10:36 بتوقيت القدس المحتلة
ترك الانقسام السياسي الحاد الذي يشهده كيان الاحتلال، اثره على عدد من الملفات، أهمها العلاقة مع الولايات المتحدة، التي باتت ترتفع الأصوات فيها، لتخفيف ثم وقف الدعم المالي والعسكري لإسرائيل. وتشير صحيفة ذا نيويورك تايمز الأميركية، إلى هذا النقاش، وتقول في تقرير لها ان "ليست مساعدة لإسرائيل بقدر ما هي دعم مستتر للمقاولين العسكريين الأمريكيين، وهو أحد الأسباب التي تجعل بعض الإسرائيليين يشعرون بالهدوء تجاهها".
النص المترجم:
تتصدر إسرائيل العناوين الرئيسية، مما يثير جدلا صاخباً. ومع ذلك، لا يزال هناك موضوع واحد غير مذكور إلى حد كبير، لذا اسمحوا لي أن أثيره بحذر: هل حان الوقت للتفكير في الإلغاء التدريجي للمساعدات الأمريكية لإسرائيل في المستقبل؟
هذا لا يتعلق بضرب إسرائيل. ولكن هل من المنطقي حقا أن تقدم الولايات المتحدة مبلغا هائلا قدره 3.8 مليار دولار سنويا إلى بلد غني آخر؟
لا أعتقد أن أي تغيير يجب أن يحدث فجأة أو بطريقة تعرض الأمن الإسرائيلي للخطر. السبب في إعادة التفكير في المساعدات الأمريكية هو عدم السعي إلى الضغط على إسرائيل – على الرغم من أنني أعتقد أننا يجب أن نكون أكثر صرامة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يطفئ أي أمل في حل الدولتين، وهو، على حد تعبير رئيس الوزراء السابق إيهود باراك، "مصمم على إضعاف إسرائيل إلى ديكتاتورية فاسدة وعنصرية من شأنها أن تنهار المجتمع".
بدلا من ذلك، فإن السبب في إجراء هذه المحادثة هو أن المساعدات الأمريكية لدولة غنية أخرى تبدد الموارد الشحيحة وتخلق علاقة غير صحية تضر بكلا الجانبين.
واليوم، لدى إسرائيل مخاوف أمنية مشروعة، ولكنها ليست في خطر التعرض للغزو من قبل جيوش جيرانها، وهي أغنى نصيب الفرد من اليابان وبعض الدول الأوروبية. إحدى علامات تغير الأزمنة: ما يقرب من ربع صادرات الأسلحة الإسرائيلية في العام الماضي ذهبت إلى الدول العربية.
إن 3.8 مليار دولار من المساعدات السنوية لإسرائيل هي أكثر من 10 أضعاف ما ترسله الولايات المتحدة إلى دولة النيجر الأكثر اكتظاظا بالسكان، وهي واحدة من أفقر الدول في العالم وواحدة تتعرض لهجوم من قبل الجهاديين. في بلدان مثل النيجر، يمكن لهذا المبلغ أن ينقذ مئات الآلاف من الأرواح سنويا، أو هنا في الولايات المتحدة، يمكن أن يساعد في دفع تكاليف برامج الطفولة المبكرة التي تشتد الحاجة إليها.
المساعدات لإسرائيل هي الآن مساعدات عسكرية شبه حصرية يمكن استخدامها فقط لشراء الأسلحة الأمريكية. في الواقع، إنها ليست مساعدة لإسرائيل بقدر ما هي دعم مستتر للمقاولين العسكريين الأمريكيين، وهو أحد الأسباب التي تجعل بعض الإسرائيليين يشعرون بالهدوء تجاهها.
"يجب على إسرائيل أن تتخلى عن المساعدات الأمريكية"، قال لي يوسي بيلين، وزير العدل الإسرائيلي السابق. وقد جادل بأن الأموال يمكن استخدامها بشكل أكثر فعالية في أماكن أخرى.
ووافقه الرأي دانيال كيرتزر، السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل.
