الإثنين 29 تموز , 2024 01:08

بالأدلة.. إسرائيل من قتلت شهداء مجدل شمس

حادثة مجدل شمس والناطق العسكري للجيش الإسرائيلي

عصر يوم السبت 27/7/2024، وبينما كان فريق رياضي من أحداث قرية مجدل شمس يلعبون كرة القدم، سقط مقذوف على سياج الملعب الجنوبي مما أدى إلى استشهاد 14 وجرح العشرات. فور شيوع نبأ انفجار المقذوف، اتهمت المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية فوراً المقاومة الإسلامية في لبنان؛ زاعمةً أن الصاروخ انطلق من شمال بلدة شبعا، وعلى الأثر وبـ"كبسة زر" انطلقت كل جيوش الدفاع الإلكترونية عن الكيان المؤقت لتدعم سرديته. وفي الوقت الذي نفت المقاومة الإسلامية في بيان: "الادعاءات التي أوردتها بعض وسائل الإعلام الإسرائيلي ومنصات إعلامية مختلفة عن استهداف مجدل شمس وتؤكد أن لا علاقة للمقاومة الإسلامية بالحادث على الاطلاق وتنفي نفياً قاطعاً كل الادعاءات الكاذبة بهذا الخصوص". ليلاً أعلن جيش الاحتلال في بيان مرفق بخارطة أنه: "من تحليل أنظمة العمليات في الجيش الإسرائيلي، يبدو أن عملية الاطلاق باتجاه مركز مجدل شمس تم تنفيذها من منطقة تقع شمال قرية شبعا في جنوب لبنان". 

وفور صدور هذا البيان أوقع الناطق العسكري الإسرائيلي بتناقض قطع حبل الكذب القصير الذي حاول من خلاله القبض على جريمة مجدل شمس لاستثمارها.

التناقض

ادعى الإسرائيلي بالاستناد إلى الخارطة المرفقة بالبيان "التقني" مكان إطلاق المقذوف الذي استهدف بلدة مجدل شمس ووضع على الخارطة نقطة، قال أن: "صاروخ فلق 1" انطلق منها من شمال قرية شبعا. ولا يحتاج العارف بأبسط قواعد رسم الخرائط وبالمسطرة بعد قياس الأبعاد ليجد أن النقطة المحددة للإطلاق من شمال قرية شبعا تبعد عن الملعب المستهدف في قرية مجدل شمس أكثر من 10 كيلومترات وتحديداً 10 كيلومترات و650 متراً وهي مسافة لا يمكن أن يبلغها صاروخ " فلق 1" المتهم، الذي يقر الكيان بأن مداه الأقصى الافتراضي هو 10 كيلومتر. والمدى الأقصى الافتراضي للصاروخ هو ناتج حساب (لمدى الأقصى للصاروخ * 0.02) أي (10 الاف * 0.02= 9800 متر). وهذا يعني أنه من المستحيل أن تطال بصاروخ مداه الأقصى 9800 متر هدفاً يبعد 10650 متراً.

مسرح الجريمة:

أولاً: العبث بمسرح الجريمة: رغم مسارعة قوى الاحتلال الأمنية بعد ساعة!! إلى وضع يدها على مسرح الجريمة وتبين أنه جرى العبث فيه بشكل فاضح منذ اللحظات الأولى للمجزرة.

وللمفارقة، فإن القوات الإسرائيلية لم تعزل مسرح الجريمة بشرائط كما كانت تفعل مع كل صاروخ يسقط على أي طريق أو مستوطنة أو مستعمرة إسرائيلية. إذ كانت تسارع إلى وضع شرائط بلاستيكية حمراء أو بيضاء تشير الى منطقة جريمة محظورة، ضمن سياق ما يتصوره المحققون الجنائيون فنياً أنه مسرح الجريمة. كما أن مكان الجريمة كان مسرحاً لعشرات زيارات القيادات الإسرائيلية وجلّها عسكرية جاءت لتعلن تضامنها مع أهالي مجدل شمس، حيث جرى نصب سرادق عزاء على بعد أمتار من مكان وقوع المقذوف.

ثانياً: شكل المكان المباشر للجريمة: العبث غير المقصود بمسرح الجريمة لم يغيّب عنصرين أساسيين في محاولة فهم محيط ومكان سقوط المقذوف المباشر وحجم الدمار الصغير الذي أنتجه فضلاً عن الحفرة التي لا يتعدى عمقها 15-20 سنتمتراً والتي قال شهود العيان أنها مكان سقوط المقذوف.

وبنظرة سريعة، يتبين أن هكذا حفرة في ظل عدم وجود دمار ولا حرائق أو آثار حرائق لا يمكن أن تكون لصاروخ فلق 1 الذي يحمل رأساً حربياً متفجراً يتعدى ال 55 كيلوغراماً. إذ أن الأضرار الكبيرة التي يتسبب بها السقوط المباشر والحر لصاروخ يحمل رأساً حربياً يزن أكثر من 55 كيلوغراماً أكبر من ذلك. حيث يتسبب بدمار شامل وإحراق كامل لمحيط لا يقل قطره عن 25 متراً. وذلك على الشكل التالي:

القسم الأول وهي البؤرة. وهي بمحيط 8-10 أمتار حول نقطة انفجار الصاروخ وفيها يتم سحب كميات هائلة من الأوكسيجين والتسبب بقتل وإحراق كل من في المحيط. وهذا كما يبدو في الصور لم يتحقق وحتى صور الشهداء الذين تم تجميعهم قرب أحد أسيجة الملعب لا يبدو عليهم أي حريق كما أن قطع الأطراف السفلية يعني أنهم أصيبوا بشظايا ومن المعروف للإسرائيلي أن صاروخ فلق 1 لا يتسبب عند انفجاره بشظايا.

