كثر الحديث في الآونة الأخيرة، وعقب خطاب نتنياهو أمام الكونغرس، عن قرب التوصل إلى صفقة مع المقاومة الفلسطينية، تؤمّن وقف إطلاق النار وتؤدي إلى تحرير الأسرى، ونقل موقع أكسيوس عن مصادر مطّلعة أن "نتنياهو أبلغ عائلات الرهائن أن اسرائيل ستقدم لحماس مقترحاً محدّثاً لوقف إطلاق النار خلال يومين".
ولفت منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، أمس الخميس، إلى وجود "فجوات لا تزال قائمة" في محادثات وقف إطلاق النار بقطاع غزة، لكنه أضاف: "نعتقد أنه يمكن سدها، ونحتاج إلى تحقيق ذلك قريباً". وأشار إلى أن الولايات المتحدة "تعتقد أننا أقرب من أي وقت مضى للتوصل لاتفاق"، وأضاف: "آن أوان إنهاء الحرب".
العودة من الولايات المتحدة والانتخابات الرئاسية
في الواقع، تعتري العديد من العقبات في مسار التوصل إلى صفقة في الوقت الحالي، ولا تفيد المؤشرات أن نتنياهو يسعى إلى تذليل هذه العقبات أو لديه رغبة في الوقت الحالي لإنجاز صفقة، في هذا السياق، أخبر نتنياهو الكنيست، أن ممارسة المزيد من الضغط العسكري على حماس من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من التنازلات في المفاوضات، مما يشير إلى أن الصفقة ليست وشيكة. وحاول بخطابه الأخير في الكونغرس دفع الإدارة الأميركية لتقديم ما يلزم من مساعدات لإسرائيل لمواصلة حربها على حماس. وكشفت مجلة بوليتيكو قيام الوفد المرافق لنتنياهو بتوزيع قائمة، بين أعضاء الكونغرس وكبار المسؤولين، "تشمل الأسلحة التي تريد إسرائيل تسريع الحصول عليها".
زيارته إلى الولايات المتحدة والدعم الذي يمكن أن يحصّله نتنياهو هو الذي سيحدد صورة المرحلة المقبلة، ومن الممكن أن تمتد معالم هذه الصورة إلى حين انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة في بداية تشرين الثاني/نوفمبر. فقد يراهن نتنياهو على كسب الوقت لحين تحديد هوية الرئيس الجديد، والواضح أن نتنياهو يفضّل ترامب على المنافس الديمقراطي. لكن من جهة أخرى لم تكن مواقف ترامب أثناء حرب غزة متوافقة تماماً مع رغبات نتنياهو، وبحسب مجلة بوليتيكو "ربما يكون الرئيس الثاني ترامب أكثر حرصاً على إخماد النيران في الشرق الأوسط مما يدرك نتنياهو".
ضغوط البيت الأبيض
من المتوقع زيادة ضغوط إدارة بايدن على نتنياهو بعد لقائه يوم أمس من أجل وقف إطلاق النار، للتفرغ في هذه المرحلة للانتخابات وخروج الرئيس بايدن من الحياة السياسية بإنجاز خارجي هام كموضوع الصفقة وإنهاء الحرب. وقالت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن البيت الأبيض يمارس "ضغوطا كبيرة" على نتنياهو للموافقة على شروط وقف إطلاق النار في غزة. من جهتها، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر مطلعة قولها إنه من المتوقع حدوث تطور في مفاوضات الأسرى بعد لقاء بايدن ونتنياهو، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن نتنياهو يريد أخذ التزام من بايدن بشأن مواصلة القتال في غزة وتزويد إسرائيل بـ"أسلحة خاصة" لمنع احتمال حل حكومته.
ضغوط الداخل الإسرائيلي
وعلى الصعيد الداخلي اعتبر الكاتب عاموس هرئيل أن "نتنياهو يناورعلى المعسكرين في الإئتلاف، مؤيدي الصفقة ومعارضيها، وفقًا لاحتياجاته، وسوف يتخذ قراره في نهاية الأمر وفقًا للظروف السياسية". وأضاف "في حال التوصل إلى قرار، من المتوقع ألا يتم اتخاذ القرار إلا بعد عودته من الخطاب في الكونغرس ونهاية جلسة الكنيست الصيفية، لأن نتنياهو يخشى المخاطرة باستقرار حكومته".
ويتعرض نتنياهو أيضاً لضغوط من المعارضة والقيادة العسكرية، حيث يرى غالانت ورؤساء الأجهزة الأمنية أن المفاوضات دخلت مراحل حاسمة، وأن هناك فرصة محدودة في هذه المرحلة، ستسمح بعودة عدد كبير من المختطفين، كذلك هاليفي، رئيس هيئة الأركان العامة، طالب نتنياهو بالمُضي قدماً في صفقة لإطلاق سراح المختطفين.
ختاماً، قد لا يقدم نتنياهو الصفقة كإنجاز لإدارة بايدن بعد أن أعلن بايدن انسحابه من الانتخابات، لأن ذلك يضرّ بسياسته المستقبلية مع الرئيس الجديد وخصوصاً مع ترامب. من جهة أخرى هناك احتمال بعقد صفقة لمدة ثلاثة أشهر لحين وصول ترامب بضمانات تتعلّق بتجديد الحرب على غزة بعد المرحلة الأولى من الهدنة.
الكاتب: غرفة التحرير