وضع رؤساء ثلاث من أكبر الجامعات في الولايات المتحدة في موضع الاتهام. 5 ساعات من التحقيق في "نواياهم" من السماح للطلاب بالتجمع في الحرم الجامعي للتضامن مع فلسطين. هذه المرة تصدرت جامعة هارفارد وبنسلفانيا، عناوين الأخبار في وسائل الاعلام العالمية، ليس لإنجاز معتاد، بل لمحاكمة رؤسائها، واجبارهم على ادانة التضامن الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة ممنهجة وبرعاية أميركية.
خلال جلسة استماع في الكونغرس، اتهم رؤساء جامعة هارفارد وجامعة بنسلفانيا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، بالتهرب من الأسئلة حول ما إذا كانت دعوات الطلاب للإبادة الجماعية لليهود ستشكل مضايقة بموجب قواعد السلوك في المدارس.
في نقاش مثير للجدل استمر لساعات، سعى رؤساء الجامعات إلى شرح الخطوات التي يتخذونها لمكافحة معاداة السامية المتزايدة في الحرم الجامعي منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس. لكن ردهم الحذر وغير المباشر على سؤال طرحته عضو الكونغرس الجمهورية إليز ستيفانيك من نيويورك هو الذي أثار انتقادات لاذعة.
في الجلسة التي حضرها عدد كبير من الصحفيين، مارست ستيفانيك، الضغط على المستَجوبين، حتى برز الاستجواب على شكل تلقين، تريد عضو الكونغرس من خلالها انتزاع ادانة بالإكراه، عن طريق إعادة طرح السؤال وحصر الإجابة بـ "نعم أو كلا".
فسرت ستيفانيك، الهتافات التي تدعو إلى "الانتفاضة" على انها دعوات لإبادة اليهود في فلسطين، وركزت أسئلتها على ما افترضته قد حصل. وعلى الرغم من محاولة رؤساء الجامعات تصويب الأجوبة وربطها بأنها قد تكون مدانة فيما لو تحولت الهتافات إلى سلوك فعلي، رفضت ستيفانيك وحصرت ما تريد سماعه بقبول الإدانة أم رفضها.
وفي حديثها إلى رئيسة UPenn، إليزابيث ماجيل، طرحت ستيفانيك سؤالها حول اذا ما كانت الأولى تدين هتافات "الانتفاضة"، فأجبت ماجيل أنه "إذا تحول الخطاب إلى سلوك، يمكن أن يكون مضايقة... إنه قرار يعتمد على السياق". لكن ستيفانيك دفعتها للإجابة ب "نعم" أو "لا"، وهو ما لم تفعله ماجيل.
كان رد الفعل عنيفاً سريعاً ومن الحزبين حول جلسة الاستماع. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، أندرو بيتس، معلقاً أنه "من غير المعقول أن يقال هذا: الدعوات للإبادة الجماعية وحشية وتتعارض مع كل ما نمثله كدولة... أي تصريحات تدعو إلى القتل المنهجي لليهود خطيرة ومثيرة للاشمئزاز - ويجب علينا جميعا أن نقف بحزم ضدها، إلى جانب الكرامة الإنسانية والقيم الأساسية التي توحدنا كأمريكيين".
في حين قرر أحد كبار المتبرعين لجامعة بنسلفانيا بمبلغ 100 مليون دولار، التي كانت مخصصة لبناء مركز للابتكار في التمويل، لكلية إدارة الأعمال، احتجاجاً على رد ماجيل في جلسة الاستجواب، والتي رفضت خلالها الإدانة. وقال روس ستيفنز: "في غياب تغيير في القيادة والقيم في ولاية بنسلفانيا في المستقبل القريب جداً، أخطط لإلغاء أسهم ستون ريدج في بنسلفانيا لمنع أي ضرر آخر للسمعة وغيرها من الأضرار التي لحقت بستون ريدج نتيجة لعلاقتنا مع بن وليز ماجيل".
تسببت هذه الجلسة بجدل واسع بين الأوساط التعليمية والجامعات والهيئات والجمعيات المدنية الناشطة الذين اعربوا عن استنكارهم "للحال الذي وصلت إليه حرية التعبير في الجامعات". من جهتها، قالت رئيس رابطة الكليات والجامعات الأمريكية، لين باسكيريلا، أنه "كانت هناك أشياء كثيرة مثيرة للقلق، ولكن أحد الجوانب الأكثر إثارة للقلق هو أن الكثير من الاستجواب بدا عازما على تقديم صورة متجانسة للتعليم العالي الأمريكي على أنه تلقين ليبرالي".
فيما اعتبر رئيس المجلس الأمريكي للتعليم، تيد ميتشل، أن ما جرى كان "مهزلة. لم تكن جلسة استماع. لقد كانت محكمة. كان لديها كل فضائل المحاكمات الصورية - لا يوجد دليل، والكثير من الانتقادات، ولا توجد فرصة للشهود لقول نوع من الحجج".