"الاقتصاد الإسرائيلي قوي بما فيه الكفاية بحيث لا يحتاج إلى مساعدات. المساعدة الأمنية تشوه الاقتصاد الإسرائيلي وتخلق إحساسا زائفا بالتبعية"، قال كيرتزر في رسالة بالبريد الإلكتروني. "لا توفر المساعدات للولايات المتحدة أي نفوذ أو تأثير على القرارات الإسرائيلية باستخدام القوة. لأننا نجلس بهدوء بينما تتبع إسرائيل السياسات التي نعارضها، ينظر إلينا على أننا "ممكنون للاحتلال الإسرائيلي".
"وتوفر المساعدات الأمريكية وسادة بمليارات الدولارات تسمح لإسرائيل بتجنب الخيارات الصعبة لمكان إنفاق أموالها الخاصة، وبالتالي تسمح لإسرائيل بإنفاق المزيد من الأموال على السياسات التي نعارضها، مثل المستوطنات".
في مرحلة ما عند الترشح للرئاسة في الانتخابات الأخيرة، اقترح كل من بيرني ساندرز وبيت بوتيجيج وإليزابيث وارن تقديم مساعدات مشروطة لإسرائيل. وأظهر استطلاع للرأي أجري على اليهود الأمريكيين أن الأغلبية تؤيد المساعدات لكنها فضلت أيضا بعض القيود على المساعدات حتى لا يمكن استخدامها لتوسيع المستوطنات.
إنهم ليسوا ليبراليين فقط. "اقطعوا قبضة المساعدات"، جادل جاكوب سيغل وليل ليبوفيتز مؤخرا في مجلة "تابلت"، قائلين إن المساعدات أفادت أمريكا ومصنعي الأسلحة فيها بينما تقوض الشركات الإسرائيلية.
هناك حجة مضادة مشروعة مفادها ان أي تخفيض في المساعدات يمكن أن ينظر إليه على أنه تراجع عن الدعم لإسرائيل بطرق قد تؤدي إلى العدوان من قبل إيران على سبيل المثال. ويمكن التخفيف من هذا الخطر من خلال التعامل مع القضية كمناقشة طويلة الأجل لمذكرة التفاهم الثنائية المقبلة حول المساعدات، المقرر صدورها بحلول عام 2028 ومن المرجح أن تستمر لمدة 10 سنوات، ومن خلال التوصل إلى اتفاقيات أمنية أخرى مع إسرائيل (كما يوصي بيلين وكورتزر).
مارتن إنديك، الذي شغل مرتين منصب سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، فضل أيضا اتفاقيات أمنية جديدة وقال إن الوقت قد حان لإجراء هذا النقاش حول إنهاء المساعدات.
"إسرائيل تستطيع تحمل ذلك، وسيكون من الأفضل للعلاقة أن تقف إسرائيل على قدميها"، قال لي.
وبطبيعة الحال، فإن هذه المسألة حساسة من الناحية السياسية. قبل عامين فقط، وقع أكثر من 325 عضوا في مجلس النواب رسالة تعارض أي انخفاض في المساعدات لإسرائيل.
"هناك محادثة جادة يجب إجراؤها قبل مذكرة التفاهم التالية حول أفضل السبل لاستخدام 40 مليار دولار من دولارات الضرائب الأمريكية"، قال جيريمي بن عامي، رئيس J Street، وهي مجموعة مناصرة. لكن بدلا من إجراء مناقشة جادة للأمن القومي، من المرجح أن تحصل على مزيج سام من المشاجرات الحزبية والقوادة السياسية".
أعتقد أنه يمكننا أن نفعل ما هو أفضل، إذا تعاملنا جميعا مع هذا بطريقة غير أيديولوجية وصبورة لاستكشاف ما هو الأفضل لكلا البلدين.
ودافع آرون ديفيد ميلر، الذي كان لسنوات عديدة محللا ومفاوضا في شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، عن منع المساعدات لأي وحدات عسكرية ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وقال لي أيضا: "في ظل الظروف المناسبة وفي مجرة بعيدة، بعيدة، مع العلاقات الأمريكية الإسرائيلية حتى لو لم تكن أفضل، ستكون هناك مزايا لكليهما لرؤية المساعدات العسكرية تلغى تدريجيا بمرور الوقت".
هذه هي الطريقة التي يجب أن نفكر بها في هذا، كمحادثة نحتاج إلى التحرك نحوها. سنستفيد جميعا من إيجاد النضج لمناقشة ما لا يمكن ذكره.
المصدر: ذا نيويورك تايمز
