الثلاثاء 10 تشرين أول , 2023 03:11

ورقة سياسية: الأبعاد الاستراتيجية لعملية "طوفان الأقصى"

القصف الإسرائيلي على غزة

­تعتبر عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في صباح يوم 7 تشرين الأول اكتوبر 2023 ضد الاحتلال الإسرائيلي، "تطور نوعي" في أدائها قياسا إلى الحروب والعمليات السابقة ضد العدو الغاصب. كما عملية إطلاق الصواريخ وطريقة استخدامها من جانب المقاومة الفلسطينية يشيران إلى أن هناك تغيرا في فكر وإدارة المعركة على أرض الواقع. ويذهب الاعتقاد الى أنّ من يقود العمل العسكري من المقاومة الفلسطينية أصبح أكثر نضجا مقارنة بالحروب السابقة، حيث بات يوظف الإمكانات بالاتجاه الصحيح، خاصة بعد نجاح الهجمات في شل الحركة بمطار بن غوريون الدولي. ومن خلال ما تبدى حتى الآن عن هذه العملية، بدت الصورة الأكثر أهمية هي: عنصر المفاجأة، والذي تحقق بشكل كامل ومثير، فقد فوجئ المستوى الأمني وكذلك العسكري والسياسي والإداري (في المستوطنات) بالهجوم واستغل المقاتلون الفلسطينيون عنصر المفاجأة لتحقيق أكبر قدر من التقدم والانجازات العسكرية. وثبّت عنصر الصدمة ذلك، حيث سبّبت سرعة التقدم الفلسطيني صدمة في الكيان على جميع مستوياتها واستغرق الامر وقتا طويلاً حتى تستوعب حكومة بنيامين نتنياهو الصدمة. هذا العنصر تسبب في حالة رعب تمثلت بالهروب الكبير من قرى “غلاف غزة” وهو الأمر الذي ظهر على كل وسائل الاعلام العالمية مباشرة.

كما كان للفشل الاستخباراتي وقع كبير على الوعي الإسرائيلي، حيث فشل جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية (أمان) في توقع مثل هذا الهجوم وفي وضع القيادة العسكرية في معلومات حول القدرات الحقيقية لحركة “حماس” وخصوصاً القدرة على الخروج من القطاع نحو الغلاف. كما كان الفشل العسكري في مواجهة ما حصل على الأرض، فاضحا في قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال التي لم تنشر جهازاً دفاعياً يحمي مستوطنات “الغلاف” تحسباً لمثل هكذا هجوم بل اكتفت بنشر قوات عادية عجزت عن رد الهجوم. إنّ المباغتة الاستراتيجية التي قامت بها المقاومة الفلسطينية وثبتتها عملية طوفان الأقصى ضربت وعي الصهاينة وكيانهم. ويبدو أنّ المقاومة حصدت صورة معنوية مهمة ستفرض نفسها على المشهد الجديد في المنطقة وكل الضربات الإسرائيلية في المستقبل. بالمقابل، وبحسب ثقافة الردع الإسرائيلي، كان متوقع أن يتوجه الصهاينة نحو ردّ عسكري عنيف في محاولة لاسترجاع زمام المبادرة وتحقيق أي انجاز لاستثماره داخليا وتهدئة بيئته المربكة والمشتتة.

هذا الإطار سيضع المنطقة كلها أمام سيناريوهات كبيرة جدا وغير مسبوقة. فاستراتيجيا، رسم المقاومون الفلسطينيون صورة مختلفة في الصراع مع العدو، وحددوا جانب كبير من نتائج المعركة. ويبدو كذلك ان المقاومة الفلسطينية تجاوزت كل الخطوط الحمراء مع العدو.  بالمقابل، هل سيتجاوز العدو أيضا خطوط الاشتباك؟ لم يكن الكيان حتى في أحلامه يتصور مشهد آلياته تحترق ومستوطنيها يختبئون في حاويات النفايات ولا مشهد الأسرى من الجنود والمستوطنين بالعشرات وكذلك مشاهد الهروب، وكلها تُشكل إذلالاً وكسراً للكبرياء الاسرائيلي والشعور بالتفوق الذي رافق ولادة هذا الكيان الغاصب حتى يومنا هذا.  وهذا أمر ستكون له تداعيات كبرى وتأثير استراتيجي كبير على الكيان. من هنا نسأل ما هي دلالات هذا التأثير؟ وكيف سيعالجها الاسرائيلي، في الوقت الذي تبدو فيه الصورة في داخل الكيان مربكة وغير واضحة بسبب هول ما حصل لهم ولم يتوقعوه يوما؟

