تنظيم عسكري إيراني مسؤول عن إدارة العمليات الخارجية لحرس الثورة الإسلامية، وواحد من خمس وحدات عسكرية تُشكل حرس الثورة، وقد أُطلق عليها اسم القدس، نظراً لهدفها الأول والاستراتيجي الذي يتمثل بتحرير القدس عاصمة فلسطين المحتلة. شكّلت قوة القدس نواة المحور على مدى العقود السابقة، حيث تتحمّل مسؤوليات وأدواراً جوهرية متكاملة مع أطراف المحور في بناء مسار تصاعدي لحركات المقاومة في منطقة غرب آسيا، وقد انعكست هذه العلاقة ميدانيّاً في تجربة طوفان الأقصى، التي أظهرت قوة أضلع المحور في التصدّي للاعتداءات الإسرائيلية بمساهمة إيرانية من تدريب وتسليح ودعم على مختلف الأصعدة.
تأسست قوة القدس بأمر من الامام الخميني الراحل خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) بهدف تحرير القدس، وبدأت أولى نشاطاتها بالمشاركة في عملياتٍ سرّية داخل العراق، واشتمل ذلك على تقديم الدعم للأكراد العراقيين المعارضين لنظام صدام حسين، ومن ثم قامت بتوسيع مهامها لتشمل بلداناً أخرى ذات أهمية في السياسة الخارجية، ومنها تأسيس حزب الله في عام 1982، بعد غزو قوات الاحتلال الإسرائيلية للبنان، وتبعت تلك الخطوة خطوات عديدة حيث دعمت قوة القدس أفغانستان في حربها ضد الجماعات والحركات الإرهابية، وضد قوات الاحتلال الأميركية، إضافة إلى دعم ومساندة فصائل المقاومة الفلسطينية، والوقوف الى جانب سوريا في حربها ضد الارهاب.
قوة القدس نشأت بشكلها الحالي عام 1990 بأمر من الإمام الخامنئي. قبل هذا التاريخ كانت القوة موجودة لكن بعناوين مختلفة، مثل دعم الحركات التحررية في العالم، ومقرات متنوعة مثل مقر رمضان، ومقر بلال التابعة للحرس الثوري، وكان هدفها دعم حركات التحرر في الخارج من أجل تحرير القدس.
كان أول تعييين داخل الوحدة عام 1990 عندما كان الجنرال أحمد وحيدي القائد الأول لقوة القدس بشكل رسمي، ثم بعد ذلك بعدة سنوات كانت القيادة عام 1998 للشهيد الحج قاسم سليماني وهذه المرحلة وُصفت بالحقبة الذهبية بالنسبة لقوة القدس.
تشتمل أنشطة قوة القدس العالمية على اعتماد قنوات الاتصال الدبلوماسية السرّية، وتوفير التدريب، وتزويد حركات المقاومة بالأسلحة والدعم المالي والاقتصادي والإنساني لها. ونظراً لطبيعة قوة القدس السرّية لا يعلم أحد شيئاً عن عتادها وإمكانياتها أو قدراتها العسكرية وعديد ألويتها، وقد أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أنه زاد عدد عناصرها إلى 15.000 عام 2008، لكن لا يزال الغموض مسيطراً على أغلب تحركاتها. كان الشهيد الجنرال قاسم سليماني يتولى قيادة قوة القدس منذ عام 1998 الى حين استشهاده بقصف جوي أميركي قرب مطار بغداد في كانون الثاني/ يناير عام 2020، ليتسلم القيادة العميد إسماعيل قاآني خلفاً له.
في أعقاب عملية طوفان الأقصى وما تخللها من عدوان على قطاع غزة واشتعال جبهات الدعم والإسناد من لبنان والعراق واليمن، بدأ الاحتلال اعتماد استراتيجية الاغتيالات الأمنية التي طالت العديد من القادة والشخصيات الإيرانية التابعة لقوة القدس.
ففي الـ 25 من كانون الأول / ديسمبر من العام 2023. نال اللواء السيد رضي موسوي وسام الشهادة إثر عملية اغتيال نفذتها "إسرائيل" في منطقة السيدة زينب عليها السلام في ريف العاصمة السورية دمشق، ولعب الشهيد دوراً كبيراً في دعم وتمكين محور المقاومة، لا سيما في ساحتي لبنان وسوريا. وفي 1 نيسان لعام 2024 تم اغتيال اللواء الشهيد محمد رضا زاهدی مسؤول قوة القدس في لبنان وسوريا.
تٌعتبر قوة القدس إحدى أهم قوى وركائز محور المقاومة، والداعم الأساس لحركات وفصائل المقاومة في مواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي والأميركي، والأكثر تأثيراً في السياسات الإقليمية. وهي من إحدى وحدات حرس الثورة الإسلامية كما أسلفنا. في هذا السياق، ينفرد حرس الثورة عن غيره من كافة جيوش العالم بأنه يتألف من خمس وحدات عسكرية هي: القوة البرية، القوة البحرية، القوة الجوية، اضافة الى قوة التعبئة "البسيج"، وقوة القدس.
توفر قوة القدس الدعم الميداني واللوجستي والعسكري لقوى وحركات التحرر والمقاومة في المنطقة، ومع مجيء سليماني بدأت الطفرة والنقلة النوعية، حيث بدأت تُسجل انتصارات ميدانية من أفغانستان مروراً بالعراق وسوريا ولبنان واليمن وانتهاء بفلسطين، حيث يزعم الأميركي والإسرائيلي أن القدرات العسكرية اليوم التي تواجه في البحر الأحمر العدوان الأميركي والبريطاني هي بفضل خبرات وتكنولوجيا التي قدمتها قوة القدس لأنصار الله والجيش اليمني.
وصف الامام السيد علي الخامنئي جنود قوة القدس "المجاهدين بلا حدود"، وقال إن هذه القوة تلعب دوراً أساسياً في الاستقرار في المنطقة، وتردع السياسات السلبية على المنطقة، في سياق مبادئ الجمهورية الإسلامية في نصرة القضايا العادلة.
على الصعيد العملي، لقوة القدس دور أساسي في وضع الخطط الدفاعية التي يعتمد عليها المقاومون الفلسطينيون حيث شارك القائد سليماني في التخطيط لسلاح الأنفاق، إضافة للقدرات الصاروخية، والطائرات المسيّرة، والخبرات العسكرية التي أعطتها قوة القدس لفصائل المقاومة الفلسطينية.
تحظى قوة القدس اليوم برعاية خاصة من السيد علي الخامنئي، وتقدم التضحيات في جبهات المحور وخصوصاً في سوريا والعراق، ويستشهد قادتها في حرب طوفان الأقصى على طريق القدس.
الكاتب: غرفة التحرير