ليست الصين بعيدة عما يجري في معركة طوفان الأقصى، إذ تسعى ليكون لها دور وثقل في أزمات المنطقة، خاصة وأنها عضو دائم في مجلس الأمن الدولي. بالإضافة إلى أنها شريك تجاري مهم للدول العربية وكذلك لكيان الاحتلال.
في 30 تشرين الثاني، أصدرت وزارة الخارجية "ورقة موقف الصين بشأن حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي". تشير الوثيقة أن هذه الجولة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تسببت في وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين، وأدت إلى حدوث كارثة إنسانية خطيرة، الأمر الذي اجتذب اهتماماً كبيراً من المجتمع الدولي. وقد أكد الرئيس شي جين بينغ مراراً وتكراراً موقف الصين المبدئي بشأن الوضع الحالي بين فلسطين وإسرائيل، مؤكداً على الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإنهاء الحرب، وضمان التدفق الآمن والسلس لقنوات الإغاثة الإنسانية، ومنع توسع الصراع، وأن المخرج الأساسي هو تنفيذ "حل الدولتين"، وبناء إجماع دولي حول تعزيز القضية الفلسطينية. والتأكيد على حل القضية الفلسطينية بشكل شامل وعادل ودائم في وقت قريب.
أبرز مواقف الصين منذ 7 أكتوبر
منذ بداية معركة طوفان الأقصى ألقت الصين العديد من المواقف نحصرها بالتالي:
- في 13 أكتوبر، قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، إن سبب الصراع بين إسرائيل وحماس هو "الظلم التاريخي" الذي يتعرض له الفلسطينيون والتأخير الطويل في تحقيق تطلعاتهم بإقامة دولة مستقلة، وذلك خلال لقائه مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل في بكين. واعتبر أن "الأعمال الإسرائيلية في غزة تتجاوز حدود الدفاع عن النفس وأن العقاب الجماعي لسكان غزة يجب أن ينتهي". هذه المواقف لم تمر دون أن تخلّف غضب إسرائيلي، حيث أعربت تل أبيب عن "خيبة أملها العميقة" لأن بكين لم تدِن حماس ولم تذكر حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
- أفشلت بكين بالتعاون مع موسكو في 25 أكتوبر، باستخدامها حق النقض "الفيتو" مشروع قرار أميركي في مجلس الأمن يدين حماس.
- أبدت الصين استعدادها للوساطة بين "إسرائيل" وحماس، وذلك في سياق وضع حد للحرب الدائرة على غزة، واجتمع مبعوث الصين الخاص إلى الشرق الأوسط، تشاي جون، بعدة أطراف خلال شهر أكتوبر.
- في 29 نوفمبر، ترأس وزير الخارجية جلسة مجلس الأمن حول غزة، وخلالها طالب بتحويل الهدنة المؤقتة لوقف دائم لإطلاق النار، مؤكداً رفض بلاده التهجير القسري لسكان غزة.
موقف الصين الدبلوماسي تجاه "إسرائيل"
وفقا لموقع "صوت أمريكا"، تتخذ الصين موقفاً واضحاً ضد إسرائيل، حيث يبتعد السفير الإسرائيلي في بكين عن الظهور، وهو ما يشبه إسكاته. ويقول محللون بأن المساحة المتاحة في الصين لدعم إسرائيل محدودة، وإذا حاول السفير الإسرائيلي دعم ومساندة "إسرائيل"، قد يؤدي ذلك إلى آثار عكسية، لذا يتعين عليها الابتعاد عن الأضواء. ونادرًا ما تحدثت إريت بن آبا فيتالي -السفير الإسرائيلي لدى بكين- علانية، ولم تحظ باهتمام كبير من وسائل الإعلام الصينية. وقد أسكتتها وسائل الإعلام المحلية ولا يمكن الاتصال بها إلا من خلال السفارة الإسرائيلية.
لم ترضخ الصين إلى الدعاية الإسرائيلية، ولا حتى للضغوط الأمريكية، ورفضت إدانة المقاومة الفلسطينية، بل واستخدمت حق النقض (الفيتو) ضد مشاريع أمريكية في مجلس الأمن الدولي لإدانة حركة حماس، ودعمت كل مشاريع القوانين في مجلس الأمن الدولي الداعية لوقف الحرب في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المدمر، كما صوتت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح وقف إطلاق النار. الصين الساعية، لكسر الهيمنة الأمريكية وبناء نظام عالمي جديد أكثر عدالة، تظهر بعض أوراق ضغط في منطقة الشرق الأوسط، لتحدِ أو على الأقل مزاحمة الولايات المتحدة، وهي تدرك ارتباط أهدافها بنفوذها في الشرق الأوسط، وليس الاكتفاء بدور دبلوماسي محدود، مع الأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على مصالحها السياسية والاقتصادية مع جميع الأطراف.
الكاتب: غرفة التحرير