القسم الثاني: يتسبب انفجار في منطقة ترابية أو إسفلتية بحفرة عمقها من 25 إلى 40 سم وقطرها من 2 إلى 5 أمتار (حساب صدمة سقوط الصاروخ وانفجاره). وبنظرة لمكان سقوط الصاروخ يتبين عدم تحقق ذلك، حيث أن المقذوف الذي أصاب الملعب لم يؤدِ إلى حفرة بعمق 15-20 سم دائرة لا يتعدى قطرها ال 90 سم.

الصاروخ المزعوم (مكان انطلاقه – مكان سقوطه)

انطلاقا من تحديد الناطق العسكري الإسرائيلي لنوع الصاروخ ومكان انطلاقه، يمكننا تأكيد ما يلي عن لسان الكيان الذي زعم أن الصاروخ انطلق من شمال شبعا:

من الإحداثية: 33°21'06"N 35°44'36"E

إلى ملعب قرية مجدل شمس الذي يقع في جنوب غرب القرية على الإحداثية التالية:

33°15'56"N 35°46'06"E

وبحساب المسافة بين المنطقتين التي وزعها الناطق العسكري الإسرائيلي مع الخريطة في بيانه الفني الذي جزم فيه بأن صاروخاً من نوع "فلق 1" أُطلق من شمال شبعا هو الذي تسبب بالمجزرة وبعرض ما تقدم به الناطق على نظام المعلومات الجغرافية، يتبين بأن المسافة بين نقطة الإطلاق المزعومة ونقطة سقوط المقذوف هي: 10618 متر. مما يعني استحالة استخدام صاروخ فلق في المجزرة الذي يبلغ أقصى مداه الافتراضي 10000 متر. فضلاً عن استحالة استخدام صاروخ كاتيوشا (107 ملم) الذي يبلغ أقصى مداه 9000 متر يعني اقل من المسافة ب 1.618 كيلومتر.

ثالثاً: الفرضيات التي ساقها الناطق باسم الجيش الإسرائيلي:

- فرضية أن الصاروخ هو أحد الصواريخ الشاردة من صلية نفذتها المقاومة على ثكنة ‌‏"معاليه غولان" بدراسة بعد موقع الثكنة عن المكان الذي حدده الناطق العسكري للعدو يتبين أن ثكنة "معاليه غولان" على الإحداثية: 33°18'20"N 35°46'59"E

تبعد أقل من 6 كلم عن المكان المحدد للإطلاق من قبل الناطق العسكري الإسرائيلي في شمال شبعا من الاحداثية: 33°21'06"N 35°44'36"E ، حيث أننا أكدنا في الفقرات الماضية بُعد قرية المجدل عن شبعا لا يسمح للمقاومة باستعمال صاروخ فلق 1 على مجدل سلم حتى لو أرادت لأنها تبعد عنها أكثر من مدى الصاروخ. وتبعد ثكنة معالي غولان عن قرية حوالي 3.4 كيلومتر شمال شرق مجدل شمس وتنتفي فرضية شرود أحد الصواريخ لأن صاروخاً بوزن يتعدى الـ 20 كيلوغراماً لا يمكنه ان ينحرف عن سمته أبداً. وفي هذه الحالة فإن فرضية الصاروخ الشارد تعني انحرافاً لهذا الصاروخ 3.4 كيلومتر بالاتجاه الجنوبي الغربي وهذا مستحيل في أبسط علوم المدفعية والصواريخ.

- فرضية أن القبة الحديدية الموجودة في ثكنة "معاليه غولان" لم تكتشف الصاروخ بسبب المدى القصير الذي قطعه من لبنان إلى هدفه، فهذا مخالف للعلم العسكري حيث أن الصاروخ قطع باتجاه ثكنة معالي غولان أكثر من 5 كيلومترات. وهذا يعني أن كل المنظومات التابعة للقبة الحديدية رادار الاستشعار RAZ - وحدة حساب تسيار الصاروخ – غرفة القيادة والسيطرة التابعة للمنظومة، قد علمت به ولديها 20 ثانية للتعامل معه. إذ أن الصاروخ كان موجهاً باتجاه الثكنة فإن صاروخ اعتراضي واحد على الأقل تحت مسمى (TAMIR)  قد أطلق، وإذا كان الصاروخ الأول قد أخفق في التصدي لصاروخ المقاومة من نوع فلق 1 فإنه ينفجر في محيط 4 كيلومتر من مكان الانطلاق بعيداً عن الثكنة، وذلك بسبب نظام حماية خاص للصاروخ، حيث يتخوف صناعه الأمريكيون من سيطرة قوة غير صديقة على معدات الصاروخ. وهنا ينكشف لنا سر ما حصل في مجدل شمس أمس حيث أن صاروخ تامير ذي الرأس الحربي الذي يبلغ 11 كيلوغراماً وعندما فشل في اعتراض صاروخ فلق 1 انحرف بعيداً عن القاعدة انفجر على بعد 4 كيلومترات جنوب غرب الثكنة وأصاب الملعب المذكور، حيث أننا بمراجعة الصور والفيديوهات عن جريمة ملعب مجدل شمس يصبح لدينا يقين أكيد أن المقذوف الذي تسبب بالمجزرة هو صاروخ أمريكي من طراز تامير تستعمله القبة الحديدية للتصدي للصواريخ، وما الحفرة الصغيرة العمق والصغيرة القطر سوى تأكيد على أن الانفجار الحاصل لا تتعدَّ شحنته الانفجارية 11 كيلوغراماً.





روزنامة المحور