الأربعاء 31 آب , 2005

كارثة جسر الأئمة

في الـ 31 من آب / أغسطس للعام 2005، وقعت كارثة جسر الائمة في العراق، التي أراد التكفيريون من خلالها، إيقاع الخسائر الكبيرة في صفوف زوار مقام الإمام الكاظم (ع) خلال ذكرى استشهاده السنوية، حيث يذهب الملايين منهم مشياً على الأقدام إلى الحضرة الكاظمية لأداء مراسم الزيارة وإحياء هذه الذكرى.

وقد حدثت هذه الكارثة على جسر الأئمة، الذي يصل ما بين منطقتي الأعظمية والكاظمية في العاصمة بغداد. وحصلت نتيجة للتدافع الشديد على ذلك الجسر بعد انتشار إشاعة بوجود انتحاري، مما أثار الذعر بين الجموع، وبسبب اكتظاظ الجسر بالمشاة وإغلاقه من أحد أطرافه بنقطة تفتيش سقط العشرات من الزوار في نهر دجلة، فيما دُهس العشرات غيرهم بسبب الفوضى التي عمت بعد انتشار الإشاعة، مما أدى إلى استشهاد ما يقرب الـ 1000 شخص دهسا أو غرقا، وسقوط 388 جريحاً.

وكانت المجموعات التكفيرية قد مهّدت لوقوع هذه الحادثة من خلال إطلاقها قبل ساعات 7 قذائف هاون على عدة مناطق في بغداد، وبالقرب من مرقد الإمامين الكاظميين، مما أدّى إلى استشهاد 7 أشخاص وجرح 37.

من جانب آخر عجّت مدينة الصدر المجاورة بآلاف المخيمات التي خصصت لاستقبال ما تبقّى من جثث الشهداء الذين لم يُعرف ذويهم، فيما خيّم الحزن على مدينة الكاظمية التي امتلأت شوارعها بالجثث المُلقاة على الأرصفة والشوارع العامة بالقرب من جسر الائمة. وجرى تشييع الشهداء لاحقاً في مدينة النجف الأشرف ودفنهم في مقبرة وادي السلام بالقرب من مقام الإمام علي (ع).

إنعكاس الآية

لكن بعكس ما كان يطمح له أعداء العراق وفي مقدمتهم أمريكا، كان لهذه الكارثة جانبها الإيجابي جداً، لناحية شدّ أواصر اللحمة الوطنية والإنسانية بين مكونات الشعب العراقي.

فقد هبَّ أهالي منطقة الأعظمية من أهل السنة خلال حصول الحادثة، لإنقاذ من سقط في النهر، حيث قام العشرات من الغوّاصين بانتشال من سقط في النهر من الزوار.  وكان من بين هؤلاء الغواصين الشاب عثمان علي العبيدي الذي استطاع بمفرده إنقاذ 6 أشخاص، قبل أن يستشهد غرقاً في نفس اليوم، أثناء انشغاله بإنقاذ من سقط في الماء.

وكان لاستشهاد العبيدي أثره الكبير، على إنهاء ما عُرف حينها بالاقتتال المذهبي الطائفي (المُخطّط له أمريكيا بهدف تقسيم العراق)، وتكّرس خلالها الانصهار الوطني بين أبناء جميع المذاهب والطوائف، خاصةً ما بين أبناء السنة والشيعة. وتقديراً لهذا الأمر، أقيم له تمثال في محلة راس الحوش بالأعظمية، نُصب عام 2018 في ذكرى استشهاده، كما سُمّيت العديد من المدارس والقاعات والبطولات الرياضية باسمه.

مقالات مرتبطة:

_مأساة جسر الأئمة والمشهد العراقي

_ الشاب عثمان العبيدي يتحول إلى رمز للوطنية بغرقه بعد أن أنقذ 6 أشخاص



روزنامة المحور