الجمعة 16 نيسان , 2021

هبّة "باب العامود"

في الـ 16 من نيسان / أبريل من العام 2021، الذي كان يوافق حينها الـ 3 من شهر رمضان المبارك، تفجرت هبّة "باب العامود" الفلسطينية ضد الكيان المؤقت، حينما اندلعت المواجهات بين الشباب الفلسطينيين المقدسيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، ومجموعاتٍ من المستوطنين في باب العامود، وامتدت هذه المواجهات لتصل إلى مناطق حي الشيخ جراح وباب الساهرة.

وعقب هذه المواجهات أزالت شرطة الاحتلال الحواجز الحديدية من ساحة باب العامود - التي سبق أن وضعتها في الـ 13 من نيسان / أبريل من ذلك العام نفسه، بغية منع المقدسيين من التواجد في هذه المنطقة - واستبقت على الحواجز الموجودة على درج الساحة، لكنها كثفت من وجودها الاستفزازي في محيط المنطقة، مع تواجد مجموعات من المستوطنين الإسرائيليين، لتستمر المواجهات في محيط باب العامود بشكلٍ يومي.

إلا أن التطور النوعي الأبرز في مسار الأحداث، تمثّل في تهديدٍ بثته منظمة "لاهافا" الإسرائيلية المتطرفة، بتاريخ 21 نيسان / إبريل 2021 (9 رمضان)، متوعّدةً باستهداف ساحة باب العامود وتدنسيها، وذلك عبر مقطع فيديو تداولته أوساط المستوطنين الإسرائيليين، ووجهت لاهافا دعوةً ليكون الخميس 22 نيسان / إبريل 2021 (10 رمضان)، يوماً لما وصفته بـ"استرداد الشرف القومي اليهودي".

وما أن بدأ تداول هذا المقطع، حتى بادرت مجموعةٌ من الشباب المقدسيين لمهاجمة تجمعاتٍ للمستوطنين الإسرائيليين المتطرفين في شارع يافا غرب القدس المحتلة، محققةً إصاباتٍ مباشرةٍ في صفوفهم. وبالتزامن دعت الفعاليات الشعبية في القدس الى "الرباط المكثّف" في ساحة باب العامود، للدفاع عنها من التدنيس الإسرائيلي المرتقب.

ومع حلول الساعة التاسعة من مساء الخميس 22 نيسان / إبريل 2021، انطلق المئات من المستوطنين في مسيراتٍ من شارع يافا غربي القدس، مردّدين خلالها هتافهم الإجرامي المعهود: " الموت للعرب ". وفي الوقت ذاته شهد المسجد الأقصى المبارك تواجداً بشرياً ضخماً مؤلفاً من 70 ألف مصلٍ. وما أن وصلت جموع المستوطنين إلى منطقة المصرارة الفاصلة بين شرقي القدس وغربها، والنقطة الأقرب من باب العامود، حتى هبّت جموع المقدسيين وبعض فلسطينيي الضفة الغربية والداخل المحتل، للتصدي للمستوطنين. واستمرت حالات الكر والفر والمواجهات حتى ساعات فجر اليوم التالي، وامتدت نقاط الاشتباك لتشمل شارع يافا وباب الساهرة، وصولاً لحي الصوانة في سفح جبل الزيتون، وحتى أطراف حي الشيخ جراح ووادي الجوز. وتبدلت حينها ليلة "استرداد الشرف القومي اليهودي"، الى ليلة " ليلة إذلال المستوطنين". ولم يمنع المقدسيين القمع الوحشي من شرطة الاحتلال واستخدامهم للخيول والمياه العادمة والرصاص المعدني المغلف بالمطاط، من مواصلة حالة الاشتباك، التي لم تتوقف إلا مع رفع آذان صلاة فجر الجمعة.

وقد أعلنت شرطة الاحتلال يومئذ عن إصابة 20 من جنودها، فيما لم تتوفر إحصائية دقيقة عن عدد المستوطنين المصابين، ولكن أشارت بعض التقديرات إلى أنها بلغت ضعف عدد إصابات شرطة الاحتلال. فيما وثق الهلال الأحمر الفلسطيني إصابة 100 مقدسي برصاص وغاز الاحتلال، منهم 30 إصابة نقلت للعلاج في المستشفيات.

المقاومة في قطاع غزة تقلب الطاولة

أما المقاومة في قطاع غزة، فكان لها موقفها الحاسم في دعم هذه الهبّة. فقد أعلنت حركة الجهاد الإسلامي بأن "المقاومة سترد على أي اعتداء بالمثل وستحمي شعبنا ولن تسمح للعدو بتجاوز قواعد الاشتباك".

أمّا كتائب الشهيد عز الدين القسام فقد جاء في بيانها: "نقول للعدو الذي يظن أنه يمكن أن يستفرد بأقصانا وأهلنا في القدس بأن لا يختبر صبرنا فقدسنا دونها الدماء والأرواح وفي سبيلها نقلب الطاولة على رؤوس الجميع ونبعثر كل الأوراق".

وفعلاً مع حلول مساء ذلك اليوم، دكت المقاومة المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة بأكثر من 15 صاروخ. ليرد جيش الاحتلال بقصف عدة مواقع في القطاع، ولتبدأ من بعدها معركة "سيف القدس".



روزنامة المحور