مع استمرار الاحتلال الاسرائيلي ومستوطنيه بأعمال العنف والاجرام والتنكيل بحق الشعب الفلسطيني، وشنّ العدوان الأخير على قطاع غزّة والذي كثّف خلاله جيش الاحتلال غاراته على الأبنية السكنية واستهدف المدنيين، وسط تصاعد في المقاومة الإعلامية والالكترونية التي يمارسها النشطاء الفلسطينيون مما ساهم في كسبهم للمعركة الإعلامية وفضح وتعرية جرائم الاحتلال. يلجأ الاسرائيلي بهدف تلميع أعماله الوحشية امام الرأي العام العالمي وبناء صورته المزيفة، الى جهاز إعلامي ودعائي للتضليل وإخفاء الحقائق حتى يُبّرر أعماله، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لجندية في جيش الاحتلال تساعد المسنة الفلسطينية على المشي وتحاول تدفئتها بعد أن اضطرت للخروج من منزلها الذي هدمته قوات الاحتلال في القدس استكمالاً لبناء وحداتها الاستيطانية ومصادرتها للأراضي الفلسطينية.
"الهسبرة"
هو جهاز "دعاية إسرائيلية" أمام العالم، تديره حكومة الاحتلال بشكل مباشر، يتشكّل من مئات الصفحات الناشطة والموجهة بالعديد من لغات العالم، بالإضافة الى جيوش أو ما يسمى "بالذباب" الالكتروني التي تعمل على تداول منشورات "مضادة" للرواية الفلسطينية والعربية "وداعمة" لوجهة النظر التضليلية الإسرائيلية.
و"الهسبرة" تعني "الشرح والتفسير" بالعبرية، وهي "تكتيك دبلوماسية عامة يربط حرب المعلومات بالأهداف الاستراتيجية" للكيان الإسرائيلي، قد تم خلقهم ليبينوا للعالم دوافع "إسرائيل".
وتُعتبر "الدبلوماسية العامة" أولوية للسياسة الخارجية الاسرائيلية من الناحية الاستراتيجية، حيث تعمل لتكوّن صورةً إيجابية عن "إسرائيل" في الساحة الدولية، خاصةً بالنظر إلى التحديات التي واجهتها صورة هذا الكيان باستمرار احتلاله فلسطين، وارتكابه المجاوز والجرائم، وتسعى "الهسبرة" في آلية عملها "تعزيز الاستماع الانتقائي، عن طريق الحد من تقبل الجمهور للمعلومات بدلاً من منع وصولها إليه".
تستهدف "الهسبرة" الدبلوماسيين، والسياسيين، والرأي العام من خلال وسائل الإعلام. وتُنجز المهمة أيضاً من خلال المؤسسات والوكالات "الحكومية" العديدة، إلى جانب مراكز الأبحاث والجامعات والمنظمات غير الحكومية وشركات الضغط السياسي.
نماذج عن آلية عملها
في عام 2008، وبالضبط قبل بداية الهجمات على غزة، قررت الحكومة الإسرائيلية استبدال المؤتمرات الصحفية المعتادة في أوقات الحرب بسلسلة من المبادرات المرتكزة على الوسائل الاجتماعية. قام ياردين فاتيكاي، وهو ضابط سابق في الجيش، بتحضير التعليمات لتنفيذ الحملة بالتعاون مع وزارة حرب الاحتلال و"الوكالة الإسرائيلية".
في هذا السياق، تعتمد إحدى "مبادرات" عمل "الهسبرة" على تقديم ورشات عمل لضباط جيش الاحتلال حول وسائل التواصل الجديدة. تم إقامة هذه الورشات في مركز "هرزليا" المتعدد الاختصاصات. وقال أفي بنياهو الناطق باسم قوات الاحتلال في شباط عام 2009 "عندما يحين الوقت لإيصال ما يتوجب علينا قوله، فإن المستقبل يقبع في وسائل التواصل الجديدة. والجيش الإسرائيلي على الإنترنت ليكسب القلوب والعقول".
وبعدها تحولت منصة "يوتيوب" إلى الواجهة الأهم للحملة عندما أنشأ جيش الاحتلال قناته الخاصة، والتي تحتوي على "مدونة" فيديو يصف من خلالها بعض الناطقين باسم الجيش الهجمات كـ "إجراءات إنسانية للدفاع عن النفس". بنفس الطريقة، في عام 2009، كانت من بين مهام "الهسبرة" التواصل بشكل مباشر مع صحفيين من كل العالم. وبالتالي فإنه كان يتم إرسال رسائل نصية إلى آلاف الصحفيين، والدبلوماسيين وكتّاب المدونات المؤثرة.
الاهتمام الإسرائيلي بالإعلام والدعاية
ازدادت المحاولات الإعلامية في كيان الاحتلال بين عامي 2009 و2014 بغاية ضم قطاعات أوسع من مجتمع الاحتلال الى معارك الوعي في الفضاء الالكتروني، وفي مقدمة القطاعات المستهدفة في "المجتمع" تقع الجامعات، حيث يشير مقال في صحيفة "هآرتس" العبرية في آب 2013 أن "مكتب رئيس الوزراء كان يخطط بالتعاون مع الاتحاد الوطني للطلاب الإسرائيليين، لإنشاء "مجموعات سرية" في الجامعات، بحيث تعمل لحساب الهسبرة".
وبعد معركة "سيف القدس" التي نجح فيها الشعب الفلسطيني بتكريس الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي كأداة أساسية في المعركة والمواجهة، عمد كيان الاحتلال الى رفع ميزانية جهاز "الهسبرة" الى 100 مليون شيكل بحسب الاعلام العبري.
الكاتب: غرفة التحرير