال الصهيونية. ويرى بابيه بأن أحد المؤشرات على ذلك، الأزمة الاقتصادية الإسرائيلية، ويشرح ذلك بقوله "لم تبدِ الطبقة السياسية أي خطة لتحقيق التوازن في المالية العامة وسط الصراعات المسلحة المستمرّة، بل اعتمدت بازدياد على المساعدات المالية الأميركية. تراجع الاقتصاد بنحو 20% في الربع الأخير من العام الماضي؛ ومنذ ذلك الحين، بقي الانتعاش هشّاً. لن يتمكّن تعهّد واشنطن بتقديم 14 مليار دولار من عكس هذا الاتجاه. على العكس، سوف يتفاقم العبء الاقتصادي إذا اتبعت إسرائيل نيّتها في الحرب مع حزب الله".

من الواضح للخبراء الإسرائيليين أن الاقتصاد الإسرائيلي يترنّح تحت وطأة الحرب على غزة وتأثير جبهات المساندة في لبنان والعراق واليمن، ودقّ كثيرون منهم ناقوس الخطر لإيجاد حلول ولو قصيرة الأجل لانتشال الاقتصاد الإسرائيلي من رمال الحرب المتحرّكة. فهل سيستطيع الكيان استعادة التعافي الاقتصادي بعد الحرب وتحقيق نمو من جديد بدعم من الولايات المتحدة؟


الكاتب: حسين شكرون




روزنامة المحور