الخميس 14 كانون الاول , 2023 03:02

بايدن ومعضلة اليوم التالي: نتنياهو يزيد الحل تعقيداً

بايدن

كشفت التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الأميركي جو بايدن عن حجم الثمن السياسي الذي بدأ بدفعه نتيجة وقوف إدارته المتطرف إلى جانب "إسرائيل". استخدم بايدن لغة أكثر صراحة للمرة الأولى بعد ما يزيد عن شهرين من ارتكاب المجازر. متهماً كيان الاحتلال بتنفيذ قصف عشوائي يطال المدنيين. وفيما تلتزم الإدارة الأميركية بتقديم الدعم الكامل للكيان، يبرز اختلاف حول شكل المرحلة المقبلة والتي ترتكز على معضلتين بالنسبة للحكومة الإسرائيلية الحالية وواشنطن: الفوز في الحرب وهو ما لا مؤشرات عليه حتى اللحظة، واقصاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتحميله مسؤولية الفشل المتراكم يومياً.

يطرح موقع قناة سي أن أن هذه القضية الجدلية. معتبرة ان السؤال الجيوسياسي الكبير التالي حول الحرب ليس ما إذا كانت ستُعزل إسرائيل دولياً، فهذا ما حدث بالفعل. بل يتعلق الأمر بما إذا كان دعم البيت الأبيض القوي للعملية سيؤدي أيضًا إلى نفور الولايات المتحدة من أصدقائها بطريقة قد تؤدي إلى تعريض أهداف الأمن القومي الأوسع للخطر الشديد.

كما أن الخسائر الفادحة التي يتحملها الفلسطينيون تزيد أيضًا من الثمن السياسي الذي يدفعه بايدن في الداخل مقابل دعمه لإسرائيل. وتثير الشكوك حول قدرته على تنشيط ائتلافه السياسي قبل انتخابات عام 2024. هذه هي الخلفية الحساسة لزيارة مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إلى إسرائيل يوم الخميس، والذي سيلتقي بنتنياهو ومسؤولين رئيسيين آخرين بعد انتقادات مباشرة لافتة للنظر للائتلاف الإسرائيلي اليميني من الرئيس.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي إن سوليفان يعتزم معالجة مسألة تدفق المساعدات إلى غزة و"المرحلة التالية من الحملة العسكرية". وسيناقش أيضًا مع الإسرائيليين "الجهود المبذولة لتكون أكثر جراحية وأكثر دقة ولتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين...وهذا هو هدفنا.

وتشير رحلة سوليفان إلى أن واشنطن تعتقد أن إسرائيل لم تأخذ في الاعتبار بشكل كافٍ تحذيرات وزير الخارجية أنتوني بلينكن بعد انقضاء الهدنة.

برز تعرض بايدن السياسي لهذه القضية من خلال لحظتين استثنائيتين كشفتا عن نفاذ صبره تجاه إسرائيل، -بحسب سي ان ان- حين حذر من أن إسرائيل تفقد الدعم الدولي بسبب "القصف العشوائي...الحكومة الائتلافية اليمينية في إسرائيل تجعل الأمر صعبًا للغاية".

بالإضافة إلى الخلافات الواضحة بين الحكومتين حول اليوم التالي لغزة بعد الحرب. وكل هذا يهدد قيادة واشنطن العالمية بتلقي ضربة قوية بسبب الاستمرار بدعم إسرائيل. في خطوة رمزية، انفصل ثلاثة من أقرب حلفاء الولايات المتحدة – كندا وأستراليا ونيوزيلندا – عن واشنطن للحث على بذل جهود عاجلة للاتفاق على وقف إطلاق النار.

ليس من الواضح ما إذا كان بايدن، يمكنه إيقاف الحرب إذا أراد ذلك. لكن التكلفة السياسية التي يدفعها ستستمر في التزايد بالتوازي مع جهوده التي يبذلها لصياغة تسوية سياسية. وترى الإدارة الأميركية الحل وفق عناوين عدة في سلة واحدة متكاملة:

-اضعاف حماس وتقييدها كحزب سياسي دون جناح عسكري، أي "إزالة التهديد الاستراتيجي" للحركة. وهو الهدف الذي لم تستطع تحقيقه بعد أكثر من شهرين على القصف والتدمير والحصار والمجازر.

-استقدام قوات فصل عربية تكون قوامها الامارات إضافة لمصر والسعودية مع تحفظ هذين البلدين، بهدف تأمين مستوطنات غلاف غزة ومنع تكرار "طوفان الأقصى" مرة أخرى. والهدف الأول من ذلك اقناع المستوطنين بالعودة إلى تلك المنطقة. 

وهو ما يوازيه العمل على ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، في محاولة لضمان أمن المستوطنات في الشمال

-دفع الدول العربية المتبقية إلى تطبيع فوري مع إسرائيل وعلى رأسهم السعودية. وهو ما سيقدمه كل من بايدن ونتنياهو على أنه انجاز سياسي في هذه اللحظة الاستراتيجية من تاريخ المنطقة.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور