الأربعاء 07 نيسان , 2021 07:38

قوة القدس رافعة الانتصارات في العراق وسوريا

اللواء قاسم سليماني في العراق

"قررنا الذهاب الى العراق وسوريا لأنّ مسارَ الدبلوماسية لا يُمكن له المُضيّ في بعضِ القضايا، وعندما يكونُ منطقُ الطرفِ المقابل لا يعرف لغةً سوى القتل فلا بدَّ من مواجهتِه"، بهذا التصريح رسم قائد قوّة القدس اللواء الشهيد قاسم سليماني معالمَ خطوط المواجهة مع التنظيمات الإرهابية في المنطقة، ومن خلفها الداعم الأول لها الولايات المتحدة. وبطلبٍ من الجانبين السوري والعراقي تدخلت قوّة القدس في المعارك على الساحتين حيث لعبت دوراً عسكرياً واستشارياً نوعياً وقدّمت دعماً هائلاً غيّر معادلات القوى في الميدان.

بمرتجعة متأنية للدورالذي لعبته قوّة القدس في سوريا والعراق إلى جانب الجيش السوري ومقاتلي الحشد الشعبي والجيش العراقي بكافة ألويته، نجد أن الثِقل الميدانيّ الذي وفّرته هذه القوّة قد ساهمَ في تغيير معادلاتِ الحرب، وما كان ينبغي أن يبقى لمدةِ عقودٍ تلخّص في عددٍ قليل من السنوات، نسبةً للهجوم الإرهابي الواسع والممنهج على هذين البلدين.

لقد اعتمد دور قوّة القدس في سوريا منذ عام 2012 بدايةً على خلق تجربة "الممرات الآمنة" وتعني النقل الآمن للسلاح والمقاتلين والدعم اللوجستي والمالي إلى عمق الميدان، وكل ما يلزم لقَلب الموازين، عبر أنفاقٍ وممرات قد يصل طول بعضها إلى عشرات الكيلومترات، مخترقةً المناطق التي تُسيطر عليها المجموعات الإرهابية أو الجيش الأميركي على حد سواء.

عام 2013 وبُعيد تحرير مدينة القصير على الحدود مع لبنان والتي كانت بمثابة المعركة التي أرست معادلاتٍ وقواعدَ جديدة في حرب المدن، عملت قوّةُ القدس وعلى رأسها اللواء سليماني على اقناعِ روسيا بالمشاركة في الحرب على الإرهاب، بعد زيارة مفصلية له الى موسكو التقى خلالها الرئيس الروسي فلادمير بوتين واجتمع اليه لساعات.

بعد معارك "مثلّث الموت" جنوب سوريا عام 2015 وكسر حصار مدينتي نُبّل والزهراء الذي دام 3 سنوات عام 2016 وتحرير حلب في العام نفسه، نجح الجيش السوري بدعم مباشر من قوّة القدس بتحرير مدينة البوكمال بعمليّة نوعية كبيرة سمّاها الشهيد سليماني "أم المعارك" نظراً لأهميتها الاستراتيجية والجيوسياسية كونها تشكل الرابط بين حلقات محور المقاومة بموقعها على الحدود مع العراق، وفي السياق نفسه توّلت قوّة القدس مهمة إدارة تنسيق العمليات بين الجانبين السوري والعراقي، وكان التحدي الأكبر هو في ضبط إيقاع هذه الثنائية بين طرفين لم يسبق لهما أن تعاونا عسكرياً، وقد ونجحت.

عام 2017 حدث استثنائي اللقاء بين الجيش السوري ومقاتلي الحشد الشعبي على الحدود بين البلدين، والذي شكّل انتصاراً نوعياً ضخماً رسمَ الحدود مجدداً بعد أن أعلن تنظيم داعش الارهابي السيطرة عليها والغائها قبل 4 سنوات لإعلان "دولته" المزعومة، وأفشل كليّاً مخططاً كان يهدف لتقطيع أوصال محور المقاومة.

أما في العراق ومع دخول الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 بدأ حضور قوّة القدس إلى جانب الشعب العراقي، ومساندته في أولى عملياته العسكرية ضد الامريكيين. كانت الولايات المتحدة تعوّل كثيراً على أسلحتها النوعية حيث وصفت دباباتها من نوع "أبرامز" بالسلاح الذي لا يمكن تفجيره، لكن أثبت "فيلق بدر" وبمساندة بارزة لقوّة القدس بأن لا سلاح عصيٌّ على التدمير إذا ما دخل محتلاً.

وكانت ثمار هذا التعاون الإيراني العراقي هو اخراج القوات الأميركية من العراق عام 2011، غير أنها عادت لتدخل مجدداً إليه مُختبئةً خلفَ تنظيماتٍ إرهابية تدعمها وتدرّبها، فكانت قوّة القدس حاضرةً أيضاً بعد طلبٍ رسمي من الحكومة العراقية، لبّته لتكون في واجهة خطوط التماس تنسّق وتدرّب وتقدّم الاستشارات العسكرية اللازمة والوازنة للعراقيين.

عام 2017 وبعد 3 سنوات من المعارك الطاحنة مع الجماعات الإرهابية اُعلن عن تحرير العراق كاملاً من هذه الجماعات، حيث ساندت فيها قوّة القدس الحشد الشعبي وفصائل المقاومة، لا سيما في عمليات تحرير تكريت شمال بغداد، والأنبار والفلوجة، إضافة للموصل والصحراء التي تبلغ مساحتها حوالي 29 ألف كلم مربع.

ونظراً للقلق الجديّ الكبير الذي أحست به الولايات المتحدة نتيجة الدور الفاعل والنوعي الذي تلعبه قوّة القدس في المنطقة، خاصة على الساحتين السورية والعراقية، اتخذت قرار اغتيال قائدها اللواء قاسم سليماني مباشرةً لا بواسطة وكلاء تعمد على توريطهم عادةً.

ففي عام 2020 قامت الولايات المتحدة وبأمر مباشر من رئيسها السابق دونالد ترامب باغتيال اللواء سيلماني ومعه نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بضربة جوية استهدفت موكبهما قرب مطار بغداد.

وعلى إثر استشهاد اللواء سليماني قام الحرس الثوري الإيراني باستهداف قاعدة "عين الأسد" الأميركية في العراق ب11 صاروخاً دقيقاً وألحق بها أضراراً جمّة.

وكان قائد القيادة المركزية الأميركية فرانك ماكينزي قد اعترف بأنه لم يرَ هجوماً أعنف من ذلك، فيما صوّت البرلمان العراقي على إنهاء وجود القوات الأميركية فيه، والا ستعتبر "قوات احتلال".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور