الإثنين 08 كانون الثاني , 2024 06:21

كيف تساند سوريا غزة في معركة طوفان الأقصى؟

سوريا ومعركة طوفان الأقصى

ينسحب الموقع الاستراتيجي لسوريا وما تمثله من ثقل في موازين القوى الإقليمية على دورها في دعم حركات المقاومة وفصائلها. وتجتمع عدة مؤشرات دالة على المشاركة السورية الواقعية في نصرة أهل غزة، وإن ضمن حدود معيّنة، التزاماً بـ "وحدة الساحات" التي تحترم خصوصية كل ساحة واعتباراتها الداخلية. وعلى الرغم مما تعانيه من تداعيات الحرب الكونية عليها، تتحمّل سوريا أعباء نصرة المقاومة، وبذات الوقت تعمل على تحييد البلاد والشعب مخاطر المواجهة المفتوحة. 

الدور الاستراتيجي السوري في طوفان الأقصى

إنّ استراتيجية الموقع السوري في المنطقة عموماً وفي محور المقاومة خصوصاً، جعلت من دورها استراتيجياً ذي آثار استراتيجية في الصراع؛ تتجاوز مصلحة الردود والأدوار الآنية والتفاعلية القصيرة المدى. فسوريا تتحمّل، قيادة وشعباً، أعباء دعم المقاومة في فلسطين على الرغم من كل الضغوط الاقتصادية والسياسية والعسكرية عليها، محلياً ودولياً. وتساند سوريا الشعب الفلسطيني وبقية دول المحور في امتصاص الردود الإسرائيلية الانتقامية والعقابية لما حصل في يوم الطوفان، في السابع من تشرين الأول 2023. يحمّل الكيان سوريا مسؤولية دورها الاستراتيجي في زيادة التهديدات عليه من قبل المقاومة الفلسطينية في الداخل أو الحركات المقاومة الداعمة من الخارج. وقد ساهمت المصالحة السورية مع حركة حماس في تعزيز هذه التهديدات وشكّلت رصيداً عسكرياً في يوم طوفان الأقصى.

الوظائف الأساسية للدور السوري

 بالوقوف عند دور سوريا الاستراتيجي في طوفان الأقصى، يمكن إيجاز أبرز الأدوار والعناصر الوظائفية الاستراتيجية التالية:

- العمق الجغرافي لمحور المقاومة: تؤمّن سوريا العمق الجغرافي الضروري في حماية المحور، وهو باتجاهين: دفاعي لجهة نقل الشخصيات والمراكز؛ وهجومي من ناحية الجولان المحتلّ، الحدود التي يخشاها العدو الإسرائيلي ويسعى لتأمين حزام آمن على تخومها.

- الممر الآمن والدعم اللوجستي: توفّر سوريا الممر الآمن ما بين ساحات المحور، إيران والعراق ولبنان، الممر للسلاح والشخصيات. تشكّل سوريا نقطة الوصل التي ينجم عنها تهديد الكيان المؤقّت كما تقدّم الدعم اللوجستي لحركات المقاومة التي تشارك في العمليات التنفيذية ضد الكيان في نصرة غزة.

- منصة باليستية: تستقبل سوريا على أرضها منظومات صاروخية دفاعية وبطاريات متعددة، تجعل من الأراضي السورية منصة باليستية توفّر العمق في الرمي والاستهداف لمسافات بعيدة المدى، فضلًا عن كميات الصواريخ التي تغّير وجه المعادلات في أي صراع إقليمي.

- الاحتياط الاستراتيجي: تؤمن سوريا الاحتياط الاستراتيجي الذي يشكّل الورقة الرابحة في لعبة الصراع الإقليمي، وهذا الدور منوط به رسم التوازنات بدقة حتى اللحظة المناسبة في إعادة هيكلة خارطة قوى الصراع في المنطقة. وتمثّل سوريا رصيد المقاومة الاستراتيجي وهي جزء من قوة المقاومة في الحفاظ على المبادرة والمباغتة.

هذا الدور الاستراتيجي لسوريا يدحض ادّعاءات البعض بأن سوريا تشكّل خاصرة المقاومة الرخوة، ما يجعلها عرضة لاستهداف الكيان بشكل مستمر ودون أي ردود أو تدخّل في طوفان الأقصى، على الرغم من اشتعال جبهة الجنوب اللبناني، وانخراط الجبهتين العراقية واليمنية. على العكس، إنّ ثقل الساحة السورية في موازين القوى الإقليمية، وقوة تأثير دور الدعم السوري في حماية القضية الفلسطينية من العوامل التي تدفع الكيان إلى عدم الغفلة عن الجبهة السورية؛ فالأخيرة شريكة في مواجهة الحرب على غزة، جنباً إلى جنب مع باقي قوى المقاومة، وفق قاعدة "وحدة الساحات" التي تلحظ استقلالية كل ساحة وخصوصياتها، وتسمح لكل ساحة بهامش من المرونة تتحرّك فيه وفق إمكانياتها وظروفها، وتحدد بناء عليه آليات مشاركتها الفاعلة.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور