تستمر المفاوضات بالوساطة بين حركة حماس وكيان الاحتلال للتوصل الى صفقة تبادل أسرى جديدة تحرّر من خلالها آلاف الفلسطينيين لا سيما أسرى عملية "نفق الحرية" مقابل الجنود الأربعة الإسرائيليين، وأعلن، أمس، رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية في حركة حماس، خليل الحية، ان الحركة عرضت خارطة طريق لإنجاز صفقة التبادل، وطرحت مبادرة إنسانية للإفراج عن الأسرى المرضى وكبار السن، مقابل الإفراج عن معلومات عن الجنود الإسرائيليين لديها، لكن الاحتلال رفضها، لأنه غير"جاهز لدفع الثمن".
فيعرف الاحتلال ان التصعيدات والهجمات الوحشية التي يمارسها بحق الفلسطينيين لم تعد تمر دون ان يتلقى تهديدات جديّة من الفصائل الفلسطينية التي عملت على تطوير واستحداث هيكليتها وبنيتها وحتى عملها العسكري الميداني للتصدي لهذا الكيان على كافة الأصعدة، والمواجهة اليوم تمتد على خط الاسرى ومعاناتهم في السجون الإسرائيلية، لكن المقاومة تٌجمع أنها مستعدة لكل الاحتمالات في سبيل تحريرهم.
وكان لحركة حماس تجربة نموذجية في إبرام صفقة تبادل عام 2011 حرّرت من خلالها أكثر من 1000 أسير مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وقد أثبت الحركة وجناحها العسكري نجاحاً وتقدماً فاجأت به الاحتلال وتركت له صفعة لا يزال يقلق من عيشها مرّة أخرى في الصفقة القادمة.
ومن أهم أسباب نجاح صفقة "وفاء الاحرار" التطور في بنية وتشكيلات كتائب القسّام التي استحدث وحدة خاصة لأجل خلق موازين قوة جديدة في ملفات الاسرى.
فما هي هذه الوحدة؟ وأبرز مهماتها؟
بعد عشر سنوات على تأسيسها ومباشرة عملها الفعلي، سمح القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، وبقرار استثنائي، بالكشف عن أكثر وحدة سرية وهي "وحدة الظل".
كانت قد تأسَّست عام 2006، وتُعدّ بمثابةِ وحدة مهام خاصّة حيث تعمل على "تأمين" جنود الاحتلال الذين يقعون في قبضة الكتائب، ليبدأُ دورها الحقيقي في إخفاء هؤلاء الجنود الاسرى وإبقائهم في "دائرة المجهول" بالنسبة لجيش الاحتلال وعملائه من الموساد، وحتى أنها تخفي أي معلومة تتعلّق بهم أو بوضعهم قبل أن يتم "التفاوض"، كما من مهامها التصدي العسكري وإحباط أي هجمات عسكرية محتملة من الاحتلال لاستعادة جنوده.
ووفقًا للمتحدث العسكري باسم كتائب القسام "أبو عبيدة" فإن "تأسيس الوحدة جاء لاعتبارات عملياتية في إطار مهمة كسر قيود الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو، مبيّنًا أن الوحدة بضباطها وجنودها هي بمثابة حلقة مفقودة، ومهمتها الأساسية أن تظل على الدوام كذلك".
ويكون اختيار المقاتلين أو الأفراد من كتائب القسم لوحدة الظل وفق معايير عالية ودقيقة، فيُنتقى النُخب من كافة الألوية والتشكيلات القتالية، ويتم اخضاعهم لاختبارات عديدة مباشرة وغير مباشرة.
ولعبت الوحدة دوراً أساسيا بعد أسر الجندي شاليط، اذ نجحت في "حمايته" والمحافظة عليه طيلة الفترة قبل إتمام الصفقة، وأظهرت قدرات أمنية واستخباراتية عالية على الرغم من الظروف الخاصة في قطاع غزّة وضغوطات الاحتلال.
وكما بثت الوحدة صوراً ومقاطع فيديو بعد مرة بعد أربع سنوات من انتهاء صفقة تبادل شاليط، وكانت بعض المقاطع مصورة في أماكن مفتوحة بحثت أنها أكدّت للاحتلال وأجهزته فشلاً استخباراتياً.
الرسائل من الوحدة الظل
تشير أوساط التحليل الفلسطيني المقرّبة من حركة حماس ان استحداث هذه الوحدة الخاصة ضمن تشكيلات الجناح العسكري، يحمل في طيّاته الكثير من الرسائل الاستراتيجية وتغيير واضح في موازين القوّة، اذ تؤكد القسّام من خلالها ان الصراع مع الاحتلال مفتوح وهو "صراع أدمغة"، وان المقاومة حاضرة لكل الخيارات التي قد يفرضها هذا الصراع وتمتلك كل الإمكانات والمهارات اللازمة، بالإضافة الى ان الكشف عنها بعد عقد كامل يدلّ "على عجز الاحتلال وكافة الجهات الاستخباراتية عن معرفة تركيبة كتائب القسام وقدراتها العسكرية"
والأهم ان المقاومة الفلسطينية شاملة في كل القضايا والميادين ومنها الأسرى التي تواصل العمل للإفراج عنهم.
الكاتب: غرفة التحرير