الأربعاء 31 تموز , 2024 01:11

لجنة في الكونغرس: أمريكا ليست مستعدة لحرب كبرى

جندي أمريكي في صحراء أفغانستان

يكشف هذا المقال الذي نشرته مجلة "ذا إيكونوميست – The economist" البريطانية،  وترجمه موقع الخنادق، بأنه خلافاً لتصريحات العديد من المسؤولين العسكريين الأمريكيين حول مدى قدرة قواتهم المسلّحة، فإن تقرير لجنة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري كلّفها الكونغرس بفحص استراتيجية الدفاع الوطني لإدارة بايدن (NDS)، قد خلص بأن البلاد غير مدركة للمخاطر المقبلة، وتكاليف الاستعداد لها، وبأن أمريكا لن تستطيع عسكرياً تحمّل الحرب في ساحة واحدة، فكيف إذا واجهت ساحات عالمية متعدّدة!

النص المترجم:

قال الجنرال تشارلز "سي كيو" براون، رئيس هيئة الأركان المشتركة وأكبر ضابط عسكري أمريكي مؤخراً، في منتدى آسبن الأمني، وهو تجمع لنخبة السياسة الخارجية في البلاد، إن القوات المسلحة للبلاد هي "القوة القتالية الأكثر فتكا والأكثر احتراما في العالم". وأعلن بوجه فولاذي وسط صيحات مبتهجة: "أنا لا ألعب على المركز الثاني".

في الواقع، إن الموقف العسكري الأميركي يتآكل. هذه هي رسالة تقرير نشرته في 29 يوليو/تموز لجنة من الحزبين كلفها الكونغرس بفحص استراتيجية الدفاع الوطني لإدارة بايدن (NDS)، وهي وثيقة نُشرت قبل عامين.

وقد ترأست اللجنة جين هارمان، عضوة الكونغرس السابقة، وينوب عنها إريك إيدلمان، وكيل وزارة الدفاع في إدارة جورج دبليو بوش. وفي عام 2018، حذرت اللجنة السابقة من أن أمريكا "قد تكافح من أجل الفوز، أو ربما تخسر، في حرب ضد الصين أو روسيا". هذه المرة كانت اللغة أكثر وضوحا. فقد قال التقرير بأن التهديدات التي تواجه أمريكا، بما في ذلك "احتمال نشوب حرب كبرى على المدى القريب"، هي الأكثر خطورة منذ عام 1945. فالبلاد غير مدركة لمدى انتشارها وغير مستعدة لمواجهتها.

المشكلة الأكثر خطورة هي الصين. تفاخر جو بايدن، رئيس أمريكا، في السادس من يوليو/تموز قائلاً: "إننا على الأقل نتحقق من الصين الآن". والواقع أن الصين "تتفوق" على أميركا، ليس فقط من حيث الحجم، بل وأيضاً من حيث "قدرة" قواتها العسكرية، فضلاً عن الإنتاج الدفاعي، وربما تكون في طريقها إلى تحقيق هدفها المتمثل في القدرة على غزو تايوان بحلول عام 2027 كما تقول اللجنة. ففي الفضاء والسايبر، يعتبر جيش التحرير الشعبي "على مستوى النظير أو شبه النظير".

أما روسيا فهي مصدر قلق أقل، ولكن على الرغم من مستنقعها في أوكرانيا، فإنها لا تزال تشكل تهديداً خطيراً. وفي 19 يوليو/تموز، أكد فيبين نارانج، وهو مسؤول كبير في البنتاغون، التقارير التي تفيد بأن روسيا تسعى إلى وضع سلاح نووي في المدار، ووصفه بأنه "تهديد للبشرية جمعاء" و"كارثي على العالم بأسره". ويقول التقرير إن أمريكا يجب أن تعزز وجودها في أوروبا إلى سلاح مدرع كامل، وهو التزام أكبر بكثير مما هو موجود اليوم، مصحوبًا بعوامل تمكين مثل الدفاع الجوي والطيران، مع احتمال تحول بعض القوات المتناوبة اليوم، والتي تتبادل الدخول والخروج، إلى تلك المنتشرة بشكل دائم.

