بينما كان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يعقد اجتماعات مع القادة الإسرائيليين "للضغط" من أجل تحقيق "هدنة إنسانية" في غزة، زادت إسرائيل من حدة غاراتها على الأراضي الفلسطينية، واستهدفت المستشفيات وسيارات الإسعاف والمدنيين. وفي سياق متصل، سيجتمع يوم السبت وزراء خارجية خمس دول عربية وممثلون عن السلطة الفلسطينية مع بلينكن في الأردن للبحث في مسألة وقف إطلاق النار في غزة.
يمثل هذا الموقف تحولًا في الموقف الأمريكي. حيث استخدمت واشنطن قبل أسبوعين حق النقض (الفيتو) ضد اقتراح في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى "هدنة إنسانية". لكن هذا المعطى لا يلغي مفارقة الإدارة الأميركية في موقف "الهدنة الإنسانية" وعلى سبيل المثال لا الحصر، تتلقي "إسرائيل" مساعدات عسكرية أمريكية بقيمة 3.8 مليار دولار سنويًا، وقد طلب بايدن أكثر من 14 مليار دولار تمويلًا إضافيًا للحكومة الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب. علاوة على ذلك، قال البنتاغون في وقت سابق من هذا الأسبوع إنه “لا يضع أي قيود على كيفية استخدام إسرائيل للأسلحة” التي تقدمها الولايات المتحدة. وبالمثل، قال البيت الأبيض إنه "لا يرسم خطوطاً حمراء" لإسرائيل. وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية يوم الجمعة أن طائرات المراقبة الأمريكية بدون طيار تحلق فوق غزة لدعم "الشركاء الإسرائيليين أثناء عملهم على جهود استعادة الرهائن".
لكن حتى مسعى بلينكن المتواضع من أجل تعليق مؤقت للأعمال العدائية يبدو أنه قد تم رفضه من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقال "لقد أوضحت أننا نواصل القوة الكاملة وأن إسرائيل ترفض وقف إطلاق النار المؤقت الذي لا يشمل إطلاق سراح الرهائن لدينا".
ما هو السبب وراء دعوة بلينكن، لتحقيق "هدنة إنسانية" في غزة؟
وفق ما ذكره موقع "أكسيوس". قال بلينكن للإسرائيليين إن "الموافقة على هدنة إنسانية ستساعد إسرائيل على كسب المزيد من الوقت لهجومها البري على قطاع غزة"، ونقل الموقع عن مسؤول أمريكي وثلاثة مسؤولين إسرائيليين على دراية مباشرة بالمحادثات أن بلينكن أخبر نظراءه الإسرائيليين، أمس الجمعة، أن "الموافقة على هدنة إنسانية ستساعد الولايات المتحدة على درء الضغوط المتزايدة التي تواجهها بشأن دعمها للعملية الإسرائيلية في غزة كما ستعطي تل أبيب المزيد من الوقت لهجومها البري".
من الواضح أن إدارة بايدن تتعرض لضغوط داخلية متصاعدة بشأن ارتفاع عدد الشهداء في غزة لا سيما الأطفال فيضيف الموقع، أن إدارة الرئيس جو بايدن تدعم هدف إسرائيل المتمثل في تفكيك القدرات العسكرية لحماس، لكنها تتعرض لضغوط متزايدة من بعض الديمقراطيين في الكونغرس وحلفائها وشركائها في الدول العربية للضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة. كما أنها تتعرض لضغوطات دولية لأنها تمنح إسرائيل دعمها الكامل.
جاءت الزيارة ومعها الطرح وسط استياء متزايد في المجتمعات العربية والإسلامية بشأن تعامل إدارة بايدن مع الأزمة. وأظهر استطلاع أجري في وقت سابق من هذا الأسبوع أن شعبية بايدن عند مستوى قياسي منخفض وبلغت 17 بالمئة بين الأمريكيين العرب، بانخفاض 42 نقطة مئوية. هنا أحد الأسباب الرئيسية للقاء يوم السبت مع وزراء خارجية خمس دول عربية (السعودية ومصر والأردن والإمارات وقطر) وممثلين عن السلطة الفلسطينية. وفي هذا السياق كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد عن قائمة تتضمن 5 طلبات سيقدمها وزراء الخارجية خلال لقائهم بلينكن "ضرورة الوقف الفوري للاعتداءات الإسرائيلية"، و"أولوية دخول المساعدات"، و"عدم التهجير"، و"إنهاء الاحتلال"، و"إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة".
إن الخطاب المنمق في مجال حقوق الإنسان الذي تشتهر به إدارة بايدن، ليس سوى هواء يُنفث على أيدي ملطخة بالدماء. وإذا أرادت واشنطن التأثير على عملية صنع القرار في إسرائيل، فيمكنها بسهولة وقف كلّ أنواع الدعم غير المسبوق الذي تقدمه.
الكاتب: غرفة التحرير