الجمعة 06 كانون الاول , 2024 02:30

سلاح تدمير البيوت.. ما هي الأثار النفسية المترتّبة على "زوال البيت"

أبنية مهدمة في الضاحية الجنوبية

خلال حرب تموز 2006 استخدم العدو الصهيوني استراتيجيته العسكرية التي تقوم على تدمير البنايات في المدن الكبرى. قبل ذلك، كان من المألوف والمعتاد أن يقوم القصف المدفعي بمهام التدمير والقصف في بعض القرى الحدودية، لكنه كان تدميراً يسيراً إذا ما قورن بالتدمير الممنهج الذي أطلق عليه لاحقاً "عقيدة الضاحية". كان من المألوف أيضاً، أن تدمَّر البيوت بغارات الطيران الحربي، فتهوي بيوت من طابقين أو ثلاثة، لكن هيكلها العام كان يبقى، مثل الأعمدة أو الزوايا، وكان بالإمكان أن يسحب المرء أشياء كثيرة من تحت الأنقاض، أولها جثامين الضحايا وآخرها بعض قطع الأثاث.

في حرب 2006 -قبل 18 عاماً- عرف اللبنانيون لأول مرة السلاح الهمجيّ الإسرائيلي الذي تمثّل بإسقاط البنايات. ما معنى أن يُقصف مبنىً ما بصواريخ فراغية أو ارتجاجية، تسحب الهواء لتحولَ مبنىً ضخماً من اثنتي عشرة طبقة مثلاً، إلى كومة من الركام والحجارة؟ آنذاك، لم يكن أفخاي أدرعي يرسل التحذيرات المسبقة الشبيهة بأحكام الإعدام، ولا كان التصوير المباشر متداولاً كما اليوم. انتهت الحرب فكانت النتيجة عشرات البنايات التي هدمها الكيان المجرم.

في خريف 2024، سيعيد العدو الإسرائيلي الكرّة بإجرام أكبر، نسف مئات البنايات هذه المرة، التي لم تتحول طوابقها المديدة إلى ركام وحجارة، بل صارت تراباً ناعماً أو حفرة مخيفة. نتج عن هذه الاستراتيجية الإجرامية هدم مئات البنايات، آلاف البيوت، وتشريد آلاف الأشخاص الذين أصبحوا حكماً بدون مأوى. فما هي التأثيرات النفسية والمعنوية التي تنتج عن فقدان الإنسان لبيته؟ مع العلم أن جزءاً كبيراً من مجتمع المقاومة يتكيّف ويتجاوز هذا التحدي، إلاّ أن هناك فئات تحتاج فعلاً إلى المساندة والإرشادات في هذا المجال. نقدم لكم في هذه المادة دراسة عن موضوع تدمير البيوت وتجريفها باعتبارها سلاح معنوي في الهمجية الإسرائيلية (يمكنكم تحميل الدراسة بشكل كامل في الأسفل).

نتائج وخلاصات الدراسة

- تجمع أغلبية الدراسات العلمية على أن تغيير البيت له نتائج سيئة في حالات السلم والاختيار، فمن الطبيعي أن تكون نتائجه مأساوية في حالات الحروب والظروف القسرية.

- تساعد البيئة المستقرة الأفراد على الحفاظ على روتينٍ يومي في حياتهم، وتوفّر الإحساس بالتحكّم والنظام، وتسهم في تقليل مشاعر القلق والاضطراب، فيما يعرّض التنقّل المستمر الإنسانَ لتحديات بيئية متغيرة، مثل التكيّف مع مناطق جديدة، وفقدان الأصدقاء والمعارف، والشعور بالحنين للمكان الأساس، والاستغراق في الذكريات وتغيرات المحيط الاجتماعي. فكلّما كان التغيير أو الانتقال أقلّ، كلما ساعد الأمر على الحفاظ على الصحة العقلية للفرد.

- يعزّز الاستقرار المكاني الشعور بالانتماء إلى مجتمع معين. هذا الشعور يتحوّل إلى مصدر قوي للدعم العاطفي والنفسي، ويساعد في بناء هوية شخصية متينة وصحية، ولذلك فإنّ هدم الحيّز المكاني يسلبه الشعور بالانتماء.

- تؤدي العوامل الفكرية والعقائدية دوراً مهما يتقاطع مع ردّات الفعل الانفعالية ثم السلوكية. والمثال على ذلك أن المؤمنين بخيار المقاومة يتعالون فوق مشاعرهم الخاصة ويتكيّفون بسرعة مع التحدّي لأنهم يعتبرون الموضوع جزءاً طبيعياً من مسار حياتهم وقناعاتهم.

- بعض الأشخاص الذين يفقدون منازلهم، يصبحون عرضة للمعاناة ولمشاعر الوحدة وانعدام الأمن.

- يشعر بعض الأشخاص الذين نجوا من الكوارث، أو ممن لم يقدّموا أي تضحيات مثل الشهداء والبيوت والخسائر، يشعرون بما يطلق عليه "ذنب الناجي"، وهو شعور بالتقصير عن الواجب والندم لعدم تعرضهم للبلاء كغيرهم، بينما قدّم الآخرون تضحيات كثيرة.

- ليس بالضرورة أن تكون النتائج السلبية لدى من فقد بيته سواسية لدى الجميع، فهناك أشخاص يتأقلمون بسرعة ولديهم قدرات على تجاوز المحن القاسية. بل يشكرون الله ويحمدونه على النعمة والابتلاء. ولا يعانون من أي مشكلة ولا يشكون أو يتذمّرون.





روزنامة المحور