ومما يزيد من تفاقم هذه التهديدات، هو التحالف السياسي والعسكري المتزايد بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران، بما في ذلك نقل الأسلحة والتكنولوجيا والدروس في ساحة المعركة. وتقول اللجنة إن ذلك يمثل "خطرًا حقيقيًا، إن لم يكن احتمالًا، لأن الصراع في أي مكان يمكن أن يتحول إلى حرب متعددة المسارح أو حرب عالمية". في عام 2018، ألغت استراتيجية الدفاع الوطنية لإدارة ترامب الشرط السابق المتمثل في أن يكون البنتاغون مستعدًا لخوض حربين كبيرتين، بما في ذلك واحدة في أوروبا والأخرى في آسيا، في نفس الوقت. وتمسك فريق بايدن بهذا الطموح المنخفض. والنتيجة هي أن الحرب في مسرح واحد من شأنها أن تُرهق أميركا إلى حد خطير، وتضطرها إلى الاعتماد على الأسلحة النووية للتعويض.

كما أن الصراع من شأنه أن يجعل أمريكا مقصرة في جوانب أخرى. وحذرت اللجنة من أن "الحرب الكبرى ستؤثر على حياة كل أميركي بطرق لا يمكننا إلا أن نبدأ في تخيلها". ومن شأن الهجمات السيبرانية أن تستهدف البنية التحتية الحيوية بما في ذلك الطاقة والمياه والنقل. ويقولون إن الوصول إلى المعادن المهمة للصناعات المدنية والعسكرية "سيكون مقطوعًا تمامًا".

إن الخسائر البشرية ستتجاوز بكثير أي تجربة غربية في الذاكرة الحديثة. وتُظهر عمليات المحاكاة الأخيرة التي أجراها الجيش أنه في المعارك التي تشمل فرقًا وفرقًا - وهي تشكيلات أكبر يعطيها الجيش الأولوية على الألوية والكتائب - تراوح عدد الضحايا بين 50 ألفًا و55 ألفًا، بما في ذلك ما بين 10 آلاف و15 ألف قتيل. ولا تدعو اللجنة إلى العودة إلى التجنيد الذي تم التخلي عنه عام 1973، لكنها تلمح إلى ذلك، قائلة إن القوة المكونة بالكامل من المتطوعين تواجه "أسئلة جدية".

واستجابة لهذه المشاكل، تقدم اللجنة عدة توصيات. الأول هو تعزيز التحالفات. وفي 28 يوليو/تموز، خطت إدارة بايدن خطوة كبيرة في هذا الصدد من خلال الإعلان عن إنشاء مقر جديد "للقتال" في اليابان لقيادة جميع قوات الجيش والقوات الجوية والبحرية في البلاد. والحل الآخر هو إصلاح البنتاغون، الذي توصف ممارساته في مجال المشتريات والبحث والتطوير بأنها "بيزنطية" (بمعنى معقّدة بشكل مفرط).

ويتلخص الخيار الثالث في زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل حاد، والذي من المتوقع أن يظل ثابتاً من حيث القيمة الحقيقية على مدى السنوات الخمس المقبلة، على الرغم من توصية اللجنة السابقة بنمو سنوي يتراوح بين 3% إلى 5%. هذا الرقم بالذات تعسفي إلى حد ما. ومع ذلك، تحث اللجنة الكونغرس على إلغاء الحدود القصوى للإنفاق الحالية، وتمرير ميزانية تكميلية متعددة السنوات لتعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية وفتح الصنابير المالية لوضع الدفاع "على مسار سلس لدعم الجهود التي تتناسب مع الجهد الوطني الأمريكي الذي شهدناه خلال الحرب الباردة".

هناك شيء هنا يثير غضب الجميع. ولتغطية كل هذا، يقترح التقرير فرض ضرائب إضافية وتخفيضات في الإنفاق على الرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية. وسوف يرفض الطرفان ذلك. ويخجل الديمقراطيون من زيادة الإنفاق الدفاعي، أمّا الجمهوريون فلديهم حساسية تجاه المزيد من الضرائب. وسوف يروق لخبراء السياسة الدفاعية في فلك دونالد ترامب فكرة تعزيز القوات المسلحة، لكن الكثيرين سوف يتراجعون عن فكرة إرسال المزيد من القوات إلى أوروبا بدلا من آسيا.

بالنسبة للجنة، هناك القليل من الوقت لنضيعه. تقول اللجنة: "إن الرأي العام الأمريكي غير مدرك إلى حد كبير للمخاطر التي تواجهها الولايات المتحدة أو التكاليف اللازمة للاستعداد بشكل مناسب". مضيفةً "إنهم لا يقدرون قوة الصين وشراكاتها أو العواقب على الحياة اليومية إذا اندلع صراع … ولم يستوعبوا تكاليف خسارة الولايات المتحدة لمكانتها كقوة عظمى عالمية".


المصدر: ذا إيكونوميست - The economist

الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور