الأربعاء 27 آذار , 2024 02:49

معلومات أميركية جديدة حول التنسيق الأميركي الإسرائيلي

في الوقت الذي تمسك بزمام الأمور، وتقود الحرب على غزة من الخلف، تحرص الولايات المتحدة الأميركية على تجنّب الظهور كمسؤول مباشر عن الحرب، وتقدّم نفسها كوسيط تفاوض بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس، محتفظةً بهامش كبير من المناورة من خلال التحدّث بالملف الإنساني، والتحدّث من منطلق الحرص على مصلحة سكان غزة الجياع. واللافت في كل ذلك، أنه منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة حتى الآن كان المسؤولون الأميركيون أكثر من دعا إلى إنهاء الحرب وإحلال السلام، وفي الوقت نفسه أكثر من قدّم الدعم العسكري والمالي للاحتلال. وبالنظر إلى الضبابية الممنهجة التي تحيط بالدور الأميركي خلال العدوان الإسرائيلي الحالي على غزة، يقدّم هذا المقال أبرز التحليلات السياسية التي تثبت هذا الدور ومدى عمقه وتأثيره في مجريات الحرب.

تحليلات الصحف ومراكز الأبحاث

رغم أن الولايات المتحدة تروّج دائمًا إلى أنها ترغب بإنهاء الحرب في غزة وحماية المدنيين، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك، كونها تعد الداعم العسكري الأول للكيان الإسرائيلي منذ بدء العدوان. وقد أثارت الصفقات العسكرية الجدل في الصحف ومراكز الأبحاث الأميركية التي انتقدت الدور الأميركي السلبي في الحرب على غزة.

- الصفقات العسكريّة لدعم الاحتلال: تناولت صحيفة "واشنطن بوست" قضية التسليح الأميركي للكيان الإسرائيلي، وأشارت في مقال إلى حجم الصفقات العسكرية التي زوّدت واشنطن بها الكيان، وقد بلغت "أكثر من 100 صفقة بيع عسكرية أجنبية منفصلة لإسرائيل جرى تسليمها منذ بدء حرب غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وتصل قيمتها إلى آلاف الذخائر الموجهة بدقة، والقنابل ذات القطر الصغير، والدروع الخارقة للتحصينات، والأسلحة الصغيرة وغيرها من المساعدات الفتاكة". الصحيفة أكدت أنه لم يتم الإعلان عن هذا الرقم من قبل، وهو أحدث مؤشر على تورّط واشنطن في الحرب المستمرة منذ خمسة أشهر، رغم تحفظّات كبار المسؤولين والمشرعين الأمريكيين عن التكتيكات العسكرية الإسرائيلية في العدوان الذي أسفر عن مقتل أكثر من 30000 شخص.

- المشاركة المباشرة بالحرب: تحدّثت الصحف أيضًا عن المشاركة الأميركيّة المباشرة في الحرب من خلال التصدّي للعمليات التي تنفذها القوات اليمنية في البحر الأحمر دعمًا لفلسطين، فقد ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن البحرية الأميركية أسقطت العديد من الطائرات بدون طيار، وهو ما قد "يشير إلى تصعيد آخر في الهجمات المتبادلة بين الجيش الأمريكي والحوثيين". ومن مؤشرات انخراط الولايات المتحدة في الحرب "تنظيم تحالف دولي بعنوان "حارس الازدهار"، والذي دمّر منذ ذلك الحين العديد من الطائرات بدون طيار الهجومية لليمنيين، وأغرق ثلاثة زوارق هجومية تابعة لهم، وضرب عدة طائرات مضادة للسفن، كما جرى إطلاق صواريخ لتدمير أهداف أخرى داخل اليمن.

- تدمير حماس: انتقدت مؤسسة "بروكينغز" البحثيّة الدور الأميركي في الحرب على غزة، وخلصت إلى أنه في الوقت الذي تبرّر الولايات المتحدة المشاركة في الحرب بالقضاء على حماس وإنهاء التهديد الذي تشكله دول وقوى محور المقاومة من الممكن أن يضع ذلك المصالح الأميركية أمام تهديد أكبر، ويقود إلى حرب أوسع.

وجّهت مؤسّسة "رند" البحثيّة انتقادًا للازدواجيّة الأميركيّة في التعامل مع الحرب في غزة، ففي حين أن إدارة بايدن تدعو للحد من القتلى المدنيين في غزة إلا أنها لا تزال تقدّم الدعم العسكري للكيان الإسرائيلي. وأشارت رند إلى الضغوط التي يواجهها البيت الأبيض من قبل الديمقراطيين في الكونجرس الأمريكي وأجزاء من القاعدة الديمقراطية لتغيير تكتيكاته الحالية في التعامل مع "إسرائيل".

تملك الولايات المتحدة الكثير من نقاط القوّة التي تمكنها من مساندة الاحتلال ودعمه لتحقيق أهدافه خلال الحرب، فهي أول من أعطاه شرعيّة الدفاع عن نفسه عقب السابع من أكتوبر 2023، من خلال شن عملية عسكرية واسعة في غزة راح ضحيّتها عشرات الآلاف، وكانت واشنطن أيضًا المسؤولة عن إسقاط جميع قرارات معاقبة الكيان الإسرائيلي في مجلس الأمن من خلال استخدام الفيتو، فضلاً عن أنها تمدّه بالسلاح والذخيرة والمال، في الوقت الذي تُحاصر غزة، والأهم من ذلك تقود حربًا مباشرةً في شن عمليات عسكرية على اليمن بسبب منع مرور السفن الإسرائيلية. إذًا كل ذلك، يوفر للاحتلال بيئة تفاوض مريحة مع حماس، ويمنحه هامشًا واسعًا للاستمرار بارتكاب جرائم الحرب في غزة دون هوادة.





روزنامة المحور