لا شك ان النظام السعودي يحاول بكل الطرق تلميع صورته امام الرأي العام العالمي شاهرا سلاح المال والاعلام للترويج لولي العهد محمد بن سلمان بأنه صاحب النظرة المحبة للحياة والشباب، وفي ذلك تعتمد أجهزة الطامح بالجلوس على كرسي الملك في مملكة آل سعود، على الرياضة والفن كعنصرين مهمين يساهمان بالوصول الى الهدف المنشود.
وبالطبع "الهيئة العامة للترفيه" في السعودية التي يقودها تركي آل الشيخ أحد أبرز المقربين من ابن سلمان، لم تفوّت أي مناسبة إلا وتستقبل فيها أشهر المغنيين والمغنيات وتحيي الحفلات في مملكة آل سعود، في محاولة للقول إن زمن "المطاوعين" أو ما كان يعرف بـ"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" قد ولّى واستبدلت بنقيضها من الانحلال والمجون، ليطرح السؤال لماذا لا يكون هناك توازن واعتدال فعليّا في تلك البلاد؟ لماذا على الانسان هناك ان يعيش إما في زمن بطش التكفير الوهابي أو بظل الانحلال السعودي؟ ألا يوجد حلول وسط ترفع الظلم عن الناس بدون أخذهم الى الابتعاد عن دين الله؟
وبالتوازي مع النشاطات "الثقافية"، العالم كله تابع بعد مونديال قطر 2022 كيف انتقل النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الى نادي النصر السعودي، بعرض خيالي من حيث البدل المالي والتقديمات والمغريات الاخرى، لتكرّ بعدها سبّحة الحديث عن انتقال غيره من النجوم للعب بالأندية في مملكة آل سعود، وأخيرا انتقل الفرنسي كريم بنزيما بعرض خيالي أيضا، وفيما يطرح البعض بأن جلب هؤلاء النجوم هدفه استثماري مالي وترفيهي للناس عبر تقوية الدوري السعودي، إلا أن الهدف الأبعد من كل ذلك هو استخدام كرة القدم بما فيها من متابعات شعبية عبر العالم لإظهار "الصورة البرّاقة" للنظام السعودي ومحوره اليوم محمد بن سلمان.
لكن هل بإمكان ابن سلمان ومن خلف أجهزة النظام السعودي إخفاء صورتهم الحقيقية القاتمة والقائمة على الإعدامات وانتهاك حقوق الإنسان؟ هل بالإمكان إخفاء هذا الكمّ الهائل من القتل والاعتقالات والمحاكمات خارج إطار القانون؟ وهل بالإمكان إخفاء كل الانتهاكات والممارسات بحق شعوب المنطقة في الخليج وغيرها؟
وفي هذا السياق، أشارت المتابعة للشأن الخليجي الإعلامية ريم عبيد الى ان "نظام ابن سلمان يسعى لتلميع صورته في العالم من خلال استخدام اسماء لامعة من لاعبي كرة قدم العالميين، أمثال كريستيانو رونالدو الذي انضم الى النصر السعودي او ليونيل ميسي الذي جرى الحديث عن انضمامه للهلال، وغيرهما بعقود خيالية، كذلك عملية دعم صندوق الاستثمارات العامة السعودي لشركة PGA الأمريكية وLIV للغولف، بالإضافة الى استقدام أهم الاحداث الرياضية العالمية".
وقالت عبيد في حديث خاص لموقع الخنادق إن "ذلك يصب أولا، في خانة تظهير الوجه الحسن لهذا النظام، غير أن الحقيقة التي لا يمكن ان تغفل على أحد هي ما تحويه السجون السعودية من معتقلين سجنوا لتعبيرهم عن رأيهم ويتعرض جلهم للتعذيب"، وتابعت "هذه الحقائق تؤكد عليها المنظمات الحقوقية التي تتابع أوضاع حقوق الانسان في المملكة كمنظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وغيرها"، واعتبرت ان "بعض الدول الكبرى ومنها الولايات المتحدة الاميركية تدفع السعودية للانخراط في هذه الفعاليات الرياضية والفنية في محاولة منها لابتزاز ابن سلمان بمزيد من تحصيل الأموال ومليارات الدولارات".
وأشارت عبيد الى ان "الحفلات الصاخبة التي ينظمها تركي آل الشيخ والتي تحاول أن تعمم فكرة أن السعودية خرجت من التشدد الى الانفتاح، ومن التخلف الى الحضارة، لا يمكن ان تخفي ملف الاعدامات السياسية الذي يضع السعودية في مقدمة الدول التي ما زالت تطبق هذه العقوبة"، وتابعت ان "هذا يؤكد ان النظام السعودي لم يزل في مكانه ولم يتقدم في سياق إنقاذ سمعته قيد أنملة"، ورأت ان "كل هذه الفعاليات والعلاقات مع الجهات الدولية لن تغير من النظرة الى السعودية، إن لم يكن هناك قرار حقيقي وجاد من النظام السعودي، للتخلي عن سياسة الانتقام من كل من يخالف الأوامر السليمانية العليا أو يطالب بالإصلاح او بالمشاركة السياسية".
ولفتت عبيد الى ان "التطبيع مع العدو الاسرائيلي يدخل هنا أيضا على الخط من بوابة المحاولات لابتزاز السعودية ودفعها لإقامة علاقات مع كيان العدو، خاصة ان ابن سلمان يستمهل قبل الاعتراف بإسرائيل علانية لاعتقاده ربما ان الوقت لم يحن بعد للقيام بهذه الخطوة الجريئة بما قد يؤخر طموحاته بالجلوس على كرسي الملك في المملكة وبما تشكله من قدرات وثقل في العالمين الاسلامي والعربي، خاصة بعد انفتاحها على إيران عبر الاتفاق الذي وقع برعاية صينية".
الكاتب: غرفة التحرير