المباغتة الاستراتيجية: صدمة على مستوى الوعي الإسرائيلي

يبدو الكيان امام معضلة شديدة التعقيد، ولا يمكن أن تحلّ بسهولة. فهو لا يزال تحت وقع الصدمة امام المباغتة الاستراتيجية التي قامت بها المقاومة الفلسطينية، إضافة الى ذلك فرضت الصورة الجديدة نفسها، فلأول مرة يرى العدو مستوطناته تحترق ومستوطنيه يؤسرون، وجنوده يؤسرون ويقتلون بهذا الشكل، لكن في نفس الوقت هو ملزم تجاه جنوده ومستوطنيه باتخاذ إجراءات سريعة لاسترداد الاسرى والمستوطنات التي سيطرت عليها فصائل المقاومة.

اعلان حالة الحرب، هو استمرار للمواجهة ولكن لا يزال هناك غموض حول كيفية ادارتها: فقد أعلن بنيامين نتنياهو أن "إسرائيل في حالة حرب" وسبقته القيادة العسكرية بإعلان بدء عملية “السيوف الحديدية” ضد غزة. هذه العملية تستهدف استعادة المستوطنات التي احتلتها فصائل المقاومة، ومحاولة التقدم إلى “حزام غزة” والقضاء على الجزء الأكبر من البنية التحتية العسكرية لكل من حركة “حماس” والجهاد الاسلامي”. من الطبيعي ان تواجه غزة هذا الهجوم بالتصدي الدفاعي المباشر وبقصف عمق الكيان وصولاً إلى تل أبيب والقدس ونتانيا وخضيرة وغيرها من المدن والمستوطنات من أجل تعطيل الحياة في الداخل الإسرائيلي، وعرقلة الهجوم على غزة، أي نقل القوات والذخائر واخلاء الجرحى وغيرها. فهل يلجأ الى خيار المواجهة؟ بالتأكيد ان الاستمرار في الحرب يعني محاولة الردع بمنع إمكانية أن يتكرر ما حصل في المستوطنات، ولكن ان كان يملك الرغبة في الحرب، فهل يملك القدرة على ذلك؟ وهل سيتاح له استخدام السلاح النووي في الحرب بعدما استخدمه في الردع؟

بالتأكيد أن حسابات الكيان الان اختلفت، فهو سيسعى في مرحلة أولى الى استرجاع المستوطنات التي تمت السيطرة عليها من قبل فصائل المقاومة، ثم سيعتمد كل الوسائل للقضاء على مصدر التهديد (أي المقاومة) واستعادة الامن. ورغم أنه من الواضح من جولات القتال السابقة في غزة أن المقاومة عملت على تطوير شبكات اتصالات عسكرية مستقلة ومهمة، بما في ذلك أنظمة إعادة البث الخاصة بها في ساحة المعركة، فإن هذا يشير إلى أنّه: تم التخطيط لها بمستوى من الأمن العملياتي داخل كل الفصائل في غزة، وهو أمر غير مسبوق في جولات القتال السابقة.

ما هو واضح حتى الان، هو أنه في عدة مراحل من الإعداد، تم إغفال الاستعدادات المحتملة من قبل الإسرائيلي، والمقصود هنا، التخطيط والتخزين، ولكن الأهم من ذلك، في الفترة التي سبقت هجوم المقاومة مباشرة عندما كان مقاتلوها يتجمعون ويقتربون من المناطق الحدودية التي تراقبها دوريات وكاميرات منتظمة، وأجهزة استشعار للحركة الأرضية ومدافع صغيرة يتم التحكم فيها عن بعد في مواقع أثبتت فعاليتها في الماضي ضد محاولات التسلل من قبل المقاومين على السياج الحدودي. ويشير كل هذا إلى أن العملية ــ مثل هجمات التسلل المفاجئة السابقة التي نفذتها المقاومة، بما في ذلك تلك التي شملت إنشاء أنفاق إلى داخل الكيان تطلبت قدراً هائلاً من الإعداد. ولعله من المهم الإشارة الى أن الأحداث التي شهدتها فصائل المقاومة في الأشهر الأخيرة (كما عبرت عن ذلك وسائل الاعلام الإسرائيلية نفسها) لم تعتبرها قوات الدفاع ووكالات الاستخبارات الإسرائيلية جزءاً من الاستعداد للحرب.[1]

