ارتكب حرس الحدود السعودي جريمة بحق مئات المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة الذين عبروا اليمن من بوابة خليج عدن، قاصدين العمل في المملكة. وبحسب التقارير الواردة، فإن منع المهاجرين من دخول الأراضي السعودية لم يكن عبر اقفال الحدود او تخويفهم بإطلاق النار، بل بالقتل العمد الذي يسبقه التنكيل والتعذيب والاغتصاب، ويقول ناجٍ لمنظمة "هيومن رايتس ووتش": "كنا نُسأل عن أي طرف من أجسادنا نُفضّل ان يُطلق النار".
كشف تقرير نشرته المنظمة، عن الجرائم المستمرة التي يرتكبها النظام السعودي بحق طالبي اللجوء إلى المملكة. وأشار إلى ان حرس الحدود قتل مئات المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين على الأقل، الذين حاولوا عبور الحدود اليمنية السعودية بين مارس/آذار 2022 ويونيو/حزيران 2023.
تمتد انتهاكات حرس الحدود السعوديين إلى ما هو أبعد من إطلاق الأسلحة المتفجرة وإطلاق النار على المهاجرين من مسافة قريبة. قال بعض المهاجرين إنه بعد اكتمال الهجوم بالأسلحة المتفجرة، كان حرس الحدود السعوديون ينزلون من مراكزهم ونقاطهم ويضربون الناجين. وصف صبي يبلغ من العمر 17 عاما كيف أجبره حرس الحدود السعوديون وناجيات أخريات على اغتصاب فتاتين ناجيتين بعد أن أعدم الحراس مهاجرة أخرى كانت قد رفضت. ويوثّق التقرير ما تتعرض له الفتيات من اعتداء وعنف جنسي بشتى الطرق التي لا يتقبّلها انسان سَوِيْ.
وتأتي هذه الاتهامات في وقت حساس ومعقد بالنسبة لولي العهد، الذي يحاول جاهداً تبييض صورته بعدما اقترنت بانتهاكات حقوق الانسان، ان كان في الجرائم التي ارتكبها في اليمن، او ضد معارضيه وشعبه في الداخل.
كما يثير التقرير أسئلة غير مريحة لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي تدرس منح "ضمانات أمنية" للسعودية من أجل إغراء قادتها بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، والتي تتضمن معاهدة دفاع مشترك تلزم القوات الأمريكية بالدفاع عن السعودية في حالة وقوع أي هجوم.
شن عدد من الصحف الأجنبية والأميركية حملة واسعة ضد الانتهاكات والجرائم التي وثقتها المنظمة. وجادل بعض المحللين بأن تقرير هيومن رايتس ووتش يجب أن يكون بمثابة تذكير بأن العمل مع الحكومة السعودية غالباً ما ينطوي على "مشكلة أخلاقية".
وطالبت جي ستريت، وهي مجموعة مؤيدة لإسرائيل: "على الأقل يجب أن يؤدي هذا إلى إجراء تحقيق فيما إذا كان القانون الأمريكي قد انتهك من قبل القوات السعودية المدربة من قبل الولايات المتحدة أو بأسلحة أمريكية (...) إنه أيضاً تذكير مروّع لماذا لا ينبغي على الولايات المتحدة أن تلزم نفسها بالاستبداد السعودي بالتزامات عسكرية جديدة كبيرة أو مبيعات أسلحة".
من جهتها، قالت نادية هاردمان من هيومن رايتس ووتش في بيان: "إنفاق المليارات على شراء الغولف المحترف ونوادي كرة القدم والأحداث الترفيهية الكبرى لتحسين صورة السعودية يجب ألا يصرف الانتباه عن هذه الجرائم المروعة".
المهاجرين: هربٌ من الموت إلى الموت
تعد منطقة رأس العاره (وهي إحدى المناطق الساحلية في محافظة لحج جنوبي اليمن) المأوى الذي تستقر فيه مافيا التهريب. وتحتوي المنطقة على ما يزيد عن 80 مكان تجمّع، يُجلب الأفارقة إليها وتفتقر لأدنى مقومات الحياة، ولا يتوفر في معظمها مساكن خاصة أو حتى حمامات مياه غيز خزان واحد لا يصلح للاستخدام الآدمي.
ووفق المرصد الأورورمتوسطي ومنظمة سام، تتخذ عصابات تهريب المهاجرين من منطقة رأس العاره الساحلية مقراً لها في إدارة أعمالها الإجرامية، اذ أنشأت أحواشاً تجمع الأفارقة فيها، ومن ثم تستخدم معهم أساليب التعذيب والضرب وأحياناً اغتصاب النساء والفتيات وحرمانهم من الطعام والملبس والمأوى لإجبارهم على دفع مبالغ مالية، ومساومة ذويهم على تحويل الأموال مقابل الإفراج عن اقرابهم.
الكاتب: غرفة التحرير