يحفظ مخيم جنين اسم القائد الشهيد محمود طوالبة وسيرته الجهادية عن ظهر قلب. وحين نشأت "كتيبة جنين"عام 2021، كأول مجموعة مقاومة منظّمة تابعة لسرايا القدس في جنين، رفع مجاهدوها صورة القائد طوالبة، في رسالة لكيان الاحتلال مفادها، أن المخيم لا يزال يسير على درب قائده الذي فضّل القتال حتى الشهادة، تمسكًا بخيار المقاومة ضد الاحتلال وتصديًا لاجتياح المخيّم عام 2002. فمن هو هذا القائد الملّقب بـ "أسطورة مخيم جنين"؟
سيرة القائد
ولد في مخيم جنين في 19 / 3/ 1979. انتمى بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 الى حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وانخرط في صفوف جناحها العسكري، سرايا القدس، ليكون قائدها في المخيم.
عمل القائد طوالبة على تشكيل الخلايا العسكرية وتطوير المقاومة وتكتيكها من خلال نقل أدواتها من الحجر الى السلاح. كما أشرف على التخطيط والتنفيذ المباشر، وتجنيد استشهاديين لكثير من العمليات الاستشهادية التي قامت بها سرايا القدس، والتي طالت عمق الاحتلال. كما عمل على تصنيع القنابل والعبوات والأحزمة الناسفة. وقد قاتل قبلها الى جانب أحد أبرز قادة السرايا، محمد بشارات وشاركه غي العديد من عمليات إطلاق النار عند على الطرق الالتفافية التي يمر منها المستوطنون.
أواخر العام 2001، اعتقلت السلطة الفلسطينية القائد طوالبة، مما أثار تظاهرات شعبية وجماهيرية واسعة مندّدة بالاعتقال استمرت لـ 3 أيام أمام المركز الأمني الذي اعتقل فيه بجنين. نقل طوالبة الى مركز آخر في نابلس، لكنه تمكّن من انتزاع حريّتهم بعد أن هاجمت قوات الاحتلال المركز بهدف اغتيال المجاهدين المعتقلين فيه. وقد حظي باستقبال شعبي حين عودته.
بالإضافة الى ذلك، تعرّض القائد طوالبة لـ 4 محاولات اغتيال. ومن بينها، مرّة استطاع النزول من السيارة قبل لحظات من استهدافها بطائرات الأباتشي. وفي مرّة ثانية، نجح القائد طوالبة من اكتشاف عبوة ناسفة زرعها الاحتلال في محل تجاري لشقيقه.
قائد معركة مخيم جنين
برز الدور الأهم للقائد طوالبة في معركة مخيم جنين التي بدأ الاحتلال يحشد لها في السابع والعشرين من شهر آذار / مارس عام 2002. قاد الشهيد عمليات التصدي لاجتياح جيش الاحتلال للمخيم على مدار 15 يومًا من أيام المعركة. ووضع خطة تفخيخ المخيّم وأزقّته بالعبوات الناسفة التي أدّت الى مقتل العشرات من جنود الاحتلال.
جانب آخر من القائد طوالبة، برز خلال المعركة، فقد لم يكن فقط مجاهدًا عند خطوط التماس العسكرية، بل حمل همّ أهل المخيّم الذين هدم الاحتلال وقواته منازلهم. فكان القائد يخاطر بحياته لإنقاذ المدنيين والأطفال من المنازل المشتعلة والمحاصرة من جنود الاحتلال، ومن تحت الأنقاض.
زعم الاحتلال في أهداف الاجتياح، اجتثاث المقاومة المتصاعدة آنذاك في الضفة الغربية، وكذلك "تصفية طوالبة"، الذي بات أخطر وأبرز المطلوبين في المخيم على خلفية نشاطاته العسكرية.
الشهادة
قبل أيام من شهادته، شدّد القائد على أنّ "خيارنا الجهاد والمقاومة طريق النصر أو الشهادة، سأقاتل حتى الرمق الأخير، ومعركتهم معي ستكون قاسية، وأمنيتي أن استشهد في مقاومتهم". وفي يوم الثامن من شهر آذار / مارس عام 2002، حاصرت طائرات الاحتلال المكان الذي تواجد فيه القائد طوالبة ومعه المجاهدين عبد الرحيم فرج وشادي اغبارية وأشرف أبو الهيجا. كثّفت "أباتشي" الاحتلال من غاراتها على المكان الى أن استشهدوا جميعًا.
الكاتب: مروة ناصر