لقد انتصرت المقاومة الفلسطينية لأنها تسببت في صدمة دراماتيكية وغير مسبوقة لنظام الأمن القومي الإسرائيلي. لقد وجهت ضربة قاصمة للردع الإسرائيلي، وكشفت عن الثغرات الهائلة في الاستخبارات الإسرائيلية، والتي لم يتوقع الاسرائيلي حدوثها. إن هذين الفشلين الهائلين - ليس فقط في الأفراد والمعدات والتحليل، ولكن أيضًا في التخطيط والتوقع والاستعداد. وبالنسبة للإسرائيلي أكيد أن هذا هو أسوأ من المفاجأة الاستراتيجية التي حدثت في حرب أكتوبر عام 1973، وهو أسوأ كابوس للكيان على الاطلاق.

 إنّ تكتيكات التضليل التي استخدمتها المقاومة بإطلاق وابل من الصواريخ والقذائف التي أعقبها توغل من الجو والبر والبحر دليل واضح على أنّ المقاومة تمتلك زمام المبادرة في التوقيت والفعل، في الوقت الذي كان الجيش الإسرائيلي مسترخيا ونائما، ومطمئنا لتطور ادواته اللوجستية ومعلوماته الاستخباراتية التي أثبتت فشلها عمليا.

 فوبيا الصورة التي ثبّتتها عملية "طوفان الأقصى"

لقد أصبحت الصورة تخيف لأنها تفضح وتكشف. فهناك نسق قديم ومتجذر ينم عن خوف أسطوري من الصورة، في تشكيلها لرأي عام لا يخدم مصلحة الكيان، فتغطية عملية طوفان الأقصى منذ انطلاقتها وتوثيق دخول المقاومين عبر الجدار العازل، والتمركز في نقاط الاشتباك، وكل التفاصيل التي تلت ذلك ميدانيا، سببت حالة من الصدمة والرعب والارباك لدى المستوطنين والجنود والرأي العام الإسرائيلي.

يخاف الكيان من الصورة اليوم بشكل كبير، لأنها تكشف فشله وعدم قدرته على مواجهة المصيبة التي حلت به. انه يخاف ثقافة الصورة لأنها قادرة على كشف كذبه وتضليله وتشويهه للحقائق على الأرض، وهو الذي يقود تاريخ طويل من الانتهاكات والقتل والاجرام بحق الشعب الفلسطيني. من هذا المنطلق يخاف الكيان من الصورة لأنها قد تغير موقف الراي العام الذي بذل الكيان جهودا كبيرا لمحاولة صناعته والمحافظة عليه.

بدأت عملية طوفان الأقصى واستفاق العالم كله والإسرائيلي تحديدا على مشهد الدخول الى المستوطنات واختراق غلاف غزة. وبما أنها صورة غير عادية وغير تقليدية فقد توفر لها من وسائل التوصيل والتعميم ما جعلها صورة كونية واشترك البشر في تلقيها وتأويلها لقد كانت صورة ناسخة لكل ما سواها من الصور إنها إعادة تشكيل أو صياغة رأي عام داخلي إسرائيلي مصدوم ومرعوب وأكثر تشتتا وخوفا، ورأي عام عربي واسلامي أكثر وعيا وتمسكا بالمقاومة وحقها في تحرير الأرض من المحتل الغاصب. إن الصورة قوة ثقافية جديدة واتجاه جديد لصناعة الرأي العام لهذا يسعى الإسرائيلي وحلفائه الغربيين لمنع الصحافيين والمصورين في المناطق التي وصل اليها المقاومون. إن الصورة هي الأداة الثقافية التي تتحكم في الذهن البشري اليوم وتعيد تشكيله وفق ما يخدم مصلحة المقاومة، وما يكسر الصورة النمطية التي أسس لها الإسرائيلي لسنوات طويلة.

يسوق الإسرائيلي الان لما يسمى " الردّ الدفاعي السريع" وبدء دوامة تصعيدية محتملة، حيث يعمل الإسرائيلي من خلاله على:

- محاولة استرجاع الصورة النمطية للتفوق، بالتسويق لقدراته الأمنية، والعسكرية من خلال قصف غزة وما يدعي انه مواقع للفصائل المقاومة، مع عدم الاكتراث للمدنيين الذين يتعرضون للقصف العشوائي والمباشر.

