معركة مفصلية خاضها المصلون والمرابطون في المسجد الأقصى مع بدأ أيام "عيد الفصح" اليهودي حيث تصدّوا لمخططات ذبح "القرابين" في المسجد وتدنيسه باقتحامات المستوطنين. اشتباكات عنيفة دارت بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال التي اعتدت بوحشية على المتواجدين في الباحات وداخل المصلى القبلي كما اعتدت على حرمة ورمزية الأقصى.
معركة وعي وهوية بامتياز انتصر فيها الشعب الفلسطيني مرّة جديدة ليثبت أن هوية القدس والمسجد الأقصى عربية وإسلامية لا يُتنازل عنها أمام كيان الاحتلال وجماعات اليمين المتطرف الذين أرادوا تهويد وأسرلة القدس المحتلّة في إطار شرعنة احتلالهم أو ما يعتبره وجوداً تاريخياً وعقائدياً في فلسطين المحتلة. وقد قال عضو المكتب السياسي في حركة الجهاد الإسلامي الدكتور يوسف الحساينة أن "الصامدين المرابطين في القدس المستباحة يقفون بشموخ على أسوارها يدافعون عن التاريخ، والحضارة، والتراث، والحياة".
المعادلة الثابتة: غزّة – القدس
ولم تخضِ القدس، على غرار "سيف القدس" ومعادلاتها، معركتها وحيدة، حيث علت أسقف تهديد فصائل المقاومة الفلسطينية التي كانت حاضرة لخوض معركة عسكرية جديدة اذ ما كفّ الاحتلال يده عن المسجد الأقصى. وبمعرفة الكيان الإسرائيلي الذي لا يزال يعاني من العمليات الفدائية التي ضربت "عمقه" ومن تصاعد المقاومة في الضفة الغربية لا سيما في مخيم جنين، كما من أزمات سياسية داخلية، بجدّية تهديدات المقاومة وقدرتها الفعلية على المواجهة الواسعة خاصة مع ترميمها لمخزونها الصاروخي، تحرّكت الوساطات العربية والدولية لتنفيذ شروط الفصائل. وقد اختصرها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في اتصالاته مع المخابرات المصرية ومع المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الشرق الأوسط تور وينسلاند والتي طالبت بالافراج عن المعتقلين و"السماح للمصلين والمعتكفين بالوصول إلى المسجد الأقصى بحرية تامة".
وقد اضطر الاحتلال الى الافراج عن معظم المعتقلين من المسجد الأقصى، وتابع الفلسطينيون إحياء "الفجر العظيم" وأداء الصلوات كما افترشوا الأرض بموائد الإفطار، بعد أن تُرك الاحتلال من الأنظمة العربية والدولية التي لطالما تلطّى بها.
ادانات عربية وإسلامية
صدرت بيانات وتصريحات إدانة الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى والمصلين من كلّ من السعودية وقطر والكويت وسلطنة عمان وليبا وتونس ومصر ولبنان والسطلة الفلسطينية والجزائر التي اعبرت وزارة خارجيتها أن "الاعتداءات الإسرائيلية انتهاكا فاضحا لقدسية وحرمة المسجد وتعديا سافرا على كل القرارات والمواثيق الدولية ذات الصلة، كما صدرت إدانة مماثلة من مجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي. وضمّت حركة طالبان الأفغانية صوتها المنّدد أيضاً.
أمّا في اليمن في مدينة "تعز" فقد خرجت المظاهرات المنددة باعتداءات الاحتلال والمتضامنة مع الشعب الفلسطيني وقضية القدس والمسجد الأقصى، وكذلك خرجت مظاهرات مماثلة في العاصمة الموريتانية نواكشط، وفي الأردن احتشد المتظاهرون أمام سفارة "تل أبيب" رافعين الشعارات الرافضة للتطبيع العربي مع الكيان الإسرائيلي مطالبين حكومة بلادهم بقطع العلاقات مع الكيان.
كذلك كان الموقف من الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال اتصال وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان بهنية اعتبر فيه أن "ما يجري في المسجد الأقصى يؤكد عجز إسرائيل أمام مقاومة الفلسطينيين الحية".
أمريكا تخشى التصعيد في فترة حسّاسة
وعلى مقلب "حلفاء اسرائيل" الذين يبدو أن انشغالهم بتداعيات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا على أمنهم الاقتصادي والسياسي يشكّل الأولوية أمام "أمن" الكيان، فقد دعت الخارجية الأمريكية "جميع الأطراف إلى الحفاظ على الوضع التاريخي في القدس"، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس ان بلاده " تتابع عن كثب التطورات وستظل على اتصال وثيق مع كبار المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين للسعي إلى تهدئة التوترات". وكذلك كان موقف الاتحاد الأوروبي. لكن هذه الجهات تبقى طرفاً واضحاً في الصراع حيث أنها لا تنفك تدعم "إسرائيل" وتؤمّن لها الغطاء الدولي وستدعمها أيضاً
في عدوانها لو فرضته الأخيرة عليها كـ "أمر واقع".
أمّا الموقف من روسيا – التي يعتبرها الكيان حليفاً ضرورياً في سوريا – فقد صرّحت وزارة خارجيتها بأن "إسرائيل تحاول استغلال الوضع حول أوكرانيا لتحويل انتباه المجتمع الدولي عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
الرّد على الاعتداءات جاء من الضفة والدّاخل
الرّد على عنف الاحتلال وتعرّض قواته للمصلين بما أوقع أكثر من 150 جريحاً فلسطينياً، تحمّلته مناطق القدس والضفة الغربية المحتلّة التي اشتبك مقاوموها بدورهم مع الاحتلال في مخيم "العروب" شمال الخليل، وقرب حاجز "الجيب" شمال غرب القدس المحتلة، في بلدة أبو ديس (شرق القدس)، وقرب بلدة نحالين ببيت لحم. وفي جنين أيضاً اندلعت المواجهات عند حاجز "الجلمة" الذي عملت قوات الاحتلال على إعادة فتحه اليوم بعد أسبوع من الإغلاق.
وفي الدّاخل المحتل الذي بات شريكاّ مقاوماّ أساسياً وفاعلاً ويشكّل ضغطاً خاصاً على الكيان فقد تواجد الفلسطينيون عند مدخل مدينة "أم الفحم" واشتبكوا مع جنود الاحتلال.
الكاتب: غرفة التحرير