الخميس 12 تشرين أول , 2023 02:51

تهجير الفلسطينيين إلى سيناء من أهداف الحرب

تهجير الفلسطينيين

منذ عام 1984، يعتُبر إجراء التهجير على رأس المصالح الإسرائيلية. ولا ينفكّ الكيان المؤقت يخطط لتهجير الفلسطينيين عبر الحكومات المتعاقبة، من خلال اقتراحات خطط سياسية وديموغرافية لتهجير المزيد من الضفة الغربية وقطاع غزة. وحتى من داخل أراضي 1948 نفسها. كل ذلك بهدف تنقية العرق اليهودي فيما يتخيلونه "دولة يهودية".

وبعد تهجير أكثر من 700 ألف فلسطيني عام 1948، وقتل كل من حاول العبور والعودة بعدها بسنوات قليلة، كان مصير تلك الخطط هو الفشل، كانت عملية يوحنان الإسرائيلية (1949-1953) تهدف إلى توفير مزارع "لعرب إسرائيل" في الأرجنتين، وتحديدًا المسيحيين الذين يعيشون في الجليل. وأعقب ذلك خطة لتوفير فرص عمل للفلسطينيين في أوروبا التي كانت بحاجة إلى عمال بعد الحرب العالمية الثانية. تلقت الدعم بموجب خطة مارشال الأمريكية، ولكن لم يتم تنفيذ أي من الخطتين وكلاهما اختفى بحلول منتصف خمسينيات القرن العشرين.

ظهرت مقترحات مماثلة بعد حرب الأيام الستة عام 1967، موجهة نحو الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين حديثًا. في عام 1968، أعدت وزارة الخارجية الإسرائيلية خطة يتم بموجبها تسهيل حركة الفلسطينيين من غزة إلى الضفة الغربية، وبعضهم إلى الأردن، مما يؤدي إلى هجرتهم إلى أجزاء أخرى من العالم العربي. كان القصد من ذلك أن يبدو عفويًا، وليس بناءً على أوامر إسرائيل. تضمنت "خطة العريش" تطوير مشاريع مثل محطات تحلية المياه وإنتاج الطاقة والمصانع التي من شأنها توفير فرص عمل للفلسطينيين الذين سينتقلون إلى المدينة المصرية سيناء، لكنهم، لم يغادروا.

في عام 1968 أيضًا، نظرت لجنة في الكونغرس الأمريكي في خطة للتهجير الطوعي لـ 200,000 فلسطيني من غزة إلى عدد من البلدان، بما في ذلك ألمانيا الغربية والأرجنتين وباراغواي ونيوزيلندا والبرازيل وأستراليا وكندا والولايات المتحدة. لم يتم تنفيذ الخطة أبدًا، ليس فقط لأن الفلسطينيين لم يوافقوا على الهجرة، ولكن أيضًا لأن تلك الدول لم توافق على استضافتهم.

وفي العام نفسه، جمع الجيش الإسرائيلي آلاف الشبان الفلسطينيين ونقلهم في مئات الحافلات إلى الجانب المصري من قناة السويس. احتلت إسرائيل الجانب السيناوي من عام 1967 إلى عام 1982. ثم عرض الإسرائيليون المال على أي شخص يغادر غزة. في عام 1970، أراد الجنرال الإسرائيلي أرييل شارون إفراغ غزة من سكانها بنقلهم إلى العريش حتى يتمكن من وضع حد للمقاومة وادّعى بأنه يهدف لحل مشكلة الاكتظاظ السكاني في غزة، حيث كان يعيش 400 ألف فلسطيني آنذاك.

بالطبع فإن السلطة القومية اليهودية العنصرية لن تستسلم، وستنتظر اللحظة المؤاتية، لتهجير كافة الفلسطينيين. لكن التركيز أولًا، سيكون الآن على غزة، كخطوة أولى. عام 2019، سعت سلطات الاحتلال إلى خطة يتم فيها تشجيع الفلسطينيين على مغادرة قطاع غزة. وتفتح إسرائيل مطاراتها لتسهيل هذه الهجرة وتتخذ ترتيبات سفر أخرى إلى أي دولة ترغب في استضافتها. وأكد مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أن هذا الأمر طرح عدة مرات في اجتماعات مجلس الوزراء، وحاولت الحكومة إقناع بعض الدول باستضافة الفلسطينيين، لكن أيضًا، دون أي جدوى.

عندها، بدأ الحديث أن لا قدرة على تحقيق هذا المخطط أو على الأقل الجزء الأكبر منه، إلا من خلال حرب شاملة ضد الفلسطينيين، بالطبع تحت غطاء دبلوماسي وسياسي وعسكري من الولايات المتحدة، وبعض الدول العربية. وهذا من شأنه أن يجعل معبر رفح الحدودي الطريق الرئيسي إلى الأمان في شبه جزيرة سيناء المصرية. وسيناء كانت قد ذكرت قبل ذلك في المخططات.

واليوم، مع عملية طوفان الأقصى، وبدأ حرب الإبادة التي تحدّث عنها نتياهو، يعود هذا المخطط إلى الواجهة بفرصة مؤاتية، بعدما أجرى مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان مشاورات مع الكيان ومصر بشأن فكرة وجود ممر آمن للمدنيين من غزة. وفي ظلّ استراتيجية الأرض المحروقة في القصف، وقطع إمدادات المياه والكهرباء والمواد الغذائية عن القطاع، فإذا ما تمّ فتح المعبر، فإنه بالطبع، سيتجه معظم أهالي غزة عبر معبر رفح، طلبًا للأمن، لكن ما حصل عام 1948، لا يزال ماثلًا في الذاكرة، وهو فرض سياسة الأمر الواقع، وإبقاء الفلسطينيين في تلك البقعة، وعدم السماح لهم بالعودة. وهو ما ترفضه مصر، على الرغم من الضغوط التي تُمارس عليها. وحذّرت من احتمال أن يؤدي الهجوم الإسرائيلي على غزة إلى تهجير السكان من القطاع إلى الأراضي المصرية، وبررت رفض فكرة الممرات الآمنة للمدنيين "لحماية حق الفلسطينيين في التمسك بقضيتهم وأرضهم".


الكاتب: زينب عقيل




روزنامة المحور