- الدعاية الإعلامية بعنوان "الجرائم التي يرتكبها المقاومون في حق المدنيين الإسرائيليين" بهدف قلب الصورة والتأثير على الراي العام العالمي بأنّ من يُقتل اليوم هم المدنيون الإسرائيليون.

- اعلان الحرب والتي تتطلب أولا، إعادة السيطرة على ما فقد من جغرافيا في غلاف غزة، أي استرجاع المستوطنات التي تم السيطرة عليها من قبل فصائل المقاومة. ثم الانتقام من اهل غزة والمقاومة.

- حصر الاضرار والخسائر في صفوف جنوده ومستوطنيه.

- التعبئة الداخلية وشد العصب في الداخل سياسيا وإعلاميا.

سيناريوهات المواجهة وسط غياب معادلة الردع

يتبين الى حد الان أن الهدف الأساسي للكيان هو ردع أي محاولة لتكرار سيناريو ما حصل في غلاف غزة والمستوطنات، والقضاء على مصادر التهديد واستعادة الامن. عمليا، بعد أن ينتهي من تطهير المستوطنات، يبدو أن لديه خيارات متعددة، أولها ضرب غزة (ضربة انتقامية)، ثم استهداف مواقع المقاومة (بنك الأهداف)، وربما اللجوء الى ضرب الحافة الامامية لغزة والاجتياح. واقعيا، يقف الكيان اليوم أمام معضلة شديدة التعقيد، وغير سهلة. من هذا المنطلق تظهر بعض السيناريوهات المحتملة:

"تحصيل ثمن باهظ" كما يقول ناتنياهو، ومنع حزب الله من الدخول للحرب

يشير جوناتان بانيكوف الباحث في المجلس الأطلسي الى أنّ "الصراع بين إسرائيل وحماس دخل في مستوى جديد، وهو لا يزال في بدايته، فالهجمات التي تعرضت لها إسرائيل ليست سوى بداية هذا الصراع. لقد وعد نتنياهو بالفعل بـ "تحصيل ثمن باهظ"، ولن يكون لديه اهتمام كبير بالتراجع عن هذا التعهد. لن تكون هذه مجرد عملية انتقامية صغيرة؛ إن طبيعة الهجوم التي لا مثيل لها لن تسمح بذلك. لقد حدثت هجمات مفاجئة من قبل، وحقيقة أن هذا الهجوم وقع بعد خمسين عامًا ويومًا واحدًا من بدء حرب يوم الغفران، وهي مرجعية ستظل محفورة إلى الأبد في كتب التاريخ. لكن لسنوات، انخرطت إسرائيل وحماس (والجماعات الفلسطينية المسلحة الأخرى) في جولات متعددة من إطلاق الصواريخ من غزة وهجمات، أعقبتها ردود فعل إسرائيلية بضرب قطاع غزة."

ويضيف جوناتان بانيكوف أنّ" المخاوف الأكبر بالنسبة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية تنقسم إلى شقين: حماية المواطنين الإسرائيليين المحاصرين من قِبَل مقاتلي حماس الذين تسللوا إلى البلاد، ومحاولة منع حزب الله من الانضمام إلى الصراع. لسنوات كانت هناك تحذيرات بشأن احتمال نشوب حرب متعددة الجبهات. إذا كانت هذه هي البداية، فإن الموت والدمار المحتملين قد يفوق أي شيء رأيناه منذ عقود. وبينما انطلقت صفارات الإنذار للإشارة إلى هجمات صاروخية في القدس وتل أبيب في وقت سابق من اليوم، فإن الغالبية العظمى من الهجوم يحدث في جنوب إسرائيل. إذا دخل «حزب الله» إلى الصراع، فلن يكون ذلك مناسبا، حيث ستواجه إسرائيل حرباً واسعة النطاق لم تشهدها منذ عقود. إنّ كيفية تأثير هذا الصراع، وخاصة الصراع الممتد، على الجهود طويلة المدى للبناء على اتفاقيات أبراهام وربما تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية ستكون مسألة استراتيجية حاسمة. سيكون لدى إسرائيل، كما هو الحال في كثير من الأحيان، بعض النطاق الترددي من المجتمع الدولي في الأيام المقبلة لشن ضربة انتقامية. ولكن كلما طال أمد الحرب وتزايدت المذابح، سيبدأ المجتمع الدولي في دعوة جميع الأطراف إلى وقف التصعيد. ومن غير المرجح أن توافق اسرائيل على هذا الطلب إلا إذا رأت أنها حققت بعض أهدافها على الأقل. وفي حين أن الرياض قد تكون داعمة سرا لجهود إسرائيل في التصدي لإرهابيي حماس، فمن غير المرجح أن يكون الشارع العربي داعما إلى هذا الحد، خاصة وأن الصور من التلفزيون والصحافة المطبوعة وموقع X (تويتر سابقا) تسلط الضوء على الموت والدمار في غزة وربما لبنان. من المرجح أن الأيام والأسابيع المقبلة لن تدفع مستقبل أمن إسرائيل فحسب، بل قد تدفع أيضًا مستقبل مكانتها في المنطقة."[2]

