تصدرت المناظرة الرئاسية الأميركية عناوين الصحف ونشرات الأخبار والتي ركزت على الأداء اللافت للمرشحة كامالا هاريس، في حين كان حضور الرئيس السابق دونالد ترامب مثيراً للجدل، حتى أن الوسائل الإعلامية المحسوبة على الجمهوريين -كفوكس نيوز- كانت تواجه صعوبة بالدفاع عنه. هذه المناظرة الأولى والتي قد تكون الوحيدة، كانت كافية لتخبر الناخبين بأمرين: أن هاريس التي بدت وكأنها تطارد ترامب في كل الملفات الخلافية قد تكون مكبّلة بقيود الإدارة السابقة التي لم تنجح بإصلاح أي من الأزمات خلال 4 سنوات مضت، في حين بدا الأخير وكأنه لم يخرج بعد من الانتخابات السابقة.
بعد أداء بايدن الكارثي في حزيران/ يونيو الماضي، كان تسمية هاريس في ذلك الوقت فرصة لها، وأعطاها دفعاً قوياً للمضي قدماً. في حين أن استطلاعات الرأي التي كانت تسجل انخفاضاً بالزخم خلال الأسابيع الماضية، عادت ليلة أمس لتسجل أرقاماً جديدة لصالحها، حتى لو لم تستطع "هزيمة" ترامب في آخر المطاف.
كان أحد التحديات التي واجهتها هاريس، هو تقديم وتعريف نفسها للشريحة الشبابية من الناخبين التي تلعب دوراً فعلياً في بلد منقسم بشدة، في حين أن الغالبية العظمى من الناخبين الأكبر سناً ثابتون في ولاءاتهم الحزبية.
وعلى الرغم من حقيقة أنها شغلت منصب نائب رئيس البلاد لأكثر من 3 سنوات، إلا أن 31% من الناخبين المحتملين في استطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز وسيينا كوليدج قالوا إنهم بحاجة إلى معرفة المزيد عنها. وهذا ما دفعها للإشارة إلى قصة حياتها مراراً أثناء المناظرة.
كما أنه من الصعب على هاريس أن تترشح على سجل الإدارة الحالية وتقدم نفسها كمرشحة تتطلع للتغيير.
تهربت هاريس مراراً من بعض الأسئلة التي طرحت عليها، والتي كانت تتركز بشكل أساسي على شرح اتهاماتها الموجهة لترامب (كيف أن إجراءات ترامب كانت مدمرة للاقتصاد مثلاً على الرغم أن إدارة بايدن لم تنتهج أساليب أكثر فائدة).
واعتبر ترامب أن هاريس ليست لديها خطة للنهوض بالاقتصاد الأميركي. وقال "ليس لديها خطة. لقد نسخت خطة بايدن التي هي عبارة عن 4 جمل.. 4 جمل تقول فقط: حسناً، سنحاول خفض الضرائب.. ليس لديها خطة". وأشار إلى أن الاقتصاد الأميركي كان أفضل خلال فترة ولايته، قائلا "تركت واحداً من أفضل اقتصادات العالم وسأفعل ذلك مجدداً".
بالنسبة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أعادت هاريس تأكيد موقفها قائلة إنها وبايدن يعملان بلا كلل من أجل وقف إطلاق النار. لكن معهد مشروع سياسة التفاهم في الشرق الأوسط، وهي مجموعة مؤيدة لفلسطين، رفضت تعليقها ووصفته بأنه دعائي وأجوف: "نائب الرئيس هاريس، لا يمكنك التحدث عن تحقيق وقف لإطلاق النار -ناهيك عن الحرية الفلسطينية- في حين أن الولايات المتحدة تقدم مليارات الدولارات من الأسلحة لدعم الإبادة الجماعية في إسرائيل". مضيفة "هاريس محقة في إدانة روسيا لاستيلائها على الأراضي الأوكرانية بالقوة - وهو انتهاك للقانون الدولي. أين إدانتها لاستيلاء إسرائيل على الأراضي الفلسطينية بالقوة؟". متهمة إياها بأنها طبقت معياراً في أوكرانيا مختلفاً عن فلسطين.
فيما اتهمها ترامب بأنها "تكره إسرائيل، إذا أصبحت رئيسة، أعتقد أن إسرائيل لن تكون موجودة في غضون عامين.. إسرائيل ستزول".
فيما كان السجال حاداً بما يتعلق بالحرب في أوكرانيا. بعد أن توجهت هاريس لترامب بالقول أن "حلفاءنا الأوروبيين شاكرون أنك لست الرئيس، ولو كان ذلك الحال لكان بوتين في كييف وينظر إلى بولندا". فيما رد ترامب على سؤال حول إن كان يريد لأوكرانيا الفوز: علينا أن ننهي الحرب فالملايين يموتون، بايدن لا يعلم كيف يتحدث مع بوتين ونحن في حالة تقودنا للحرب العالمية الثالثة". وأضاف "بوتين أعلن دعمها (هاريس) الأسبوع الماضي ويعلم أنها ضعيفة بشؤون الأمن القومي".
دعت هاريس فور انتهاء المناظرة إلى أخرى. وفي حين رأى ترامب خلال حديثه للصحفيين بعد المناظرة، "إنها أرادت فقط إعادة المباراة لأنها خسرت المناظرة الأولى"، اعتبر محللون سياسيون بأن "أداء هاريس القوي الليلة قد يجعلها ترغب في إعادة التفكير في منح ترامب فرصة للرد".
لم يقدم أي المرشحين برنامجاً واضحاً خلال المناظرة التي استمرت أكثر من 90 دقيقة. في حين أن هذه الجولة التي كانت دون حضور جمهور داخل الاستديو، كانت قائمة على اتهامات متبادلة ومحاولة للفوز بالصورة ولغة الجسد ونبرة الصوت، أكثر من الاقناع والدلائل. وعلى بعد حوالي شهرين من الانتخابات الرئاسية، لن يشهد الجو الانتخابي سوى مزيد من الاتهامات وفضح انتكاسات السياسة الخارجية والداخلية على عهد ترامب والإدارة الحالية.
الكاتب: غرفة التحرير