الثلاثاء 27 آب , 2024 03:02

محور فلاديلفيا: عين المقاومة على مناورة نتنياهو

يعد محور فلاديلفيا عقدة أساسية في المفاوضات، والتي قد تطيح بآخر الآمال المعقودة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، نتيجة إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي على البقاء فيه وهو ما تعتبره المقاومة الفلسطينية خطاً أحمر لا يمكن مناقشته أساساً أو أمراً يمكن المساومة عليه. هذه العقدة التي عجز المفاوضون في احداث ثغرة فيها إلى الآن وما يرافقها من رفض مصري أيضاً، تسببت في خلافات متزايدة بين المستويين السياسي والعسكري داخل كيان الاحتلال، مع اختلاف التقييمات لأهمية البقاء فيه ومخاطر الانسحاب منه.

يقابل تأكيد بنيامين نتنياهو على ضرورة البقاء في محور فلاديلفيا رفضاً من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي ترى أن الإصرار على البقاء فيه هو تجاهل لأهداف الحرب. حيث قال في لقاء مع عائلات الأسرى "أن الجيش الإسرائيلي لن يتخلى عن السيطرة على الحدود بين غزة ومصر، وهو مطلب رئيسي لحركة حماس".

ونقل منتدى عائلات الاسرى عن نتنياهو قوله إن إسرائيل "لن تغادر تحت أي ظرف من الظروف محور فيلادلفيا وممر نيتساريم" وأنه "غير متأكد" من إمكانية التوصل إلى اتفاق. فيما اتهمت الحركة نتنياهو برفض أي صفقة رهائن، واعتبرت في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي أنه: "لا يوجد أمل ولا بطولة في موقف حازم من شأنه أن يؤدي إلى استمرار موت جميع المختطفين... تخلت الحكومة الإسرائيلية عن المختطفين في 7 أكتوبر وهي الآن تتخلى عنهم إلى الأبد".

محور فلاديلفيا هو شريط حدودي عازل يفصل بين قطاع غزة وسيناء المصرية، يبلغ طوله حوالي 14 كيلومتراً. يعد المحور منطقة أمنية خاضعة لاتفاقية مصرية إسرائيلية -كامب ديفيد- التي تم توقيعها عام 1979. وبموجب الاتفاقية، يمنع تواجد الجيش المصري على الأراضي المصرية المتاخمة للحدود الفلسطينية التي سميت (ج)، وسمحت فقط للشرطة المدنية المصرية بأداء مهام الشرطة الاعتيادية بأسلحة خفيفة. فيما بقيت قوات الاحتلال في تلك المنطقة حتى آب/ أغسطس عام 2005، وتم تسليم الاشراف عليه للسلطة الفلسطينية بوجود مراقبين أوروبيين.

من جهته، طرح القائد السابق لفرقة غزة ورئيس القيادة المركزية، غادي شاماني تساؤلات عدة حول الإصرار على البقاء في فيلاديلفيا. وقال لصحيفة هآرتس العبرية "لماذا استيقظنا الآن؟ لم نفعل أي شيء حيال ذلك لسنوات، ولم نذهب إلى طريق فيلادلفيا في الأيام الأولى من العملية البرية". مضيفاً "إذا كان الأمر مهماً جداً، فلماذا لم نذهب من اليوم الأول؟".

تثار مسألة التوقيت مرة أخرى في المحادثات بين كبار المسؤولين الأمنيين الاسرائيليين. ويوضح شاماني: "إذا كان المحور استراتيجياً ومهماً إلى هذا الحد، فلماذا لم يدخلوه في بداية الحرب وانتظروا حتى مايو؟".

توافق المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على هذه الهواجس، حيث نقلت القناة 12 العبرية عن وزير الحرب يوآف غالانت قوله خلال لقاء مع عائلات الأسرى أن انسحاب إسرائيل من محور فلاديلفيا "لا يمثل مشكلة أمنية". ونسبت القناة إلى غالانت القول إن "بإمكاننا التعامل مع الوضع في محور فيلادلفيا إذا خرجنا منه لمدة 6 أسابيع".

من ناحية أخرى، يواجه الإصرار الإسرائيلي رفضاً مصرياً للمضي بصفقة تضمن بقاء جش الاحتلال في تلك المنطقة.  ونقلت قناة القاهرة الإخبارية عن مصدر رفيع قوله إن مصر "جددت تأكيدها لجميع الأطراف المعنية بعدم قبولها أي وجود إسرائيلي بمعبر رفح أو محور فيلادلفيا"، اللذين احتلهما الجيش الإسرائيلي في مايو/أيار الماضي ضمن حربه على قطاع غزة.

يعكس الإصرار الإسرائيلي على البقاء في محور فلاديلفيا رغبة نتنياهو بتفخيخ جولات التفاوض وبالتالي المضي قدماً في حربه العبثية على قطاع غزة. وبما أن الخسائر الفادحة التي يتكبدها جيشه في مختلف مناطق القطاع تجبره على الذهاب إلى طاولة المفاوضات، مدفوعاً من الضغط الداخلي في كيانه، فإن توجه المقاومة الفلسطينية لاستهداف القوات الإسرائيلية المتمركزة في محور فيلاديلفيا ونتساريم قد يكون قريباً خاصة في حال انتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور