الخميس 25 تموز , 2024 04:13

خطاب نتنياهو.. خطة اليوم التالي وحشد الدعم لمواجهة إيران

خطاب نتنياهو أمام الكونغرس وفي الخلفية النائبة رشيدة طليب

بخطاب دفاعي ملحوظ كرس نتنياهو نفسه لدحض الانتقادات الموجهة إلى إسرائيل، أكثر من رسْم مسار الخروج من المستنقع الذي يتخبّط به الكيان منذ بداية عملية طوفان الأقصى، التي أعاد نتنياهو الحديث عنها مبرراً الإبادة الجماعية التي مارسها بحق الشعب الفلسطيني، واللافت في الخطاب الرابع له أمام الكونغرس الأميركي التصفيق الحار من المشرعين الأميركيين، يستثنى من ذلك حوالي نصف الديمقراطيين من مجلس النواب والشيوخ، الذين تغيبوا احتجاجاً على مواصلة نتنياهو الحرب في غزة، بمن فيهم المرشحة الديمقراطية المحتملة كامالا هاريس، وسط احتجاجات بالقرب من مبنى الكابيتول لمتظاهرين يحملون الأعلام الفلسطينية.

أدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بتعليقاته وتصريحات متعددة في كلمته المطولة، شملت رؤيته لقطاع غزة لمرحلة ما بعد الحرب، والتحالف الذي تسعى إسرائيل لتشكيله لمواجهة إيران، وكذلك إشادته بالجهود الأميركية لدعم بلاده في مواجهة حركة حماس. وطغى على الخطاب قصص ومفردات لاستثارة المشاعر الإنسانية واضفاء الشرعية على الذات وتجريد الآخرين منها، واستخدام ثنائيات الخير والشر كـ"الحضارة والبربرية"، "الحرب بين أبناء النور وأبناء الظلام".

خطة اليوم التالي

أعلن نتنياهو، أمام الكونغرس خطته لليوم التالي لانتهاء الحرب في غزة، بقوله إنها تتمثل في إزالة العسكرة والراديكالية من القطاع، موضحاً أن إسرائيل لا تسعى إلى إعادة الاستيطان في غزة، ولكن الحفاظ على سيطرة أمنية لمنع أي تهديد عليها مستقبلاً.

وأضاف في خطابه: "غزة يجب أن تحظي بإدارة مدنية أعضائها لا يسعون إلى تدمير إسرائيل، ولنا الحق في طلب ذلك.. نسعى إلى وجود جيل جديد من الفلسطينيين يجب ألا يتعلم كره اليهود ويجب أن يتعلم العيش بأمان وسلام معنا".

يعني ذلك أن رؤية نتنياهو لليوم التالي تتجلّى في ثلاث نقاط أساسية: تجريد حركات المقاومة الفلسطينية من السلاح وإطلاق برامج تعليمية وأدوات ناعمة لنزع الصبغة الإسلامية الثورية عن الجيل الجديد، وسيطرة أمنية إسرائيلية لقطاع غزة على غرار الضفة الغربية.

تابع نتنياهو في خطابه: "أتطلع إلى تحالف جديد في الشرق الأوسط يكون امتداداً لاتفاقات (أبراهام).. يجب دعوة كافة الدول التي ستصنع السلام مع إسرائيل للانضمام إلى تحالفنا، واقترح أن يكون اسم هذا التحالف (أبراهام)". من الواضح أن نتنياهو يسعى إلى استئناف ووضع ملف التطبيع مع بعض الدول العربية على رأس أولوياته بعد الانتهاء من الحرب (من دون ذكر التطبيع مع السعودية)، ليضمن بذلك مسار مستقبلي للكيان على الصعد الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية أكثر تماسكاً، ويعود عليه بمنافع شخصية بتحقيق الاندماج الإقليمي لإسرائيل في وجه محور المقاومة، وعلى رأسه إيران التي أخذت حصة كبيرة من خطاب ليلة أمس، وتكررت كثيراً على لسانه معتبراً أنها العدو المشترك للولايات المتحدة وإسرائيل، حتى وصل به الأمر إلى اتهام المتظاهرين بتلقي تمويل من الجمهورية الإسلامية.

وبرر نتنياهو، الهجوم على ميناء الحديدة في اليمن، بقوله: "عندما نحارب الحوثيين فإننا نحارب إيران.. نحن لا نقوم فقط بحماية أنفسنا بل نقوم أيضاً بحمايتكم.. عدونا هو عدوكم وحربنا هي حربكم ونصرنا سوف يكون نصركم".

وأضاف: "عندما نقاتل حماس فإننا نقاتل إيران، وحينما نقاتل جماعة حزب الله فإننا نقاتل إيران، وحينما نقاتل الحوثيين فإننا نقاتل إيران.. ولذلك فإن هزيمة حماس ستكون ضربة لإيران وضربة لحزب الله.. وإسرائيل سوف تفعل كل ما يلزم لإعادة الأمن للحدود الشمالية".

ردود الفعل على الخطاب

ركّزت الصحافة الإسرائيلية اليوم بأن خطاب نتنياهو يهدف بالدرجة الأولى إلى حشد الدعم الأميركي لإسرائيل لمواصلة الحرب، ولم يكن بهدف "دفع صفقة من شأنها أن تعيد الأسرى الإسرائيليين وتضع حداً للقتال والمعاناة" بحسب صحيفة هآرتس. وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن نتنياهو "لم يضف أي شيء جديد، وحاول فقط إعادة إسرائيل إلى مركز الخريطة السياسية وإعادة خلق إجماع بين الحزبين حول إسرائيل، ولم ينجح في ذلك تماماً". وكشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" أن نتنياهو سيطالب الرئيس الأميركي بتعهد خطي بإمكانية استئناف الحرب على غزة بعد المرحلة الأولى من الهدنة.

وفي ردود الفعل السياسية وصف زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد خطاب نتنياهو بـ"المشين"، ويقول إنه تحدث ساعة كاملة دون أن يذكر جملة واحدة بشأن صفقة التبادل.

في المقابل وصف عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق خطاب نتنياهو في الكونغرس الأميركي بأنه "حفلة أكاذيب واستخفاف بعقول العالم".

أما في الولايات المتحدة فكثرت الانتقادات والهجمات على نتنياهو خصوصاً من أعضاء الحزب الديمقراطي، ورفعت رشيدة طليب لافتة كتب عليها "مذنب بارتكاب إبادة جماعية" من جهة و"مجرم حرب" من جهة أخرى. وفي تعليقها على الخطاب وصفت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي خطاب نتنياهو بأنه "أسوأ عرض لأي شخصية أجنبية أمام الكونغرس".

ووسط العزلة الدولية والمطرقة القانونية، هاجم نتنياهو، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، واصفاً اتهاماته لتل أبيب بتجويع شعب غزة بأنه "محض افتراء"، زاعماً أن إسرائيل سمحت بدخول أكثر من 40 ألف شاحنة طعام إلى القطاع.

وقال: "محكمة العدل الدولية تحاول تقييدنا لكننا لن نستجيب لها.. المحكمة تحاول تقييد إسرائيل في الدفاع عن نفسها.. وبعد إسرائيل سيأتي الدور على أميركا".

سيختم نتنياهو زيارته إلى الولايات المتحدة بلقاء الرئيس الأميركي جو بايدن والمرشح للانتخابات الرئاسية دونالد ترامب ونائبة الرئيس والمرشحة المحتملة للرئاسة كامالا هاريس كل على حدة.


الكاتب: حسين شكرون




روزنامة المحور