حرب موسّعة ومدمّرة في غزة

خيار الحرب الموسعة لتغيير الوضع السياسي في غزة، يعني ألا يكون هناك مقاومة في غزة، وهذا يعني أيضا كما قال ناتنياهو في خطابه، أن يتم تهجير عدد كبير من سكان القطاع، يعني نكبة جديدة شبيهة بنكبة 1948.

الاكتفاء بتكثيف القصف الجوي مع توغل محدود في الحافة الامامية لغزة:

 وهذا وان كان موجعا ودمويا لكنه لا يغير شيئا على الأرض، لأن صواريخ المقاومة ستستمر في ضرب المدن والمواقع الإسرائيلية. إضافة الى الاشتباك البري الذي سيستمر، وكلما طال أمد الحرب سيقرّب ناتنياهو وجيشه من الهزيمة أكثر. (هنا سيناريو قريب من ذاك الذي حصل في حرب تموز 2006 في لبنان).

التورط في حرب طويلة الأمد

مبدئيا قرار خوض الحرب، والاستعداد لاجتياح غزة برّيا قد حسم، وما هي الا ساعات او ربما بعض الأيام لتبدأ المعركة على تخوم غزة وربما في شوارعها. لكن يخفى على العدو درجة الاستعداد والقدرات التي تمتلكها المقاومة اليوم، هذه المقاومة التي بنت منظومة امداد وسيطرة متقدمة، وهي قادرة على العمل، بل والتفوق بالرغم من كل الإمكانات الإسرائيلية. ويذهب الاعتقاد الى أنه، كما فوجئ بالتسلل والدخول الى غلاف غزة والمستوطنات واعترف بالفشل الاستخباراتي والعسكري الذي أسقط صورته النمطية بالتفوق، يبدو أنه لا يدرك عواقب الاجتياح البري، وتداعياته، علما وأنه الى حد الان، وعلى الرغم من التعبئة التي يقوم بها الإسرائيلي في محاولة لشد عصب الداخل، لا يبدو أنها قادرة على تحقيق أي انجاز على الأرض، خاصة في ظل صمود جبهة المقاومة. ربما على ناتنياهو أن يفهم أنه إذا تورط في الحرب في وقت يختاره خصومه، فعليه ان يفهم انه سيسقط سياسيا وعسكريا.

في لحظة ما من الصراع، قد يقوم الإسرائيلي باستدارة إذا شعر أنّ مسار المعركة قد يتحول الى خارج ساحة المواجهة المحدودة في الزمان والمكان، ليصبح مسارا إقليميا يفرض وجوده، وهو الذي يعمل على عدم فتح جبهة خارجا مع أي من مكونات محور المقاومة في المنطقة. الأرجح ان يتدخل الأمريكي في هذه اللحظة لمنع أي تمدد خارج نطاق ما يريده الإسرائيلي والامريكي معا: أي مواجهة بين الكيان وفصائل المقاومة في غزة، ومحاولة قلب الصورة والواقع لصالح الكيان لتحقيق رغبته الانتقامية، وتحميل غزة وأهلها نتائج ما حصل في المعركة.

المصادر والمراجع:

[1] Bilel Y. Saab, Mick Mulroy, Joseph L. Votel, Michael K. Nagata, Defense Rapid Reaction: Hamas attack on Israel, October 7, 2023.

[2] Experts React: Israel is “at war” after Hamas militants launch major assault, Atlantic Council experts. October 7,2023.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور