لا شك بأن رد محور المقاومة وفي مقدمته حزب الله، على اغتيال الشهيد القائد صالح العاروري آت بلا محالة، ضمن مسار متعدد الأوجه في مختلف ساحات المحور، بما يؤلم الكيان المؤقت فعلياً (ومن خلفه أمريكا بالتأكيد)، لا بما يثأر للشهداء لحظوياً.
وهذا ما يمكن تقديره من بيان حزب الله حول استشهاد القائد العاروري، عندما وصف سياسة الاغتيال والتصفيات الجسدية الإسرائيلية، لكلّ "من عمل أو خطّط أو نفّذ أو ساند عملية طوفان الأقصى"، بأنها "استكمال لجريمة اغتيال القائد السيد رضي الموسوي في ساحة عمل أخرى وجبهة جديدة من جبهات القتال والإسناد". مؤكداً بأن "هذه الجريمة النكراء لن تزيد المقاومين في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا وإيران والعراق إلا إيمانًا بقضيتهم العادلة والتزامًا وتصميمًا أكيدًا وثابتًا على مواصلة طريق المقاومة والجهاد حتى النصر والتحرير".
واعتبر الحزب جريمة الاغتيال في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت تشكّل "اعتداءً خطيرًا على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته وما فيه من رسائل سياسية وأمنية بالغة الرمزية والدلالات وتطورًا خطيرًا في مسار الحرب بين العدو ومحور المقاومة". لذلك هذا ما دفعه للتأكيد بأنها "لن تمرّ أبدًا من دون رد وعقاب، وإنّ مقاومتنا على عهدها ثابتةٌ أبيّةٌ وفيّةٌ لمبادئها والتزاماتها التي قطعتها على نفسها، يدها على الزناد، ومقاوموها في أعلى درجات الجهوزية والاستعداد، وإنّ هذا اليوم المشهود له ما بعده من أيام، فصبرًا جميلًا وصبرًا جميلًا وإنّ الله هو المستعان وإنّ النصر بإذن الله تعالى لقريب قريب".
وعليه سيكون رد حزب الله قريباً (خلال أيام) بانتظار الهدف والوقت والمكان المناسبين، بهدف ردع الإسرائيلي عن استكمال هذا المسار، محذراً الأخير من الردّ على الردّ أو من الاتجاه نحو الحرب الواسعة الشاملة، عبر القول بأن المقاومين في أعلى درجات الجهوزية والاستعداد.
وهذا ما تدركه الأوساط الإسرائيلية جيداً، من أن الحزب حريص جداً على عدم المسّ بمعادلات الردع، لكنه لن ينجرّ لما يخلّص بنيامين نتنياهو من أزمته. وقد ذكرت صحيفة يديعوت أحرنوت بأن "اغتيال العاروري في بيروت لعبة مقامرة من قِبل "إسرائيل"، فحزب الله سيرد على العملية عاجلاً ام أجلاً".
الكيان مأزوم
بعد مرور حوالي 3 أشهر من اندلاع العدوان الأمريكي الإسرائيلي على قطاع غزة، يتأكّد بأن الكيان بسلطاته السياسية والعسكرية، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يواجهون أزمات كبيرة بمواجهة محور المقاومة، تساهم في مضاعفة الخطر الوجودي على كيانهم. لذلك يهدف نتنياهو بكل ما يستطيع من عمليات اغتيال أو تفجير (كالذي حصل في كرمان)، الى محاولة استفزاز محور المقاومة لتوسيع دائرة الحرب الى حجم إقليمي، وبالتالي دفع الولايات المتحدة الأمريكية الى المشاركة العسكرية المباشرة الى جانبهم (وهو ما يعتبره الكيان كلّه عامل الأمان الوحيد لوجودهم).
وهذا ما عبّر عنه مؤخراً، اللواء احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي إسحاق بريك، الذي رأى بأنّ إسرائيل ليس لديها موارد كافية للتعامل مع تهديد وجودي، وأنّ السبيل الوحيد لضمان بقائها لسنوات قادمة هو من خلال إنشاء حلف دفاع مع الولايات المتحدة. مؤكداً بأن لو حصل ودخلت إسرائيل في حرب إقليمية، فغن ذلك سيؤدي الى حصول خسائر فادحة ودمار رهيب عندها. وهذا ما دفعه للحسم بأن إسرائيل غير مستعدة لحرب إقليمية.
الكاتب: غرفة التحرير