الثلاثاء 16 كانون الثاني , 2024 03:43

ثلاثة شروط ساهمت في مناصرة القضية الفلسطينية عالمياً

المظاهرات العالمية الداعمة للقضية الفلسطينية

تكوّنت المناصرة الشعبية العالمية في المقام الأول من المدنيين الذين يدافعون عن القضية الفلسطينية على المستويات المحلية أو الوطنية أو الدولية. وهي عبارة عن منهاج مجتمعي تكوّن بطريقة منظّمة وتراكمية لمواجهة المشروع الإسرائيلي ولتحفيز التغيير في السلوكيات والمواقف الشخصية والجماعية تجاه القضية الفلسطينية. وظهرت المناصرة الشعبية العالمية منذ الأيام الأولى لحرب غزّة وخاصّة بعد مجزرة مستشفى المعمداني، التي كشفت للعالم وحشيّة الاحتلال الإسرائيلي وتعمّده لارتكاب الإبادة الجماعية بحقّ أهالي غزّة.

ما هي الشروط التي ساهمت في المناصرة العالمية للقضية الفلسطينية؟

ثلاثة شروط أساسية ساهمت في تشكيل المناصرة الشعبية العالمية دعماً لغزّة، خلافاً عن أي قضية عالمية أخرى: العامل الزمني للقضية، الانتشار الفلسطيني في الخارج، التطور التكنولوجي والاتصال.

العامل الزمني للقضية:

العامل الزمني للقضية الفلسطينية له تأثير كبير في تكوين حركة مناصرة شعبية عالمية داعمة لغزة، وهنا سنعرض بعض الطرق التي ساهم بها العامل الزمني:

- التوثيق التاريخي: إن مرور 75 عاماً على الاحتلال ساهم في توثيق الأحداث والانتهاكات التي تعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزة على مر العقود. هذا التوثيق ساعد في إظهار واقع القضية الفلسطينية والظروف الصعبة التي يواجهها الفلسطينيون في غزة، وبالتالي عزّز دعم المنظمات والمستضعفين حول العالم والفئات الأخرى للقضية.

- النشاط النضالي: على مر الزمن، شهدت الحركة الفلسطينية والمنظمات الداعمة تطوراً في أساليب النضال والمقاومة السلمية، مثل الحملات السياسية والحملات الثقافية والاحتجاجات وحملات المقاطعة وسحب الاستثمارات من الشركات المرتبطة بالاحتلال الصهيوني. هذه الأنشطة النضالية مع مرور الوقت ساهمت في تشكيل حركة مناصرة عالمية تدعم غزة والقضية الفلسطينية.

الانتشار الفلسطيني في الخارج:

بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يبلغ عدد الفلسطينيين الإجمالي في العالم 14 مليونًا و300 ألف نسمة نهاية 2022، ما يشير إلى تضاعف عدد الفلسطينيين نحو 10 مرات منذ أحداث نكبة 1948. ووفقا لأحدث الأرقام التي قدمها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يعيش حوالي 7.3 مليون فلسطيني خارج فلسطين المحتلة، في دول متنوعة من الشرق الأوسط إلى أمريكا وبريطانيا وعدّة دول أوروبية. وقد ساهم هذا الانتشار في تشكيل حركة مناصرة شعبية عالمية لقضية غزة بعدة طرق:

- الوعي والتواصل: إن انتشار الفلسطينيين في الدول الغربية أتاح لهم فرصة التواصل مع المجتمعات المحلية ونقل قضية غزة والشعب الفلسطيني بشكل مباشر.

- العمل السياسي والدبلوماسي: استطاع الفلسطينيون في الدول الغربية الانخراط في العمل السياسي والمشاركة في الحملات والفعاليات السياسية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في غزة، حيث يجري التواصل مع المسؤولين الحكوميين والمؤسسات الدولية والنشطاء السياسيين لنقل مطالبهم والضغط لتحقيق التغيير.

- الحملات الإعلامية والتوعية: استخدم الفلسطينيون في الدول الغربية وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية والمنصات الرقمية لنشر الوعي والمعرفة حول وضع غزة. كما شاركوا الأخبار والتحليلات والقصص الشخصية للتأثير على الرأي العام وتعزيز دعم الشعب الفلسطيني.

- التنظيم الجماهيري والشبكات الاجتماعية: شكّل الفلسطينيون في الدول الغربية منظمات وجمعيات محلية لدعم غزة والشعب الفلسطيني، كما ونظموا الفعاليات والمظاهرات والمسيرات الداعمة لغزّة.

التطور التكنولوجي والاتصال:

ساهم التطور التكنولوجي بشكل كبير في تشكيل المناصرة الشعبية العالمية تجاه غزة والقضية الفلسطينية عموماً. وقد حصل التأثير من خلال طرق ووسائل عدّة أبرزها:

- وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي: ظهور وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام ويوتيوب وتيك توك وغيرها، قد أتاحت منصات ومساحات للنشر والتواصل تصل إلى جمهور عالمي واسع. استخدم الأفراد والمنظمات هذه الوسائل لنشر المعلومات والأخبار والصور والفيديوهات المتعلقة بغزة والقضية الفلسطينية، وبالتالي أدّت إلى توعية الناس وتشجيعهم على الانخراط في الحركة المناصرة.

- التوثيق المرئي: التكنولوجيا المتقدمة في مجال التصوير والتسجيل والبث المباشر قد سمحت بتوثيق ونشر الأحداث والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة بشكل أفضل وأسرع. يمكن للأفراد التقاط الصور وتسجيل الفيديوهات ونقلها عبر الإنترنت لتوثيق الوقائع وإظهار الواقع القاسي الذي يعيشه الفلسطينيون، وهذا ما مكنّهم من إيصال رسالتهم وتعزيز التضامن العالمي للقضية.

مع انتصار السردية الفلسطينية المحقّة مقابل فشل الرواية الإسرائيلية الكاذبة، تكشّفت معها حقائق كثيرة أمام العالم الذي لم يكن على دراية بها بسبب التضليل والتزييف الغربي. فبعد السابع من أكتوبر أدرك العالم حقيقة القضية الفلسطينية وعذابات الشعب الفلسطيني التي لم تبدأ مع عملية طوفان الأقصى بل منذ عام 1948 وهي مستمرة إلى يومنا هذا.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور