يواجه الرئيس الأميركي، جو بايدن، على المستوى الشعبي خصوصًا ضمن فئة الشباب تغيّراً في مقاربة الرأي العام للعلاقة مع تل أبيب، ترخي بظلها سلباً على صورته كرئيس في نظر الأميركيين، وكقائد من منظور "الديموقراطيين". وبالتالي تأثيرًا على نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
رسالة الشباب إلى بايدن
بعثت مجموعات متعددة من الناخبين الشباب برسالة إلى الرئيس جو بايدن، تحذر فيها من أن النهج المستمر لإدارته تجاه الحرب في غزة يمكن أن تؤثر على إعادة انتخابه. وجاء في الرسالة: "لقد نضجنا خلال عقدين من الحرب التي لا نهاية لها والتي كلفت آلاف الأرواح الأمريكية وملايين الأرواح في جميع أنحاء العالم". "نحن نعلم أنه كلما سمحت باستمرار حصار غزة، كلما زاد خطر تصاعد هذا الصراع إلى صراع إقليمي أوسع، مما قد يجر القوات الأمريكية إلى القتال أو الاحتلال. وهذا من شأنه أن يكون كارثة أخلاقية وسياسية على حد سواء". وتضيف الرسالة "أن الساعات التي لا تعد ولا تحصى من طرق الأبواب والمكالمات الهاتفية نيابة عن بايدن خلال الدورة الانتخابية الأخيرة لم تذهب سدى حتى يتمكن، كرئيس، من دعم المذبحة العشوائية للمدنيين وانتهاكات القانون الدولي."
تشير الرسالة من أن موقف إدارة بايدن بشأن غزة، بما في ذلك عدم الدعوة بقوة إلى وقف فوري لإطلاق النار الذي دعمه عدد قليل من أعضاء الكونجرس، قد يؤدي إلى إعراض المجموعات الديموغرافية الرئيسية للناخبين في عام 2024، وهي فئات متنوعة أعانت بايدن على انتخابه في المقام الأول.
انقلاب على منصة "X"
هناك انقلاب تاريخي في مزاج المجتمع الأمريكي تجاه كيان الاحتلال الإسرائيلي، وخصوصًا بين الأجيال التي لم تنشأ على الثقة بوسائل الاعلام التقليدية، أو الذين لم تأكل البروباغاندا الصهيونية ضمائرهم. ظهر ذلك بشكل صارخ على منصة "X"، على سبيل المثال يتم تداول مقطع فيديو أكثر من 20 مليون مرة يُناقش مبررات وحجج الاحتلال لارتكاب جرائم الحرب التي يقترفها يوميًا في قطاع غزة، وخصوصًا دعواه أن المقاومة الفلسطينية تستخدم المدنيين كدروع بشرية. وفي سياق متصل، تحت عنوان "أنها قضيةً غير معقدة" تم تداول فيديو بلغت مشاهداته 33 مليون في سياق تبسيط المعاني ويتوجه فيه للمواطن الأميركي بالقول: "أن أقوى دولة في الشرق الأوسط مدعومة بأقوى دولة على وجه الأرض في مواجه شعب أعزل، يدافع عن أرضه ويُطالب برفع الحصار عنه وإيقاف الاستيطان". والكثير غيرها من الحسابات التي توضح صورة الصراع بعيدًا عن الماكينة الإعلامية الغربية، هنا تَبرز أهمية التعبير باللغات الأجنبية للتأثير على الحسابات التي تتعرض للتضليل الإعلامي.
أصوات الشباب الانتخابية
لطالما أثرّت السياسة الخارجية المتبعة من الإدارات الأميركية على خيارات التصويت الانتخابية. وفي هذا السياق تشير صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أنّ تطوّرات الحرب في غزة ستسهم في "تحفيز الكثيرين من الشباب الأميركي، ممّن تراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً، على الانخراط في هذا الاستحقاق السياسي، بصورة مكثّفة قد تترك آثارها على مآلاته".
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإنّ بايدن "قد يتلقّى ضربةً سياسية قوية من جانب الناخبين الأصغر سناً الذين يرون الحرب الدائرة من منظور حقوقي". وتتابع أنّ هؤلاء الشباب، بخاصة من أنصار الجناح "التقدمي" في الحزب الديمقراطي يريدون أن تبادر بلادهم إلى "مساعدة الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء، باعتبار أنهم لا يزالون غير مقتنعين بالتزام الحكومة الأميركية بحماية الأبرياء"، مشدّدة على أنّه "إذا ما استمر واقع نهج بايدن على ما هو عليه، فإن التحالف الانتخابي الذي قاده للفوز عام 2020، أصبح عرضة لخطر التفكّك، ما يجعل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أكثر احتمالاً". كما كشف استطلاع للرأي، أجري في الفترة من 2 إلى 6 نوفمبر أن ما يقرب من ثلثي الأمريكيين (63٪) لا يوافقون على كيفية تعامل بايدن مع الصراع بين كيان الاحتلال الاسرائيلي وحماس.
والحصيلة هي صورة مضطربة في مرآة بايدن تنتشر فيها ارتدادات معركة طوفان الأقصى ولا تقدم سوى القليل من الخيارات اليسيرة للبيت الأبيض في الوقت الذي يراقب فيه الرأي العام الأميركي الانتخابات في الأفق.
الكاتب: غرفة التحرير