الأربعاء 07 شباط , 2024 02:32

الجبهة اللبنانية ومعضلة إزالة التهديد واستعادة الأمن

المقاومة اللبنانية في الجنوب

إن مبادرة المقاومة اللبنانية في إسنادها لقطاع غزة من خلال سلسلة من العمليات العسكرية النوعية ضد الكيان المؤقت، شكلت إرباكاً كبيراً لديه في التعامل مع غزة، وبات أمامه التعامل مع ساحات متعددة، ونتيجة التصعيد والمتغيرات التي نتجت عن الاشتباك وأبرزها خلو الشمال من المستوطنين، بات العدو أمام معضلة التهديد الذي تشكله المقاومة اللبنانية، وأمسى الهدف هو إزالة هذا التهديد بشتى الوسائل وأبرزها تنفيذ القرار 1701 الذي يقتضي إبعاد الحزب إلى ما خلف الليطاني، إلا أن تطبيق هذا القرار أمر صعب للغاية في ظل الصمود والقدرة التي أظهرتهما المقاومة والخسائر المتتالية التي يتكبدها العدو نتيجة عملياتها العسكرية وفي حال توقف الحرب الآن.

جبهة منفصلة

إن ما ترتكز عليه المقاومة في لبنان في عملياتها ضد الكيان المؤقت هو مبدأ إسناد جبهة غزة، ذلك لما تشكله هذه العمليات من ضغط كبير على حكومة الاحتلال إزاء ما ترتب على الاشتباك القائم والذي أفضى إلى التالي:

- تآكل الردع الإسرائيلي مع لبنان.

- تهجير أغلب مستوطني الشمال من مستوطناتهم.

- انعدام الشعور بالأمن لدى مستوطني المناطق الحدودية مع لبنان.

إزاء ذلك فإن الجبهة اللبنانية بالنسبة للكيان المؤقت أمست جبهة منفصلة عما يحدث في غزة لناحية معالجة التداعيات التي ترتبت عليها، بينما وبالنسبة للمقاومة فإن العمليات بأغلبها ورغم أنها أمست ضمن سياق الرد وتثبيت المعادلات وطبيعة الاشتباك القائم، إلا أنها لا زالت تشكل عبئاً على الحكومة الإسرائيلية في حربها على قطاع غزة خاصةً في حال توقف الحرب في القطاع، وهنا سيكون الكيان أمام استحقاق معالجة تداعيات عمليات المقاومة في لبنان.

اليوم التالي في الشمال

أفضى الاشتباك الحاصل بين الكيان المؤقت والمقاومة في لبنان، إلى تهجير شامل للمستوطنين القانطين في المناطق الحدودية مع لبنان، وذلك للأسباب المتعلقة بحجم القوة التي أظهرتها المقاومة في استهدافها لمواقع وتحركات العدو، والتخوف الكبير لدى المستوطنين من استهدافهم صاروخياً من قبل المقاومة، والأهم والأكثر تأثيراً على مزاجهم هو التخوف من تكرار سيناريو السابع من أكتوبر على يد قوات الرضوان- حزب الله.

وإزاء هذه المخاوف فإن المستوطنين يرفضون العودة إلى الشمال إلا بشرط إبعاد تهديد قوة الرضوان، لذا راحت الحكومة الإسرائيلية تبحث عن حلول لإعادة شعور الأمن إلى المستوطنين لإعادتهم إلى مستوطناتهم نظراً إلى العبء الثقيل الذي أمسوا يشكلونه على الحكومة نتيجة تهجيرهم على الصعيد الاقتصادي والضغط السياسي على صنّاع القرار.

لذا فإن استعادة الأمن في الشمال هو من الضرورات الماسّة بالنسبة للكيان، ويحاول جيش العدو من خلال ضرباته على القرى الحدودية واغتيال القادة تقديم نوع من الإرضاء للمستوطنين يتمثل بالقول بأن الحكومة تعمل على استعادة الأمن وأنها قادرة على ذلك. إلا أن مواكبة المقاومة في لبنان للتطورات والتماهي مع مسارات التصعيد، من خلال التصعيد في الضربات والأسلحة المستخدمة أظهر فشل الاحتلال في ردع المقاومة، لذا أمسى العدو أمام حل وحيد وهو إبعاد المقاومة إلى ما وراء الليطاني من خلال تطبيق القرار 1701 وبهذا الشكل تصبح الحدود مع لبنان آمنة وقابلة للحياة مجدداً لجهة المستوطنين.

هذه الخطوة من قبل الكيان، يظن أنه قادر بالدرجة الأولى على فرضها من خلال السياسة والحركة الدبلوماسية من خلال أحلافه من الدول الوكيلة للإدارة الأمريكية، ونفسها الإدارة من خلال مبعوثها "هوكشتاين" تحاول الضغط على لبنان الرسمي لإعادة الحزب إلى ما وراء الليطاني إلا أن هذه الجهود فشلت نتيجة رفض المقاومة القاطع لهذا البحث نظراً إلى مخاطر تطبيق هكذا قرار على لبنان في ظل وجود عدو غادر كالكيان المؤقت واستمرار العدوان على غزة. عملياً تحقيق هذا المطلب ينبغي أن يستند إلى إنجاز ميداني مفقود وليس هناك من رؤية واضحة لتحقيقه.

 





روزنامة المحور