الإثنين 08 نيسان , 2024 02:39

الشهيد الأسير وليد دقة: الحياة أن تكون ندّاً

استشهد وليد دقة. بعد أن انتهت أخيراً عملية الاغتيال الإسرائيلية التي بدأت منذ اعتقاله وحكمه بالمؤبد ثم اهمال علاجه من مرض السرطان عن سابق تصميم وإصرار. هذا الأسير المناضل الذي عرفه الداخل المحتل منذ الثمانينات، عرفه العالم كسفير للقامة الفلسطينية المثقفة المقاوِمة، حتى بات من أيقونات الحركة الأسيرة وأحد أعمدتها، بعد أن تابع داخل القضبان ما كان يحترفه خارجها، وهو الذي أطلق على نفسه لقب "رجل الكهف" الذي ينتمي إلى عصرٍ انتهى.

تقسم حياة الأسير الشهيد إلى قسمين متكاملين، أسست مرحلة نضاله في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وخليتها العسكرية، وهي الفترة التي أعقبها اعتقال إسرائيلي "للسجين الأمني"، الذي أكمل ما بدأه خارج السجن بتهريب الهواتف النقالة إلى الداخل، والنضال لفرض الحقوق مع عدد آخر من الأسرى.

الشهيد دقة هو من ضمن 23 أسيراً جرى اعتقالهم منذ ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993. كما رفض كيان الاحتلال الافراج عنه في كافة صفقات التبادل خلال عام 1994، 2008 و2011. وعلى الرغم من وضعه على لائحة المفرج عنهم من الأسرى القدامى عامي 2013 و2024.

في آذار/ مارس عام 1986 اعتقل دقة، وتعرض لتحقيق عسكري تعرض خلاله لمختلف أنواع التعذيب والتجويع. وحكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة خطف وقتل الجندي الإسرائيلي موشيه تمام، ثم جرى تخفيض مدة الحبس عام 2012 إلى37 عاماً.

عام 1989 جمعه السجن مع شقيقه لمدة 3 سنوات واستطاع معانقته للمرة الأولى بعد ان حرم من زيارة عائلته. حتى انه لم يستطع لقاءهم عند وفاة والده عام 1998، وسمح له بمكالمة هاتفية فقط، وبمشاهدة شريط فيديو مسجّل للجنازة.

عام 1999، فرض دقة حدثاً كان الأول من نوعه في تاريخ الحركة الأسيرة بانتزاعه حق إقامة حفل زفاف دام 3 ساعات داخل المعتقل من الصحفية سناء سلامة التي زارته صدفة لمتابعة ملف الأسرى. حيث سمح لعائلتيهما و9 أسرى من المشاركة والتصوير.

هذا الإنجاز الذي حمل في طياته رسالة الحياة والإصرار لكل من كان يجهل سنخية الشاب الفلسطيني، تبعه انجاز من نوع آخر، بعد أن وضعت سناء طفلتها "ميلاد" التي حملت بها من نطفة محررة من المعتقل في 3 شباط/ فبراير عام 2020، لم يلتقها سوى مرات عدة قبل ان يمنع الاحتلال زيارة والدها، الذي استشهد يوم أمس وهي تبلغ من العمر 4 سنوات.

دقة الذي ولد في 8 يوليو/تموز 1961، في بلدة باقة الغربية ودرس في جامعة "تل أبيب" المفتوحة، حيث واصل دراسته وتكوينه العلمي والأكاديمي رغم الاعتقال. حصل عام 2010 على شهادة البكالوريوس في دراسات الديموقراطية المتعددة التخصصات من الجامعة المفتوحة الإسرائيلية. وفي عام 2016، حصل على درجة الماجستير في الدراسات الإقليمية "مسار الدراسات الإسرائيلية " من جامعة القدس. في حين لم يتمكن من إكمال الدكتوراه في الفلسفة من "جامعة تل أبيب".

في كانون الأول/ ديسمبر عام 2022، شخص الأطباء إصابته بمرض التليف النقوي، وهو نوع نادر من سرطان نخاع العظام الذي أصيب به نتيجة اصابته بمرض سرطان الدم عام 2015، ولم يتم علاجه كيميائياً بل اهمل علاجه عمداً.

للشهيد مؤلفات عدة منها لم ينشر بعد: 

-رياحين الشباب.. بين مفاصل صخر الدولة العبرية
-"حكاية سر الزيت" كتبها في سجن جلبوع وحازت جائزة الشارقة 

-حكاية سر السيف 

-الزمن الموازي وتحولت لعمل مسرحي

في 30 أيار/ مايو عام 2023، كتبت صحيفة هآرتس العبرية التي كانت تنشر بعضاً من مقالاته سابقاً أن "لا  يجب ألا يترك ليموت في السجن، ليس فقط لأسباب إنسانية ولكن أيضا لأسباب سياسية وأمنية: لقد رأينا ما حدث عندما سمحت إسرائيل لسجين أمني آخر، خضر عدنان، بالموت خلف القضبان: أدى ذلك إلى جولة أخرى من القتال بين إسرائيل والجهاد الإسلامي الفلسطيني في قطاع غزة...لا يحتاج المرء إلى الدفاع عن تصرفات دقة من أجل الاعتراف بأن الوقت قد حان لإطلاق سراحه. لقد عوقب أكثر من كاف".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور