خلال الأيام الماضية، دعت مجموعة من المحتجين في إيران إلى اضراب شامل والانضمام إلى الاحتجاجات في الشوارع لمدة 3 أيام ابتداء من اليوم الاثنين. ولأجل تحقيق هذا الهدف، أسوةً بتأجيج الأوضاع الداخلية منذ منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، وإثارة اعمال الشغب والتحريض، استغل المعسكر الغربي- الإسرائيلي، القنوات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل ممنهج، اعتمد اولاً على الضخ الكمّي للأخبار ومقاطع الفيديو، التي تجاوزت عشرات الملايين بفترة قياسية. وعلى الرغم من ذلك، فقد فشلت هذه الدعوات في حثّ الإيرانيين على الاستجابة للإضراب، اذ ان نسبة المشاركة التي رصدت في الشوارع لم تتعدَّ الـ 5%.
في 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية، ما يعرف بـ"الرخصة العامة الإيرانية" (GL) D-2، لأجل زيادة دعم حرية الإنترنت في ايران. وقال نائب وزير الخزانة، والي أديمو، إنه "مع خروج الإيرانيين إلى الشوارع للاحتجاج على وفاة مهسا أميني، تضاعف الولايات المتحدة دعمها للتدفق الحر للمعلومات إلى الشعب الإيراني ليكون مستعداً لمواجهة الحكومة". وبدا واضحاً ان التصويب الإعلامي في هذه القضية كان الأداة الأبرز لتأجيج الشارع واثارة الفتنة. وبالتالي، فهو لم يقتصر على القنوات الإعلامية والصحفية فقط، بل تعداها إلى "تجنيد" المؤثرين على وسائل التواصل، ولو أن بعضهم، لا يدري انه يخدم هذه الأجندة، ولو بشكل غير مباشر. من جهة أخرى، تقول مصادر مطلعة، ان واشنطن أنفقت 32 مليون دولار، خلال أيام فقط، لشركات تكنولوجية متخصصة بإتاحة الـ VPN ، لوصول المحتجين الإيرانيين للتطبيقات المغلقة.
وبعد رصد وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن تسجيل جملة من الملاحظات:
1- تم نشر الهاشتاغ الخاص بـ Mehsa Amini أكثر من 60 مليون مرة في 7 أيام فقط، وأكثر من 280 مليون مرة في 3 أسابيع، وهو مقدار غير مسبوق من الهاشتاغ.
2-تم استعمال هذا الهاشتاغ من قِبَل أقل من 400 ألف حساب (معظمها من الريبوتات).
-تم انشاء أكثر من 50 ألف مستخدم جديد وباللغة الفارسية، بالفترة الممتدة من منتصف شهر أيلول/ سبتمبر إلى شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وبهويات مزيفة على موقع Twitter. وتقول مصادر مطلعة، ان المعدل لا يتجاوز، عادة، 4000 مستخدم شهرياً. كما تفرّد هذا الموقع، بكونه رائداً في "الحرب التي تشن على إيران حالياً، اذا نشر بما لا يقل عن 10 أضعاف قدرة نشر الرسائل لكل مستخدم ورفع العديد من القيود.
- عمدت شركة Meta، المالكة لشركة Instagram، ومن خلال التلاعب المتعمد بخوارزميات الذكاء الاصطناعي، لنشر أخباراً مضللة ومفبركة بكثافة كبيرة بطريقة مستهدفة وممنهجة
ونتيجة الاستهداف الإعلامي الذي تجاوز الحجم المألوف في مثل هذه الظروف، في غيرها من بلدان العالم، يقول مطلعون إيرانيون على ما يجري في طهران، ان "القصف الإعلامي لإيران أقوى من القصف النووي لهيروشيما". كما أوضحوا، ان القيام "بشراء الابواق الإعلامية ومن ضمنهم المؤثرين على مواقع التواصل"، كان بإدارة المخابرات الأميركية، التي تولت بشكل مباشر الاشراف على رعاية الاحتجاجات في الداخل الإيراني. وهو ما أعلنه صراحة، المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران، روبرت مالي، في وقتٍ سابق، بأنّ الولايات المتحدة "ستركز على دعم المتظاهرين في البلاد، بدلاً من المحادثات المتوقفة لإحياء الاتفاق النووي الدولي".
-قامت "الشبكة الدولية" بـ 1100 مشاركة (منشور واحد كل 15 دقيقة و100 مشاركة كل يوم) على شبكتها على Instagram مع هاشتاغ Mehsa Amini ولم تنشر أي أخبار أخرى تقريبًا. كما نشرت بي بي سي فارسي 2000 تدوينة عن إيران واحتجاجاتها خلال شهر واحد.
- أعلنت CNN في تقرير لها أن العالم يواجه ظاهرة تسمى "حملة التلاعب المنسقة"، وانتقدت هذه القضية في تقرير بعنوان حرب الروايات عن إيران على مواقع التواصل الاجتماعي حتى أن الديمقراطيين الأمريكيين احتجوا على "حملة التلاعب المنسقة" وانتهاكات تويتر (سبب قلق الديمقراطيين هو احتمال استخدام هذه الطريقة على تويتر في الانتخابات الأمريكية المقبلة). وتجدر الإشارة في هذا السياق، ان خبر مقتل جورج فلويد، الذي قضى على يد الشرطة الأميركية، تم تداوله حوالي 30 مليون مرة في 4 أشهر، بينما وصل التداول باسم مهسا أميني، 60 مليون مرة خلال 70 يوماً فقط، وهو مؤشر على الحرب الإلكترونية التي يشنها الغرب ضد إيران.
4- "الحرب الإعلامية العالمية" هي العنوان الجديد للحرب والمراقبون يستغربون من حدة هذه الحرب ضد إيران. يتم تنفيذ معظم علامات التصنيف بواسطة الروبوتات وبدعم فني مباشر من Twitter. ويقول مطلعون، انه بأمر من القادة الأمريكيين، تجاهل Twitter جميع القوانين الدولية وأنشأ الآلاف من المستخدمين المزيفين (Fake accounts) وأطلق أكبر عملية تأثير في العالم ضد الشعب الإيراني.
- أجرت الشبكة الدولية ونشرت ما مجموعه 120 مقابلة مع قادة 25 جماعة إرهابية تحرض على اثارة النعرات الطائفية والقومية، في غضون 50 يوماً.
كما رصد عدد من النشاطات التي قامت بها جهات أجنبية خارجية، لدعم وتدريب والتحريض على اعمال الشغب:
-مشروع مدرسة توانا للتدريب (مدرسة المجتمع المدني للتدريب الإلكتروني) بدعم رسمي من وزارة الخارجية الاميركية، بهدف تعريف الطلاب الإيرانيين بالديمقراطية الغربية، كانت مدرسة التدريب هذه نشطة للغاية في الاحتجاجات الأخيرة.
-إنشاء مدارس افتراضية (أفروز) لتحويل المعلمين والطلاب إلى متظاهرين في الشوارع في إيران.
- مشروع قادة المستقبل (ILP) في العراق بتوجيه من وزارة الخارجية الأمريكية. كانت هذه المجموعة من الشباب العراقي الذين تدربوا في أمريكا نشطة للغاية في الأنشطة الاجتماعية بعد عودتهم، بما في ذلك الاحتجاجات الأخيرة في العراق.
الكاتب: غرفة التحرير