لا تنحصر متابعة البيانات الصادرة عن الاعلام الحربي للمقاومة على جمهورها وبيئتها، بل على الراغبين بمعرفة مجريات الميدان دون رقابة عسكرية صارمة من الصحفيين والاعلاميين العبريين في الارض المحتلة، كذلك المستوطنين، بعدما أغرقتهم حكومتهم بكم كبير من الدعاية والانجازات الوهمية، كرفع العلم الاسرائيلي في حديقة مارون الراس على الرغم من أن المدينة لم تسقط، ولم يستقروها حتى. اذ أن ما ترغب به الرقابة العسكرية الاسرائيلية، منع الحقيقة من أن توثّق، والتي تنطلق من أن المقاومة الاسلامية في لبنان استعادة عافيتها، وهي اليوم بكامل قوتها "لا شاغر فيها" بحسب ما أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، وتؤكد على أن لا وقف لاطلاق النار بمعزل عن غزة.
بعد خطاب الشيخ نعيم قاسم، أصدرت غرفة عمليات المقاومة بياناً اكدت فيه ما لا ينسجم مع الرغبة الاسرائيلية، وهو "جهوزية القوة الصاروخية لاستهداف كل مكان في فلسطين المحتلة تقرره قيادة المقاومة عبر منظومة القيادة والسيطرة التي عادت أقوى وأصلب". وهنا يمكن الاشارة إلى عدد من النقاط التي تحدد المشهد:
ثبات القيادة والسيطرة والقدرات لدى المقاومة، حيث أكد الشيخ قاسم على أن لا شواغر في المفاصل القيادية للحزب، كاشفاً عن ان "كل قائد يستشهد كان لديه نائبه ومساعده الثاني وهما على معرفة ودراية تفصيلية بكل ما يملكه القائد من معطيات". في حين يأتي تأكيده على أن غالبية من جرى تعيينهم هم من الرعيل الأول وحضروا مرحلة التأسيس.
صلابة القوة الصاروخية: المواجهات التي تخوضها المقاومة على الحافة الحدودية على مدى 9 ايام والخسائر التي أنزلتها بالجيش الاسرائيلي هي مثال حي على ذلك، اضافة إلى الهجمات الصاروخية التي نفذتها المقاومة بعد كلمته مباشرة، كذلك التي تنطلق باستمرار من الأمكنة التي تعرضت إلى مئات الغارات منذ بدء الحرب بغية القضاء عليها. في حين أوضح الشيخ قاسم أن "الهدف خلال المواجهة البرية ليس عدد الأمتار بل الالتحام المباشر".
الحزب لا يزال يمتلك زمام الأمور في الداخل وقادر على إدارة المرحلة، وهذا ما ألمح إليه الشيخ قاسم بالاول أن كل ما يصدر عن رئيس مجلس النواب "الاخ الاكبر"، نبيه بري هو موقف حزب الله. فيما أوضح أن الاولوية هي لوقف إطلاق النار ومن بعدها يتم مناقشة التفاصيل الأخرى، مؤكداً على أن المقاومة لا تستجدي أي حل لأنها قوية ومتماسكة وثابتة، وهي قادرة على مواصلة الطريق حتى النصر. حيث قدم الشيخ قاسم خلال كلمته حقائق ترتكز على موقف الحزب منذ ما قبل اغتيال السيد نصرالله عند اشارته إلى ان أي كلام عن وقف لاطلاق النار هو مجرد كلام لا قيمة له طالما أن الادارة الاميركية الشريكة في العدوان على لبنان مكبلة اليدين بسبب الاستحقاق الانتخابي الرئاسي ما يجعلها عاجزة عن اطلاق اي مبادرة -فيما لو كانت جادة في ذلك طبعاً-.
من ناحية أخرى، فإن الخلافات الاسرائيلية التي باتت حديث الصحف العالمية تزيد من وضع كيان الاحتلال سوءاً، خاصة ما جرى أخيراً من تعيين جدعون ساعر كتهديد لوزير الحرب يوآف غالانت. في حين أن تأجيل زيارة الاخير إلى واشنطن إلى ما بعد الاتفاق على شكل الرد على عملية "الوعد الصادق2"، تكشف نية اسرائيلية بحجب بعض المعلومات عن الادارة الاميركية.
لا شك أن الادارة الاميركية الحالية تتبع مصلحتها في مقاربة مسار الحرب في قطاع غزة ولبنان، الأمر نفسه ينسحب على رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي ينتظر أن ينجلي غبار الاستحقاق الرئاسي، إلى ذلك، تستمر المقاومة في لبنان كذلك في غزة، بزيادة الشرخ بين الكيان ومستوطنيه الذين بلغ عدد المهجرين مئات الالاف.
الكاتب: غرفة التحرير