الإثنين 15 كانون الثاني , 2024 04:02

جلسات محكمة العدل الدولية والاستنتاجات

جلسة محكمة العدل الدولية-فريق جنوب أفريقيا

ليس من المستبعد أن تصدر محكمة العدل الدولية بعد أسابيع قليلة حكماً لصالح جنوب أفريقيا في الشق المتعلق بالتدابير المستعجلة، وقد يأخذ شكل توجيه أمر للكيان الإسرائيلي بالوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء العمليات العسكرية، والامتناع عن تقييد دخول المعونات الإنسانية وفتح المعبر.

سنكون أمام احتمالين: الأول، أن تكون الأوضاع في الميدان قد أجبرت الكيان الإسرائيلي على وقف عملياته العسكرية بالفعل، بحثاً عن مخرج سياسي للازمة، والثاني أن يتجاهل الكيان الإسرائيلي أمر المحكمة رغم إلزاميته التامة من الناحية القانونية، ويواصل الحرب على غزة، اعتماداً على أن حق النقض الأمريكي سوف يحميه من أي عقوبات قد يقترحها البعض في مجلس الأمن لإلزامه بالانصياع لأمر المحكمة وتنفيذ القرار.

الاستنتاجات حول جلسات الاستماع في محكمة العدل الدولية

- القضية التي سيحاكم فيها الكيان الإسرائيلي بتهمة الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية "سوف تُسجل في التاريخ".

- اختيار الكيان الدفاع عن نفسه شخصياً أمام محكمة العدل يدلّ على خطورة الاتهامات والمخاطر الكبيرة لسمعته.

- من شأن صدور أمر مؤقت من محكمة العدل الدولية بوقف إطلاق النار أن يضع حلفاء الكيان الإسرائيلي وخاصة واشنطن في مأزق.

- متوقع إصدار المحكمة تدابير احترازية خلال أسابيع. في حال حدث هذا فإنه يعتبر انتصاراً حقيقياً، ويزيد الضغوط إقليمياً وعالمياً على الكيان الإسرائيلي، وسيجد حلفاؤه أنه من الصعب الاستمرار بدعمه، لأن محكمة العدل الدولية منبر قضائي قوي ولديها نفوذ كبير.

- ستنظر المحكمة في تثبيت الإدانة بجريمة الإبادة الجماعية في المرحلة المقبلة، والتي سيحاول الإسرائيلي فيها ضرب اختصاص المحكمة بعدم إمكانيتها النظر في جريمة الإبادة من حيث الشكل، ذلك أنها محكمة دول وليست محكمة أفراد وان النظر في هذا النوع من الجرائم هو من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

- دعوى الإبادة الجماعية ملزمة دولياً وليست قراراً استشارياً، مثلما حدث بقضية جدار الفصل العنصري بالضفة الغربية حيث كان رأيها آنذاك استشارياً.

- ما قدمه الفريق الإسرائيلي لا يصمد كثيراً أمام ما يحدث، لأن القانون الدولي يمنع الإبادة، ويمنع حرمان السكان من الماء والغذاء، وتعريضهم للموت.

- يواجه الكيان الإسرائيلي مأزقاً قانونياً كبيراً ولأول مرة يجد نفسه بقفص الاتهام وبعزلة دولية.

- المحكمة تعمل بالإجراءات، هي مبدئياً أعلنت اختصاصها بقبول الدعوى وتحديد جلسات استماع بعد ذلك، أي بعد الاستماع إلى الرد الإسرائيلي رُفعت الجلسة على أن تعلن قرارها. غالباً القرار سيكون بإرجاء الدعوى لأيام وربما أسابيع ثم تجلس وتعلن اتخاذ التدابير المؤقتة بقرار وقف الأعمال أي الإبادة في غزة (مبدئياً هذا ما سيحصل).

- إذا تقرر تحويل القرار إلى مجلس الأمن قد تعترضه الولايات المتحدة بحق النقض لكن مبدئيا ما هو مهم الآن أن قبول التدابير المؤقتة سيكون بمثابة "الإدانة لإسرائيل دولياً".

- عقدة الكيان الإسرائيلي الحقيقية في هذه الدعوى هي اتفاقية الإبادة الجماعية، يكفي أن تصدر التدابير المؤقتة لتثبت إدانته بجريمة الإبادة، وهذا سيضرب الكيان في الصميم، لأن هذه الاتفاقية معروف أنها أنشأت أثناء حصول ما سمي ب"محرقة اليهود الهولوكوست لحماية شعب إسرائيل".

- حاول الفريق الإسرائيلي اللعب على فكرة الإبادة الجماعية، والتركيز على أنّ المسؤولية تتحملها حركة حماس، ولكن هذا الدفاع يبدو ضعيفاً، لان العمل المسلح الذي تقوم به فصائل المقاومة لا يبرر حجم الجرائم التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي يومياً في غزة في حق المدنيين العزّل.

- المراوغة والتضليل في استخدام مصطلح الإبادة الجماعية، ومحاولة ضرب ما قدمته جنوب أفريقيا من شهادات وتصريحات وفيديوهات لمسؤولين سياسيين وعسكريين وضباط بالقول إن هذه التصريحات صادرة عن أشخاص أو أفراد لا يتحملون مسؤولية وهذا تبرير دفاعي ضعيف أيضاً.

بالمحصّلة، الحجج التي قُدمت من قِبل جنوب أفريقيا قوية جداً، وإصرار الكيان الإسرائيلي على مسألة الدفاع عن النفس ضعيفة، مع ثبوت انتهاكه لكل القواعد، وأهمها قاعدة التناسب في العمليات الحربية، وقاعدة التمييز، إضافة إلى محاولة فريق الدفاع ضرب الحجج الواقعية، ونية وقصد ارتكاب الإبادة الجماعية وهذا أيضاً موقف ضعيف، لأن التصريحات الرسمية التحريضية واضحة ومباشرة. من الجدير بالذكر، أنه في المطالب اعتمد فريق الادعاء لجنوب أفريقيا على تقارير المنظمات الإنسانية والإغاثية والتي تثبت الإبادة الجماعية. في المقابل، لم ينجح الاستعراض الإسرائيلي الضعيف والمربك في تبرئة ساحة الكيان ودفع الادعاءات.


المصدر: مركز دراسات غرب آسيا




روزنامة المحور