الثلاثاء 09 كانون الثاني , 2024 06:21

للمرة الأولى مخاوف إسرائيلية من محكمة العدل الدولية

رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا

في الدعوى المكونة من 84 صفحة، التي قدمتها جنوب أفريقيا إلى المحكمة  الجنائية الدولية يوم 29 كانون الأول الماضي، تشرح الأدلة المرفقة الوحشية التي تُرتكب في غزة، إضافة إلى طلب عاجل من المحكمة، التي تُعتبر أيضاً الهيئة الأممية لفض النزاعات بين الدول، أن تعلن سريعاً أن "إسرائيل خرقت التزاماتها بموجب القانون الدولي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي".

واتهمت جنوب أفريقيا "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، مشيرة إلى أن "إسرائيل قامت بأفعال محددة بقصد تدمير الفلسطينيين كمجموعة قومية وعنصرية وإثنية"، مما يشكل انتهاكاً للاتفاقية المتعلقة بالإبادة الجماعية. وأشارت في دعواها إلى أن "إسرائيل فشلت في منع الإبادة الجماعية وحرضت عليها"، ويدعو الطلب إلى "اتخاذ تدابير مؤقتة لحماية حقوق الفلسطينيين، وضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية".

إنها المرة الأولى التي تتقدم فيها دولة في العالم ضد الكيان المؤقت، بشكوى رسمية لدى محكمة العدل الدولية ونيابة عن دول أخرى، بوليفيا وجيبوتي وجزر القمر وبنغلادش.

نية الحضور الإسرائيلي إلى محكمة في لاهاي، على الرغم من الاحتجاج الداخلي على الشكوى المرفوعة ضده تعني:

- قبول واعتراف باختصاص محكمة العدل الدولية بالنظر في الشكوى.

- التخوف الإسرائيلي من تشبث محكمة العدل الدولية بحقها في النظر في الشكوى خاصة أنها تتعلق بمسألة من مسائل القانون الدولي، وتحقق في واقعة من الوقائع التي تعتبر خرقاً للالتزامات الدولية.

- محاولة إسرائيلية لرد الدعوى، أو احتوائها حتى لا يصدر عنها قرار سريع بموجب التدابير المؤقتة بوقف إطلاق النار في غزة وفق المادة 41 من نظامها الأساسي.

- إذا أقرت المحكمة بالنظر في الدعوى، فإن التدابير المؤقتة تصبح لها قوة ملزمة شأنها شأن الأحكام النهائية (المادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة).

- إذا صدر قرار من المحكمة يطالب "إسرائيل" بوقف إطلاق النار ووقف أعمال الإبادة الجماعية في غزة، ولا تمتثل لذلك القرار (المادة 53 من النظام الأساسي)، فهذا سيشكل ضغطاً وحصاراً دبلوماسياً ودولياً واسعاً على منظومتها السياسية والعسكرية، في ظل ما يرتكب يومياً من انتهاكات جسيمة وجرائم دولية في غزة.

 - الإرباك من ضعف المستندات والدفوعات الإسرائيلية أمام المحكمة، والتي ستواجه تعقيدات قانونية كبيرة في كيفية اقناع المحكمة برفض الشكوى ابتداءً، خاصة في ظل ثبوت حصول جرائم إبادة جماعية في غزة باعتراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية.

- بالتزامن مع التحرك الدولي أمام محكمة العدل الدولية، سارعت المحكمة العليا الإسرائيلية إلى إلغاء قانون "حجة المعقولية" في 1/1/2024، على رغم حالة الحرب (المرة الأولى التي يجتمع فيها كامل أعضاء هيئة المحكمة العليا الخمسة عشر).

- من خلفيات هذا الإجراء القانوني يتبين أنه محاولة لحماية الجنود والضباط وقادتهم في حربهم الوحشية على غزة.

- محاولة إسرائيلية لتعطيل مفاعيل تحرك محكمة العدل الدولية، التي تصبح قراراتها غير فعالة ضد "دولة يمتلك قضاؤها الصلاحية الأولى ولعل هذا التوصيف هو ما ستختبئ خلفه إسرائيل".

- إذا أجّلت المحكمة العليا النظر في الأمر إلى ما بعد الحرب، فإن الدفوع الإسرائيلية، من هذه الزاوية، ستسقط مباشرة كون المحكمة التنفيذية ومن خلفها السلطة التشريعية هي صاحبة القرار وليس السلطة القضائية. ويصبح حينها من واجب محكمة العدل الدولية لجم توغّل هذه الحكومة التي لا تخضع لسلطة قضائية داخلية.

- يزعم كيان الاحتلال أنه يتبنى مبدأ التكامل بين القضاء الداخلي والقضاء الدولي، والذي يشكل شرطاً مركزياً للإعفاء من المحاكم الدولية، كونه يمنح القضاء الداخلي الأولوية للنظر في الدعاوى الموجّهة ضد مواطنيه. وبالتالي يمكن أن تفقد محكمة العدل الدولية صلاحيتها في القيام بذلك.

يترقب العالم ما ستؤول إليه الجلسة المرتقبة في محكمة العدل الدولية في لاهاي يومي الخميس والجمعة المقبلين، وفي إطار الدعوى المرفوعة في هذا السياق، يقول المحامي الدولي في مجال حقوق الإنسان فرانسيس بويل، الذي فاز بطلبين في المحكمة، إنه "مؤمن بفوز جنوب أفريقيا في هذه القضية".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور