الخميس 26 تشرين أول , 2023 04:37

ثلاثة إخفاقات تعكس عمق الأزمة لدى الكيان!

بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي

كلما حاول الكيان الصهيوني الاستفاقة من هزيمة 7 أكتوبر التي وجهتها له كتائب القسام؛ محاولاً إظهار عظمته وإثبات القدرة على تجاوز ذلك للحليف الاستراتيجي الولايات المتحدة الأمريكية، كلما وقع في سقطات تعكس حجم وواقع الأزمة الداخلية التي سببتها له معركة طوفان الأقصى؛ محاولاً التغلب عليها من خلال المزيد من قتل الأطفال والنساء الأبرياء وقصف البيوت على ساكنيها، وتارة بقصف المستشفيات ومتوعدا مستشفيات أخرى وتارة باستهداف وقتل الصحفيين والطواقم الطبية، مبتدأ ذلك المسلسل الاجرامي بضرب كل القوانين الدولية واغلاق المعابر ومنع دخول الامدادات الاغاثية الإنسانية والطبية مانعاً وصول الماء والوقود.

على الجانب الآخر، تقود كتائب القسام المعركة بطريقة ذكية على الصعيد الإعلامي والعسكري؛ تنم عن مدى الاستعداد لقيادة وجنود الكتائب للعملية ورباطة الجأش التي تتمتع بها بقيادة المعركة. ففي خلال ساعتين تقريبا من مغرب يوم الأربعاء التاسع عشر من الحرب تعرض الكيان لثلاث سقطات مدوية على الصعيد الاستخباراتي والاعلامي تعكس حجم الأزمة الداخلية التي تعيشها حكومة دولة الاحتلال الصهيوني:

السقطة الأولى: نشر إعلام الاحتلال مقطع فيديو للناطق الإعلامي باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام أبو عبيدة يوضح من خلاله أنه جهاز الاستخبارات قد استطاع الوصول للشخصية الحقيقية للناطق الإعلامي موضحاً ذلك بأنه حذيفة الكحلوت، وكان أول ظهور للناطق الإعلامي عام 2006م مقنعاً ليزف بشرى أسر كتائب القسام للجندي الصهيوني (جلعاد شاليط) من على الحدود الشرقية لمحافظة خانيونس ضمن عملية أطلقت عليها (الوهم المتبدد)، ويبدو أن جهاز الاستخبارات يحاول تسويق ذلك للشعب الصهيوني بالإنجاز العظيم بعد 17 عاماً، ومن المعروف أن أبا عبيدة شخصية يمارس حياته بشكل طبيعي في مجتمعه كما كل قيادات كتائب القسام، وارتداءه للكوفية على سبيل الرمزية التي تتمتع فيها الكوفية لكل الشعب الفلسطيني، والصدمة الحقيقية أن من يُعتبر نفسه الجهاز الأمني الأول على مستوى الشرق الأوسط يجهل حتى اليوم شخصية أبو عبيدة الحقيقية، ويسوّقها الآن كأنها إنجاز لمجتمعه، مما يدلل على أن الجيش الصهيوني يمتلك بنك أهداف رصيده يكاد يكون فارغا.

السقطة الثانية: عندما اُرهق جهاز استخبارات الكيان الصهيوني في البحث عن عائلة الإعلامي مراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة وائل الدحدوح النازحة لمحافظة الوسطى من محافظة غزة، واستخدم آلة القتل الجوي لقصفهم، مما أدى لاستشهاد زوجته وابنه وابنته، محاولاً من خلال ذلك إيذاء وائل الدحدوح في أهله، في رسالة تهديد لباقي المراسلين والصحفيين، مما يدلل على حجم الجهد الذي يبذله الدحدوح وزملاؤه الإعلاميين في قناة الجزيرة القطرية وغيرها من الفضائيات ووسائل الإعلام لإظهار الحقيقة التي أحرجت وكشفت أكاذيب إعلام الكيان الصهيوني والمتحدثين الرسميين والتي تحاول تسويقها للمجتمع الدولي، مما يعكس حجم الأزمة والعجز التي يعيشه الكيان وحكومته وأجهزته الأمنية، محاولا من خلال ذلك اسكات الاعلام لطمس الحقيقة.

السقطة الثالثة: عندما سوّق إعلام الاحتلال لخطاب رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ثم ما لبس أن تم تأجيله لما يقارب من النصف ساعة في حالة تنم على الارتباك، ثم ما لبس أن جاء بخطابٍ فارغ لا يحمل أي جديد؛ سوى أنه كرر ما قاله المتحدثون والوزراء منذ بداية الحرب، متجاهلا الإنصات لأسئلة الصحفيين، وعلى ما يبدو أنه خرج للإعلام بمؤتمر صحفي تحت تأثير الضغط الذي تتعرض له حكومته من قبل المعارضين ووسائل الاعلام الإسرائيلية، لذلك كان خطاباً باهتاً؛ لا يحمل في طياته الا الاستعراض والتهديد لحماس والجهاد الإسلامي متوعداً غزة والأبرياء بمزيدٍ من القتل والدمار.

ومن خلال ما سبق فإن الواضح أن اختيار وقت العملية ومباغتة كتائب القسام لجيش الاحتلال وأجهزته الأمنية قد أربكت حسابات العدو وخلطت أوراقه؛ وجعلته يعيش في أزمة غير قادر على الاستفاقة منها حتى اليوم العشرين من الحرب، فهو لا يزال في مرحلة يحاول خلالها استجماع ما لديه من معلومات وبنك أهداف ووضع خطة وأهداف للعملية، وكلما تعرض الكيان لضربة في هذه المرحلة يعود مرة أخرى لاستجماع قواه، فهو لا يمتلك الآن الا سياسة التهديد والوعيد والاستقواء على المدنيين من أطفال ونساء.


الكاتب:

فادي رمضان

-كاتب صحفي فلسطيني




روزنامة المحور