الغرب في النيجر: استعادة للشرعية ام حفاظ على المصالح؟

يراقب الغرب ما يجري في النيجر بحذر شديد. اذ ان الموارد التي كانت تحت سيطرته لعقود، محميةً من الرئيس المخلوع، باتت مهددة. تستشعر فرنسا القلق. سيزيد تقويض نفذوها في تلك المنطقة، من أزمتها الاقتصادية والسياسية، توازياً مع ما تركته الحرب الروسية الغربية في أوكرانيا، والتي انتزعت بدورها، الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي من الدول الأوروبية ودفعت بها إلى حافة الهاوية.

لم تقم منظمة "ايكواس" (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا) بمجهود يذكر لمحاربة المتطرفين طيلة الفترة الماضية، لكنها أشهرت سيف العقوبات وهددت بالتدخل العسكري فيما لو يحبط الانقلاب وتعود الأمور إلى سابق عهدها.

وكانت الكتلة الإقليمية قد هددت باستخدام القوة إذا لم تتم إعادة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه بحلول 6 آب/أغسطس. ومع ذلك، ومع انتهاء الموعد النهائي، لم يظهر قادة الانقلاب أي علامة على نيتهم بالتراجع. وتقول مجلة ايكونوميست "بدلاً من التراجع، ملأوا الملاعب بصور المؤيدين الذين قطعوا رأس ديك مطلي بألوان فرنسا". مع انتهاء الموعد النهائي، أغلق المجلس العسكري المجال الجوي للنيجر تماما، بسبب قيام "دولتين أفريقيتين أخريين بإعداد القوات للانتشار في النيجر" على حد قولهم. وقالت إن القوات المسلحة النيجرية "مستعدة للدفاع عن سلامة أراضيها".

تأتي هذه التطورات على ضوء زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي أكد على ضرورة "لاستعادة النظام الدستوري في النيجر...نحن ندعم جهود المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا". واللافت كان التلويح بوقف المساعدات. فقد أشار في حديث له مع راديو فرنسا الدولي إلى "إن تعطيل هذا النظام الدستوري يضعنا، والعديد من البلدان الأخرى، في وضع يتعين علينا فيه وقف مساعداتنا ودعمنا، وهذا لن يفيد شعب النيجر". وهو ما يقدر بنحو 200 مليون دولار، معظمها مساعدات غذائية لبلد يبلغ عدد سكانه 25 مليون نسمة حيث يقدر أن 40 بالمائة على الأقل يعيشون على أقل من دولارين في اليوم.

يمكن اعتبار منظمة "إيكواس" جندياً مطواعاً لدى الهيمنة الغربية. فمن الملاحظ، ان "المستعمر القديم"، قد نجح في جعلها أداة لترسيخ هيمنته. ويبرز ذلك عبر الأحداث التي شهدتها دول افريقية عدة خلال السنوات الأخيرة:

فرضت ايكواس عقوبات على بوركينا فاسو (4 أيار/مايو 2022) ومالي (18 آب/ أغسطس 2020) بعد ان الانقلاب العسكري الذي نفذ في كلتا الدولتين، والذي كان يهدف للإطاحة برؤساء وحكومات موالين للفلك الغربي.

بالنسبة للنيجر، لم يختلف الأمر كثيراً، فقد فرضت المنظمة عقوبات على نيامي، وقامت بتجميد الأصول النيجرية في البنوك المركزية لدولة المنظمة -خاصة تلك التابعة للضباط ذوي الثقل والذين يعدون من قيادة الانقلاب-، وإيقاف مختلف الاتفاقيات والمعاملات المالية والتجارية بينها وبين جميع الدول الأعضاء. مهددة باتخاذ تدابير أكثر تطرفاً، كتدخل القوات العسكرية في البلاد معتبرة ان ذلك هو "الخيار الأخير".

وايكواس هي منظمة تعاون أفريقية ومقرها أبوجا، عاصمة نيجيريا، تضم 15 من بلدان أفريقيا الغربية (ليبيريا، بوركينا فاسو، كوت ديفوار، غامبيا، غانا، بنين، غينيا، غينيا بيساو، مالي النيجر، نيجيريا، كابو فيردي، سيراليون، السنغال والتوغو). رفعت المنظمة شعار تعزيز التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين دول المنطقة كمدخلٍ إلى اندماج اقتصادي شامل.

ترغب الولايات المتحدة في الحفاظ على قاعدتي الطائرات بدون طيار في النيجر، مما يسمح لها بجمع المعلومات الاستخباراتية عبر منطقة الساحل وشرق إفريقيا، ويضمن تواجد قواتها خلال دورات التدريب مع الجيش النيجري، إضافة لعدد من المنشآت الأخرى. كما ينظر الاتحاد الأوروبي إلى عدم الاستقرار في النيجر على أنه يضر بمصالحه، حيث كان مركز عبور مهم للمهاجرين الأفارقة إلى أوروبا. توازياً مع الحاجة الملحة لموارد البلاد.

 


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور