الجمعة 21 تموز , 2017

انطلاق معارك التحرير الثاني – جبهة النصرة

انطلاق عملياتِ المقاومة والجيش السوري لتحرير جرود القلمون وجرود عرسال من الجماعات الارهابية ضمن معاركِ التحرير الثاني التي دفعت الخطر عن اللبنانيين. وبدأت المعركة بعدَ استهدافِ المقاومةِ مواقعَ جبهةِ النصرة في جرود عرسال ومناطقَ قريبةٍ من بلدةِ فليطة السورية.
انطلقت العملية الأولى أواخر شهر تموز/يوليو 2017، بهدف اقتلاع تنظيم جبهة النصرة والفصائل المساندة له "مثل سرايا أهل الشام وأحرار الشامل"، من المناطق التي يسيطر عليها على الخط الحدودي بين لبنان وسوريا، وهي في الجانب اللبناني نطاق جرود عرسال من وادي الزهوة جنوباً الى وادي الخيل ووادي حميد شمالا بما فيها المناطق المتاخمة للجهة الشرقية لعرسال ومخيمها، أما في الجانب السوري فكانت سيطرة جبهة النصرة تتمحور في المناطق المتاخمة لجرود فليطة والتلال والمعابر الواقعة بينها وبين الخط الحدودي مع جرود عرسال مثل معبر الزمراني.

العمليات المدفعية، سواء من جانب وحدات الجيش السوري في الجبهة الرئيسي بالقلمون الغربي "جرود فليطة"، او عمليات وحدات المدفعية عديمة الإرتداد والمدفعية المتوسطة والثقيلة لحزب الله في محور جرود عرسال الرئيسي في الناحية اللبنانية، كانت مؤثرة بشكل كبير على كل من معنويات وتحصينات عناصر جبهة النصرة، لأن جبهة النصرة كانت تعتمد بشكل رئيسي في استراتيجيتها الدفاعية في النطاق اللبناني تحديداً على التحصينات القوية التي قامت بإنشائها على مدار سنوات، مستفيدة بالمعدات والآليات والمواد الخام المتوفرة في المقالع والمحاجر الموجودة في جرود عرسال، وكذا من الطبيعة الجغرافية الجبلية لهذه المنطقة. سلاح الجو السوري ممثلاً في قاذفات "سوخوي-22" نفذت طلعات مؤثرة ومركزة على معظم مقرات جبهة النصرة ومعامل تصنيع القذائف ومحطات الإتصالات في نطاق العمليات في الناحية السورية واللبنانية، وتحديداً في نطاق جرود فليطة ومعبر الزمراني ووادي عجرم والمناطق الجنوبية لجرود عرسال.

على مستوى التحرك الميداني في العملية الأولى، استفادت وحدات حزب الله والجيش السوري من المهل السابقة التي منحتها قيادة حزب الله الى عناصر جبهة النصرة لمغادرة مواقعهم، ومن المدى الزمني الكبير الذي فصل بين المراحل السابقة من العمليات، وتمكنت من جمع معلومات استخباراتية دقيقة حول أهم مقرات جبهة النصرة ومحطات اتصالاتها ونقاط الضعف في تحصيناتها، ومن ثم استخدمت هذه المعلومات في توجيه نيران المدفعية بصورة دقيقة، وكذا في تنفيذ المناورات التي قامت بها وحدات المشاة التابعة لحزب الله، والتي كانت هجماتها تتم بثلاثة أشكال من التحركات، الأول هو التحرك المباشر الجبهوي والذي تكون فيه القوات المهاجمة في تماس مباشر مع مواقع جبهة النصرة، النوع الثاني عبارة عن تحركات التفافية بغرض فصل المواقع الأمامية المعادية وعزلها، والاستفادة من ضعف التحصينات الخلفية نظراً لأن تركيز مسلحي جبهة النصرة كان دوماً منصباً على تدعيم التحصينات الأمامية لمواقعهم المواجهة لمحاور هجوم حزب الله. النوع الثالث من التحركات كانت عمليتي إحاطة تسللت في الأولى وحدات خاصة تابعة لحزب الله بعمق يتجاوز كيلو متر في عمق مناطق سيطرة النصرة في وادي زعرور بجرود عرسال، وفي العملية الثانية تسللت هذه الوحدات بالتنسيق مع الجيش السوري باتجاه تلة البركان في القلمون الغربي، مما حجم بشكل كبير من هامش المناورة والإمداد المتوفر لجبهة النصرة في الاتجاهين.

هذا التكتيك أثمر عن نتائج باهرة في اليوم الأولى للعملية الأولى، حيث حررت القوات المشاركة ما يصل الى 30 كيلو متر مربع، تتضمن أكبر مرتفعات جرود عرسال وهي "ضهر الهوة"، وحقق الجيش السوري في جبهة جرود فليطة تقدماً كبيراً ايضاً في اليوم الأول. في اليوم الثاني قامت وحدات حزب الله بتأمين منطقة وادي حميد من الجهة الشمالية تحسباً لمحاولة عناصر جبهة النصرة الهروب الى منطقة الملاهي والمخيمات في تخوم عرسال الشرقية. كذلك حققت وحدات الجيش العربي السوري وحزب الله في القلمون الغربي تقدماً في منطقتي وادي العوينة وشعبة القلعة التي تعد من المناطق الرئيسية لتواجد جبهة النصرة في هذه المنطقة، وبنهاية يومين من العمليات تمكن عناصر حزب الله من السيطرة على وادي الخيل والسيطرة على مقر أمير جبهة النصرة في هذا النطاق أبو مالك التلي، لتتم بذلك محاصرة ما تبقى من عناصر جبهة النصرة في جيب لا يزيد عرضه عن 6 كيلو متر مربع في التخوم الشرقية لعرسال وتحديداً في منطقة وادي حميد ومدينة الملاهي، وحينها ظهرت ميزة أخرى من مزايا التكتيك الذي اتبعه حزب الله، حيث أحجم عن تصفية ما تبقى من عناصر لجبهة النصرة في هذا الجيب، في محاولة لمعرفة مصير المخطوفين من إدلب، وكذلك تأكيداً على مبدأ أساسي وضعته قيادة حزب الله منذ بدء هذه العملية وهو الفتح الدائم لباب التفاوض حقناً للدماء مع بقاء هذا الباب دوماً تحت النيران بحيث يكون الضغط مستمر على عناصر جبهة النصرة، وهو ما أدى في النهاية الى قبولهم بالانسحاب من كافة المناطق التي تواجدوا فيها بعد أن تمت محاصرتهم بطوق محكم.

بانتهاء هذه العملية التي دامت ثلاثة أيام فقط، فقدت جبهة النصرة تواجدها بالكامل على الأراضي اللبنانية، وعلى الخط الحدودي بين سوريا ولبنان، وانهزمت رهاناتها على التناقضات المذهبية في لبنان وعلى ورقة المخيمات واستبعادها لإطلاق حزب الله والجيش السوري لعمليات عسكرية في هذا التوقيت وفي ظل الظروف الميدانية في بقية أنحاء سوريا.



روزنامة المحور